دقت تصريحات الوزير في حكومة الاحتلال الصهيوني المدعو ''سيلفان شالوم'' من جديد ناقوس مطامع الاحتلال الغاصب في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، التي بات مسجدها الإبراهيمي على سلم أولويات التهويد. بالموازاة مع ذلك، أقدم مستوطنون صهاينة على إحراق كنيسة في القدسالمحتلة وإتلاف محتوياتها، مما يؤشر على أن المغتصبين نقلوا معركتهم مع الفلسطينيين إلى طور آخر أشد حساسية وإيلاما ألا وهو العقائد والمقدسات وأماكن العبادات، في حين طالبت السلطة الفلسطينية في رام الله بموقف دولي لوقف حرب المستوطنين على الشعب الفلسطيني ومقدساته. ونقلت وسائل إعلام فلسطينية مختلفة، وإن كانت محدودة، تصريحات خطيرة لشالوم الذي افتتح قبل أقل من شهر بناء مدرسة لقطعان المستوطنين في قلب المدينة، قوله الجمعة الماضي تعليقا على قرار اليونسكو إبطال ضم الحرم إلى ''التراث اليهودي'' بالقول: ''سنبقى في الخليل حتى الأبد ولن نخرج منها، والحرم الإبراهيمي ملك لليهود''. مخطط مدينة للمستوطنين ويشغل الإرهابي الصهيوني ''شالوم''، الذي ينتمي لحزب الليكود، منصب نائب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، وهو ما أعطى تصريحاته أهمية كبيرة حول المخطط الصهيوني الذي يستهدف مدينة الخليل على طريق تحويلها إلى مدينة مستوطنين. وكانت منظمة الثقافة والعلوم ''اليونسكو'' التابعة للأمم المتحدة قد أقرت في اجتماع لها ليلة (الخميس الجمعة الماضيين) بأن ما يطلق عليه الصهاينة ''قبة راحيل'' هو مسجد بلال ابن رياح في بيت لحم، وأن الحرم الإبراهيمي للمسلمين. وأكد الاجتماع إلى أن أي عمل تقوم به سلطات الاحتلال الصهيوني في الأماكن الأثرية والتاريخية الفلسطينية مخالف للقانون الدولي، كما تقرر أيضا إرسال خبراء من المنظمة الدولية إلى القدس لإعداد تقارير حول الانتهاكات الصهيونية في المسجد الأقصى. واعتبرت قرار الاحتلال الصهيوني ضم أكثر من مائة موقع أثري بينها الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح (قبة راحيل) إلى قائمة الآثار التراثية اليهودية باطل قانوناً. وحسب قرار اليونسكو، فإن أي عمل تقوم به سلطات الاحتلال الصهيوني في الأماكن الأثرية والتاريخية في المناطق الفلسطينيةالمحتلة مخالف للقانون الدولي. غضب صهيوني هذا الأمر أثار غضب عصابة الكيان الغاصب التي وصفته أنه ''غير منطقي وسخيف لأنه لا يعقل الفصل بين اليهود وموروث الثقافي وأماكنهم المقدسة منذ أكثر من 4 ألف عام'' على حد زعمه الإرهابي نتنياهو. وأعلنت رفضها قرار المنظمة الأممية وأنها ''ستواصل الحفاظ على هذه الأماكن كأماكن يهودية، ولن تزيلها من قائمة الأماكن الأثرية لليهود''. وعارض سفير الولاياتالمتحدة اتخاذ القرار الذي يؤكد أن مسجد بلال والحرم الإبراهيمي هما للمسلمين فقط. كما تبنى المجلس تفعيل تطبيق القرارات السابقة الصادرة عن القدس والتقرير الخاص بإعادة إعمار قطاع غزة والحفريات بمنحدر باب المغاربة بالقدس القديمة وتطبيق القرارات المتعلقة بالمؤسسات التعليمية والثقافية في الأراضي العربية المحتلة. وأمام كل الإجماع العالمي الذي أقر بإسلامية حرم الخليل ومسجد بلال في بيت لحم، عارضت الإدارة الأمريكية خلال التصويت، مما زاد من التأكيد أنها ليست طرفا محايدا، كما تريد الأطراف العربية الرسمية الموصومة ب''الاعتدال'' أن تسوقها إعلاميا، بل داعما رئيسيا لإجرامه وغطرسته وعنجهيته ومخططاته التهويدية. واعتبر حاخام حائط البراق شموئيل رابينوفيتش القرار الأممي ''فضيحة''. وادعى بالقول ''لم يزعم أحد من قبل أن الأمر يتعلق بمكان مقدس للمسلمين. ولكن المنظمة المسؤولة عن التراث جعلت من التراث ألعوبة سياسية، وزورت التاريخ، ولذلك على إسرائيل أن تقرر بشأن استمرار التعاون معها'' وفق اتهاماته. ترحيب وإشادة فلسطينية أما فلسطينياً، فأشاد وزير الثقافة في حكومة إسماعيل هنية أسامة العيسوي، خلال رسالة وجهها إلى مدير عام منظمة اليونسكو إيرينا بوكوفا؛ ''بالموقف الحازم للمنظمة الدولية بدعم ومساندة الحقوق الفلسطينية التاريخية في خطوة رافضة لسياسة الاحتلال التي تسعى لتزييف الحقائق وطمس المعالم والآثار الفلسطينية الراسخة عبر التاريخ''. وشدد العيسوي بحسب موقع ''فلسطين الآن'' على ضرورة الحفاظ على تراث ومقدرات الشعب الفلسطيني وتثبيت