أعلن المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) السيد عبد العزيز بن عثمان التويجري، اليوم الثلاثاء، أن وفدا من المنظمة سيتوجه الأسبوع المقبل إلى باماكو ليتباحث مع السلطات المالية حول إمكانية التنسيق للتعرف على حجم الأضرار الذي تعرض له تراث مدينة تومبكتو. وأوضح السيد التويجري، خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر الإيسيسكو بالرباط، أن وفد المنظمة سيقوم، أيضا، بزيارة عدد من الدول الإفريقية المعنية بالملف، وذلك في أعقاب أعمال الهدم والتخريب التي طالت المعالم التراثية الإسلامية في شمال جمهورية مالي. واعتبر أن تخريب المعالم التراثية في مدينة تومبكتو، الذي أقدمت عليه الجماعات الإسلامية المتشددة، "لا ينسجم مع ما تحث عليه تعاليم الإسلام السمحة"، مشيرا إلى أن التعامل مع "المخالفات الشرعية"، وإن وجدت، يكون بالمنهج النبوي الذي يقوم على الحكمة والموعظة الحسنة، وليس عبر الهدم والتخويف. وعبر السيد التويجري عن رفض المنظمة للتدخل العسكري في شمال مالي، مبرزا أن من شأن ذلك أن يوفر ذريعة للمتشددين لتدمير ما تبقى من مساجد ومباني ومخطوطات مدينة تمبوكتو، والتي تصنف ضمن لائحة التراث العالمي. واقترح في هذا الصدد، إيفاد لجنة من العلماء المسلمين إلى جمهورية مالي، توفر لها المنظمة كل التسهيلات، لإجراء لقاء مع الجماعات الإسلامية المسيطرة على شمال البلاد لثنيها عن ارتكاب مثل هذه الممارسات، وليؤكدوا لها أن "هذه الآثار حافظ عليها المسلمون الذين تعاقبوا على المدينة منذ القدم". وعبر السيد التويجري عن أسفه لكون ما حدث في شمال مالي يسيئ إلى سمعة الإسلام، ويصور المسلمين على أنهم جماعات بدائية تفصل بين خلافاتها عن طريق العنف والقتل والتدمير. وأشار إلى أنه اجتمع مع المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) السيدة بوكوفا إيرينا، وأطلعته على نتائج عمل الفريق الفني الذي أرسلته اليونسكو لتقصي الحقائق حول واقع التراث الثقافي في جمهورية مالي، وخاصة في مدينة تمبوكتو. وبهذه المناسبة، استعرض السيد التويجري صفحات من تاريخ تمبوكتو التي تأسست في أوائل القرن الخامس الهجري(القرن الحادي عشر الميلادي)، وسارت منذ ذلك التاريخ ملتقى وبوتقة لإسلام ذي روافد عربية وأمازيغية وإفريقية. وأضاف أن المدينة تتوفر على عدد من المعالم الإسلامية المهمة، وعلى رأسها الجامع الكبير بتمبكتو (مسجد جينغاربير) الذي يعتبر أكبر مساجد بمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء وأقدمها. وتم خلال نفس المؤتمر الصحفي، عرض فيلم وثائقي يبرز التنوع العرقي والثقافي في جمهورية مالي، والأهمية البالغة للتراث الذي تزخر به. وكانت جماعات إسلامية متشددة تسيطر على شمال جمهورية مالي، قد أقدمت نهاية يونيو المنصرم وبداية الشهر الجاري، على تدمير عدد من المعالم الإسلامية بمدينة تمبوكتو التاريخية، وهو ما أثار العديد من ردود الفعل المنددة بهذه الممارسات والداعية إلى التحرك بشكل فوري للحفاظ على هذه المآثر المصنفة تراثا عالميا.