تجددت مسألة برنامج إجراءات تدابير الثقة، عشية انعقاد الاجتماع الثالث التقييمي لبرنامج إجراءات تدابير الثقة بين جبهة البوليساريو والمغرب بجنيف هذا الأسبوع، بمشاركة البلدين المراقبين الجزائر وموريتانيا بالإضافة إلى بعثة "المينورسو". وشكل موضوع تسييس جبهة البوليساريو لإجراءات هذا البرنامج أساس مداخلة مفوض الأممالمتحدة السامي لشؤون اللاجئين، "انطونيو غوتيريس"، إذ قال: "لا يوجد حل إنساني لمشكلة سياسية" وفي هذه العبارة دلالة الى محاولات البوليساريو ربح مكاسب سياسية لموقفها التفاوضي المنهار حول النزاع في الصحراء، عبر تسييس إجراءات تنفيذ برنامج تدبير الثقة. وكثيرا ما اتهمت البوليساريو منظمة غوث اللاجئين بالتواطؤ والانحياز للطرف المغربي حينا أو بالافتراء على السلطات المغربية بأنها ضايقت المستفيدين من الرحلة. ذلك لأنها تروم من خلال صرف نظر المفوضية عن التسريع بتفعيل التوصية الأممية المتعلقة بإجراء إحصاء ساكنة المخيمات. كما أن هذا الاجتماع التقييم لم تدعه البوليساريو من محاولة تسييس، إذ سارع وفدها المفوضية السامية بعدم وصول موظفيها إلى كل "المستفيدين بالصحراء"، وصفا إياها بأنها لا تلتزم ب "التطبيق الحرفي للإجراءات". وعلى الرغم من أن المفوضية الأممية أعلنت عن هذا البرنامج سنة 2004، إلا أنه ظل يعرقل بالمزايدات السياسية للبوليساريو، فتارة تريد من البرنامج تحقيق مكاسب سياسية عبر تحريض المستفيدين من نشطائها السياسيين لخرق بنود اتفاق البرنامج في سعي واضح لتسييس برنامج الزيارات العائلية، وتارة أخرى تتهم المفوضية بالانحياز للمغرب وتقرر وقف العمل بالبرنامج الانساني. واعتبارا لكل هذه التحديات، فضلا إلى تحديات أمنية منها انعدام الأمن بالمخيمات، فإن المفوضية السامية عمل على التقليص من العمل بالرحلات الجوية لتبادل الزيارات العائلية للصحراويين بين مخيمات تندوف والصحراء، ولذلك تحاول المفوضية إيجاد بديل آخر يؤدي إلى نفس الغاية، منها فتح نقاش مستدام بين الصحراويين لتدبير تصور للحل بعيدا عن التسيس الذي تقوم به البوليساريو بإيعاز جزائري. في هذا الإطار يأتي التزام المفوضية بإرسال بعثة تقنية قبل موعد اللقاء المقبل لدراسة الإمكانيات الميدانية لاستخدام شبكة المعلومات الدولية الانترنت والمكالمات الهاتفية والمراسلات عبر البريد في اتصال بين العائلات الصحراوية المقسمة منذ أزيد من ثلاثة عقود. وإن تكن رؤية برامج بناء الثقة تتناغم وسعي الأممالمتحدة بخصوص فتح نقاش مع الصحراويين لاستخلاص مداخل جديدة للحل، فإن رهان البرنامج تروم استفادة جميع الصحراويين منه، لاستثمار نتائج الالتقاء والتواصل المباشر وتبادل الآراء ولذلك تفكر الأممالمتحدة في إيجاد العديد من البدائل، ومنه تفعيل مشروع تنفيذ مقاهي الإنترنت كوسيلة للتواصل بين أفراد العائلات الصحراوية، وذلك لإنضاج نقاش سياسي يفضي إلى حل النزاع حول الصحراء. وعلى الرغم من قبول البوليساريو بإحياء برنامج بناء الثقة كما ورد في التقرير الأخير حول الصحراء، إلا أنه سيبقى تحت رحمة تسييسها، وذلك عن طريق إعلام البعثة بوجود مخاطر أمنية، أو التشويش على البرنامج بحملات إعلامية تقوض أي إمكانية لمناقشة الصحراويين مسارهم السياسي لتبقى الماسك الوحيد بحيثيات الملف، ولاسيما بعدما دعا تقريري بان كيمون حول الصحراء إلى إشراك الصحراويين من الداخل في المفاوضات. إذ تسعى المفوضية خلال هذا الاجتماع إلى تفعيل برنامج مقاهي الأنترنت، فلأنها تحاول تعويض تراجع وثيرة العمل ببرنامج تبادل الرحالات الجوية فيما بين الصحراء ومخيمات تندوف، وذلك لانعدام الأمن بالمخيمات ولتهديدات الجماعات الإرهابية في الساحل والصحراء، وهو ما دعا بالمفوضية إلى المخيمات وتأجيل الرحلات الجوية المجدولة من أجل الزيارات الأسرية. وكان التقرير الأخير لبان كيمون بشأن الصحراء قد كشف عن استحالة تفعيل توصية إحداث طريق بري للزيادة من حجم المستفيدين من برنامج تبادل الزيارات الأسرية من السمارة والعيون وإليهما بسبب عراقيل للبوليساريو والجزائر.