تجاوبت الحكومة بشكل إيجابي مع العديد من التعديلات التي تقدمت بها فرق الأغلبية و المعارضة على حد سواء، بالإضافة إلى اعتماد التعديلات التي تقدمت بها الحكومة نفسها . حيث بلغ مجموع هذه التعديلات حوالي 250 تعديل ، خلال الجلسة التي عقدتها لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب يوم الخميس 23 نونبر الجاري . وقد توجت المناقشات التي استمرت داخل هذه اللجنة،إلى الساعات الأولى من صبيحة يوم الجمعة ،بالمصادقة بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية 2013 المتعلق بالمداخيل . وكان رئيس اللجنة سعيد خيرون أكد في بداية الجلسة أن عدد التعديلات المقدمة مع مشروع القانون المكاتلي الحالي يعتبر الأعلى في تاريخ مشاريع قوانين المالية. وتوزعت هذه التعديلات على 58 تعديلا ،تقدمت بها فرق الأغلبية بشكل مشترك إلى 58 تعديلا ، وحوالي 192 تعديل تقدمت بها مكونات فرق المعارضة بشكل منفرد. وسجل الحاضرون بارتياح الأجواء الايجابية التي ميزت مناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية، انطلاقا من كون عدد مهم من التعديلات تمت المصادقة عليها بالإجماع ، وهو ما يؤكد رغبة الجميع في إخراج قانون مالي يراعي السياق الاقتصادي الوطني والإقليمي والدولي ، بالإضافة أن مجموعة من الاقتراحات تم تأجيلها لغاية انعقاد المناظرة الوطنية حول إصلاح النظام الجبائي المزمع تنظيمها في بداية السنة المقبلة. ونوه المتدخلون من الأغلبية والمعارضة بتجاوب الحكومة مع بعض التعديلاتها المهمة التي كانوا يتخوفون من عدم قبولها من قبل الحكومة، حيث شملت هذه التعديلات الميادين الاقتصادية والاجتماعية، من أهمها تقوية تنافسية النسيج المقاولاتي المغربي و تعزيز الشفافية وتحقيق العدالة الضريبية وتقوية التماسك الاجتماعي ودعم جاذبية المغرب في مجال الاستثمارات_ فضلا عن إخضاع بعض "مظاهر الرفاه" للضرائب من أجل ضمان مداخل قارة وإضافية للخزينة العامة، وهمت التعديلات أيضا، دعم المقاولات العاملة في مجال تصدير المنتجات والخدمات وبناء علاقات ثقة بين إدارة الضرائب والمستثمرين_ ودعم قطاع النقل وتشجيع السكن لفائدة الطبقات المتوسطة_ وتقوية التوجه الهادف إلى دعم العمل التعاوني والاقتصاد الاجتماعي _ وكذا دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة ودفعها لمزيد من الشفافية من خلال الرفع من رقم المعاملات الخاضع للسعر الضريبي 10 بالمائة إلى 300 ألف درهم عوض 200 ألف درهم. وقد أكد نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية أن الحكومة تفاعلت بشكل إيجابي جدا مع التعديلات التي تقدمت بها الأغلبية والمعارضة وأنه حصل توافق وإجماع على العديد منها، مبدرزا أن هذا التوجه يبرهن على أن هناك عملا جادا تقوم به الأغلبية والمعارضة من أجل تقوية وتطوير الاقتصاد الوطني ودعم الفئات المعوزة وتحسين ظروف عيش السكان، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة والطبقات المتوسطة_ فقد رفضتها الحكومة . وشكل إدراج العمليات المتعلقة بحسابات الخزينة التي يتم تدبيرها من طرف وزارة المالية ضمن مكونات ميزانية الدولة ابتداء من فاتح يناير 2015 ، أحد التعديلات البارزة التي تقدمت به الحكومة ، والذي صادقت عليه اللجنة بالإجماع ، ويهم هذا التعديل التكاليف والنفقات الناتجة عن العمليات التي لا ترتبط بتطبيق تشريع أو التزامات تعاقدية أو اتفاقيات دولية _ أو بأموال خصوصية موضوعة رهن إشارة الدولة أو بقروض ذات الأمدين القريب أو المتوسط_ أو بتدبير سندات صادرة لفائدة الدولة وكذا بمداخيل أو نفقات مؤقتة في انتظار التنزيل النهائي لها .وسيتم تحديد أحكام تطبيق هذه المادة بنص قانوني. وبررت الحكومة هذا التعديل بكونه يهدف إلى اعتماد منهجية تسعى إلى تأمين عمليات إدراج حسابات الخزينة ضمن مكونات ميزانية الدولة مع مراعاة خصوصية العمليات السالفة الذكر، والتي تستوجب معالجتها مباشرة تدبير مرحلة انتقالية من أجل الإدراج النهائي للحسابات المعنية بميزانية الدولة في أفق بداية سنة 2015_، بعد أخذ كل التدابير الكفيلة بتصفية العمليات المذكورة وفق الإجراءات التي سيتم تحديدها بمرسوم. وقد أوضح وزير الاقتصاد والمالية أن إدراج التكاليف والنفقات الناتجة عن العمليات المتعلقة بحسابات الخزينة التي يتم تدبيرها من طرف وزارة المالية ضمن مكونات ميزانية الدولة ابتداء من فاتح يناير 2015 ، يشكل قفزة نوعية في مجال إقرار الشفافية والحكامة.