لم يتوقف الجدل الذي خلفه حكم قضائي أصدرته إحدى محاكم مدينة كولونيا الالمانية في يوليوز الماضي قضى بتجريم ختان الفتيان واعتباره "اعتداء جسديا" ، سواء في وسال الإعلام الألمانية أو في المؤسسات الدستورية والهيئات الحقوقية ، مخلفا ردود أفعال بين مؤيد له لكونه شعيرة دينية ومعارض من وجهة نظر "حقوقية وإنسانية". إلا أن المجلس الألماني للأخلاقيات وهو هيئة مستقلة تضم حكماء وعلماء ورجال دين وتتولى مناقشة قضايا تشغل بال المجتمع الألماني حسم الأمر أول أمس بالإجماع لصالح المسلمين واليهود المتضررين من قرار المنع بعد نقاش طويل وأخذ ورد. وأوصى المجلس الذي يعتقد أنه سيضع حدا لهذا السجال بالسماح بالختان الديني للفتيان دون السن القانونية لكن وفق شروط صارمة تؤكد "عدم التسبب في إيذاء الطفل أثناء عملية الختان". وشملت شروط السماح بالختان أيضا موافقة الوالدين و التقيد بتنفيذه بالإجراء المهني الطبي ثم حق الطفل في قبول أو رفض الختان وذلك حسب مستوى نموه وإدراكه للمسألة. وانطلقت فصول هذه القضية التي أثارت حفيظة المسلمين واليهود على حد سواء منذ شهرين بكولونيا وذلك بعد تعرض صبي مسلم إلى نزيف حاد أثناء عملية الختان اضطرت معه العائلة إلى أخذه إلى المستشفى. وكانت جمعيات تمثل الجالية المغربية المقيمة بالتراب الألماني قد ناشدت في أكثر من مناسبة السلطات الألمانية لتفهم الدواعي الدينية لعملية الختان ، إلا أن هذه الأخيرة ظلت تتحفظ على هذا المطلب لاعتبارات حقوقية . وتطورت الأحداث إلى أن صارت قضية كل مكونات المجتمع الألماني حيث أبدى جزء منه تفهما للمشكل واعتبره قضية دينية فيما أبدى جزء آخر رفضه لها لاعتباؤها "تدخل في تغيير جزء من جسم إنسان إلى الأبد وهو لا يستطيع التعبير عن نفسه" وقد يحدد لا حقا انتماءه الديني . وإثر ذلك أصدر البرلمان الالماني (البوندستاغ) الشهر الماضي قرارا غير ملزم يطلب من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل طرح مشروع قانون "يضمن استمرار السماح بإجراء عمليات الختان للفتيان بطرق طبية فعالة_ دون التسبب في آلام غير ضرورية بالنسبة لهم".