تماسك قوي للأغلبية وتشتت المعارضة خلال جلسة المصادقة صادق مجلس النواب بالأغلبية المطلقة، عشية أول أمس الثلاثاء، على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2012، وينتظر أن يكون المجلس قد أنهى مناقشة الجزء الثاني من المشروع في جلسة أمس الأربعاء، وبالتالي المصادقة على المشروع برمته، قبل إحالته على مجلس المستشارين. وعرفت الجلسة العامة للتصويت على الجزء الأول من المشروع نقاشا حادا بين الأغلبية والمعارضة، حول بعض التعديلات، وصلت إلى حد استهجان بعد ردود الفعل التي تصدر عن بعض مكونات المعارضة، خصوصا أثناء رفض بعض التعديلات التي تتقدم بها، إلى درجة وصف بعض نواب الأغلبية ما يقع داخل الجلسة ب «الحلقة». وأمام الحضور المكثف لنواب فرق الأغلبية الذين عبروا عن انضباط قل مثيله، وجدت فرق المعارضة نفسها مدفوعة إلى ممارسة بعد المشاكسات في فرض التعديلات التي تقدمت بها، حينا، وإبداء بعض التهكم حيال المصادقة على تعديل من تعديلات الأغلبية، حينا آخر. الأدهى من هذا أن بعض مكونات المعارضة لم تكن تساند التعديلات التي تقدمت بها مكونات أخرى أثناء التصويت، وبدت أنها تدافع عن مقترحاتها منفردة وكل على حدة. وصادق المجلس على الجزء الأول من المشروع بأغلبية 138 صوتا، مقابل معارضة 36 وامتناع 12، وهذا ما يؤكد بجلاء تماسك الأغلبية وانضباطها للدفاع عن مشروع القانون المالي، بينما ظلت المعارضة مشتتة الصفوف. وجاءت الجلسة العامة للتصويت على الجزء الأول من المشروع نسخة مطابقة لما حدث أثناء المناقشة والتصويت داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية. وكان وزير الاقتصاد والمالية، نزار بركة، قد أكد في تعقيبه على تدخلات الفرق والمجموعات النيابية حول الجزء الأول من المشروع المتعلق بالمداخيل، في الجلسة الصباحية، أن مشروع قانون المالية لهذه السنة، يرتكز على نموذج اقتصادي واضح المعالم يقوم على تعزيز النمو الداخلي وتشجيع الاستثمار وتطوير آليات التضامن والحماية الاجتماعية. وأبرز نزار بركة أن البرنامج الحكومي أرسى أسس هذا النموذج الاقتصادي الجديد، والذي يرمي إلى تقوية الهوية وتحقيق المواطنة الكاملة٬ وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية لتحقيق تنمية متوازنة ومجتمع متضامن٬ وتحسين الحكامة حتى يصبح الإنفاق العمومي أكثر نجاعة ومردودية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي. وحسب وزير الاقتصاد والمالية فإن المشروع يرتكز أيضا على خلق فرص الشغل، وتأهيل العنصر البشري٬ وإرساء تنمية مندمجة متوازنة ومستدامة ذات بعد ترابي، من خلال تخصيص 20 مليار درهم للعالم القروي موزعة بين مختلف القطاعات المعنية من أجل توسيع ولوج الساكنة القروية إلى التجهيزات والخدمات الأساسية، وتحسين ظروف عيش الساكنة القروية٬ وتوسيع مجال تدخل «صندوق التنمية القروية» ليشمل العمليات الخاصة بتنمية المناطق الجبلية مع تعزيز إمكانياته المالية لتبلغ 1 مليار درهم برسم المشروع، مقابل 500 مليون درهم سابقا٬ فضلا عن رصد 1.53 مليار درهم في إطار برنامج استعجالي لدعم القطاع الفلاحي والعالم القروي عموما لمواجهة الانعكاسات السلبية لتأخر التساقطات المطرية. وفي انتظار المصادقة على مشروع القانون المالي، أوضح وزير الاقتصاد والمالية أن الحكومة بادرت إلى اتخاذ مجموعة من التدابير الاستباقية للحفاظ على جو الثقة وإعطاء إشارات قوية لكافة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وذلك من خلال٬ انطلاقة تعميم نظام المساعدة الطبية لتمكين الفئات الضعيفة والمستضعفة من ولوج الخدمات الصحية بالمجان، وفي إطار سياق مواجهة الانعكاسات السلبية لتأخر التساقطات المطرية على القطاع الفلاحي والعالم القروي، ذكر نزار بركة بالبرنامج الاستعجالي الذي وضعته الحكومة، وكذا منشور رئيس الحكومة الرامي إلى تفعيل ميثاق الممارسات الجيدة لحكامة المنشآت والمؤسسات العامة٬ وعرض نتائج عمليات التدقيق وتقييم إنجاز الشطر الأول من الشراكة بين القطاع العام والخاص حول الأراضي الفلاحية التابعة للملك الخاص للدولة٬ وإبرام اتفاقية الشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب من أجل توضيح الرؤية وترسيخ الشراكة والتعاون وبناء الثقة بين الفاعلين في القطاعين العام والخاص. وأكد وزير الاقتصاد والمالية، في تعقيبه على تدخلات الفرق والمجموعات النيابية، أن مشروع القانون المالي يتضمن الرفع من قيمة الاستثمارات العمومية إلى حوالي 188 مليار درهم، مقابل 167.3 مليار درهم السنة الماضية، وذلك من أجل إنعاش التشغيل وإعطاء دفعة قوية للأوراش الكبرى وإبراز أقطاب جهوية تنافسية، وتفعيل الإستراتيجيات القطاعية بهدف تنويع وتحديث البنيات الإنتاجية، وإحداث مناصب الشغل، وتعزيز قدرات المغرب التصديرية والتنافسية٬ وتعزيز جاذبية وتنافسية الاقتصاد الوطني، وتشجيع الاستثمارات٬ ومواكبة المقاولات الصغيرة والمتوسطة٬ وملاءمة التكوين مع حاجيات الإستراتيجيات القطاعية٬ فضلا عن تأهيل العنصر البشري. كما يتضمن مشروع قانون المالية تخصيص 13.2 مليار درهم لتطبيق ما تم الاتفاق عليه في إطار الحوار الاجتماعي، ورفع مستوى درعم المواد الأساسية، في إطار صندوق المقاصة إلى 46.5 مليار درهم. ومن المنتظر أن يكون مجلس النواب قد أنهى أمس، في ختام الدورة الاستثنائية التي خصصت للمناقشة والمصادقة على مشروع القانون المالي، التصويت والمصادقة على الجزء الثاني من مشروع القانون المالي، وهو الجزء المتعلق بالنفقات، وبالتالي المصادقة على المشروع برمته قبل أن يحال على مجلس المستشارين، في دورته الربيعية العادية التي تفتتح غدا الجمعة.