لايزال مصير النقل الحضري بمدينة الرباط، وسلا أيضا مجهولا على بعد سنتين من انتهاء أشغال تهيئة ضفتي أبي رقراق. فقد كان المؤمل أن يواكب النقل الحضري بالعاصمة طفرة التحول في مجال النقل عموما حين تم اعتماد مشروع الميترو، وذلك قصد تجاوز المشاكل اليومية التي يعانيها المواطنون بمجرد الوقوف أمام محطة للحافلة. وقبل استعراض هذه المشاكل، يصح أولا التساؤل عن أسباب تأخر تفويت النقل الحضري الى شركة وحيدة كما قررت ذلك ولاية الرباط وسلا بتنسيق مع مجلس المدينة، وهو القرار الذي فجر مواجهات بين شركات النقل بلغت حد تهشيم زجاج الحافلات وتبادل الضرب بين المستخدمين، مما يؤكد أن القطاع يعيش مشاكل حقيقية تتجاوز حتى السلطة المحلية. وقد كانت الرغبة المعلن عنها قبل سنة هو تفويت القطاع الى شركة أجنبية لضمان خدمات في مستوى الصورة التي ستطبع مدينتي الرباط وسلا بعد 2010، تلك الإرادة التي دفعت بعض الشركات الحالية الى تعزيز أسطولها بحافلات جديدة واختيار حلة جديدة متعددة الألوان لتعزيز ملفها لدى لجنة البت في ملفات صفقة التفويت وقيام شركات بضم أخرى قصد اكتساح ما أمكن من الخطوط. إلا أن الملاحظ هواقتناء حافلات صغيرة الحجم لا تتجاوز مقاعدها الثلاثين ولا تضع في حسابها النمو الديمغرافي مما يجعل المواطنين أمام معاناة الاكتظاظ ومخاطر النشل. ولا بد في هذا الإطار وبمناسبة الحديث عن حاضر ومستقبل النقل الحضري أن نتعرض للماضي من خلال ملف الوكالة المستقلة للنقل الحضري بالرباط وسلا والتي أجهز عليها سوء التدبير والاستهتار بالأموال العمومية، وفي هذا السياق فقد عاد المستخدمون إلى مقر هذه الوكالة قبل أيام رافعين لافتات المطالبة بتسوية كل الحقوق بعد أشهر من قرار توقيف خدمات هذه الوكالة وتولي مجلس المدينة صرف مستحقات المستخدمين. وعودة إلى المشاكل الحالية للنقل الحضري، فهناك حاليا هياكل تقل حتى ثلاثة أضعاف حمولتها من الركاب مكانها الطبيعي مستودع الخردة (لافيراي)، لأن سقوفها مهترئة قد نال منها الصدأ وزجاج نوافذها مهمش كليا، وحالتها الميكانيكية وإطاراتها المطاطية مثيرة للقلق تضع حياة الركاب في خطر. أما المعاناة مع انتظار الحافلة فهي لاتنتهي إذ يضطر البعض الى انتظار الحافلة حتى نصف ساعة، فيما تقطع بعض الحافلات المسافة بين خط الانطلاق وخط الوصول في ساعة كاملة. وإذا كان المستثمرون الأجانب يتحسبون عند الاستثمار لكل شيء بما في ذلك الطرق والسكك فإن هذا الاختلال الزمني كفيل بدوره أن يساهم في تغيير وجهة الاستثمار.