ذلك في المحافل الدولية والعربية لردع الاحتلال ومنعه من المضي في مخططاته التهويدية الساعية لتغيير الواقع الفلسطيني وسلب معالمه وآثاره. كما دعا العيسوي المنظمة الدولية ''إلى ضرورة وضع الآثار والمعالم التراثية الفلسطينية وخاصة المسجد الأقصى المبارك ضمن قائمة التراث العالمي''، معرباً عن أمله أن ''تمارس اليونسكو مزيداً من الضغط وتحمل المسؤولية لصون المعالم والآثار الإسلامية والمسيحية في فلسطين''. وثمَّن وزير الأوقاف والشؤون الدينية ورئيس لجنة القدس، في حكومة هنية، الدكتور طالب أبو شعر القرارات الإيجابية التي اتخذتها منظمة اليونسكو المتعلقة بالآثار الإسلامية بالضفة الغربيةالمحتلة ''بما في ذلك قرارات منصفة تقضي بأن المساجد الفلسطينية هي مساجد إسلامية وغير قابلة للتهويد بأي شكل من الأشكال، إضافةً إلى تأكيدها الأمثل بأن الاحتلال يجري وينفذ حفريات أثرية أسفل المسجد الأقصى المبارك دون أي فائدة أو مبرر يشرع له القيام بذلك''. وطالب د.أبو شعر ''كافة المنظمات والهيئات والمؤسسات العربية والإسلامية والدولية بأن تحذو حذو هذه المنظمة على اعتبار أنها أقرت بسياسة الاحتلال غير المشروعة واحتجاجها على ممارساته ودعمها للمقدسات الإسلامية ودعوتها الجادة للاحتلال بضرورة شطب الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم من تراثهم اليهودي المنحرف''. وأثنى على قرار اليونسكو الداعي إلى تعيين مندوبين لمتابعة الانتهاكات الصهيونية بحق تلك المقدسات، مبدياً إعجابه الشديد بإصرار اليونسكو وعزمها الشديد على موقفها دون أن تحسب حساب لعواقب هذه القرارات التي وصفها الوزير بالمسؤولة والجديرة بالاحترام والتقدير. رد المستوطنين بالحرق في غضون ذلك، لم يطل رد قطعان المستوطنين كثيرا، حيث قاموا بإحراق كنيسة في شارع الأنبياء في مدينة القدس، ليلة الجمعة. واستنكر زكريا المشرقي أحد الرعاة في الكنيسة هذه الجريمة، وقال إنها تهدف إلى زعزعة العلاقة بين الأديان السماوية وإثارة الفتن بين رجال الدين في المدينة وطرد الفلسطينيين وابتزازهم من قبل عناصر متطرفة، في ظل الاعتداءات المتكررة على المواطنين وممتلكاتهم. وأضاف أن هذه الكنيسة قديمة جدا منذ عام ,1897 وكانت عبارة عن مبنى لكلية فلسطين للكتاب المقدس حتى عام ,1948 حيث تم تهجير كل العاملين فيها إلى البلدة القديمة بعد النكبة الفلسطينية حتى أعيد تأهيلها في عام .1967 وأوضح المشرقي أن المعلومات الأولية تشير إلى أن مجموعة من المستوطنين المتطرفين كسرت النافذة الخلفية للكنيسة المكونة من طابقين، وألقت زجاجات حارقة أدت إلى حرق الطابق الأرضي بكافة محتوياته. وأكد المشرقي ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الأماكن المقدسة والمواطنين الفلسطينيين في مدينة القدس، مشددا على ضرورة نبذ العنف واستخدام لغة الحوار بين الأديان. ونددت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات بالجريمة الخطيرة التي ارتكبها المغتصبون الصهاينة. وحذرت من أن إحراق هذه الكنيسة ''مؤشر خطير على استمرار سياسة استهداف المقدسات في الأراضي الفلسطينية، وتوسيع دائرة الاستهداف لتشمل الكنائس اضافة الى المساجد''. وبينت الهيئة، في بيان صادر عنها، أول أمس، أن ''جميع المقدسات المسيحية والإسلامية في فلسطين، باتت مهددة بشكل مباشر ولم تعد أماكن العبادة والرموز الدينية للمسلمين والمسيحيين على حد سواء آمنة في ظل الاحتلال''، وقالت: ''ليس صدفة أن يتم حرق عدد من المساجد كان آخرها مسجد الأنبياء واليوم الكنيسة بشارع الأنبياء بالقدسالغربية. وأضافت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات: ''إن ارتكاب هذه الجريمة السبت يدل على وجود فتاوى دينية تقف وراء انتهاك حرمة السبت في سبيل النيل من مقدسات العرب، تماماً كما افتى هؤلاء الحاخامات بجواز الزنا للمرأة اليهودية في سبيل النيل من الأعداء!''. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية عن المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة قوله ''إن هذه الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين على الأماكن الدينية المسيحية والإسلامية، دليل على همجية ووحشية المستوطنين الذين يمارسون الإرهاب بأبشع صوره تحت بصر وسمع قوات الاحتلال الإسرائيلي''.