الدعوة القوية التي أطلقها الأخ الأستاذ عباس الفاسي للتحلي باليقظة وللحرص على التعبئة من أجل الحفاظ على وحدة الصف لمواجهة الخصوم الذين سعوا دائمًا إلى محاربة حزب الاستقلال وعملوا على مدى أكثر من ستين سنة على محاربته بشتى الوسائل، جاءت في الوقت المناسب لتدق ناقوس الخطر الذي يحدق ببلادنا على أكثر من صعيد، من خلال التحرك المشبوه الذي تقوم به بعض الجهات لبث روح اليأس والإحباط، وللتشكيك في المكاسب التي تحققت، ولإثارة الفوضى في الأفكار والارتباك في التحليلات والغموض في السياسات، على النحو الذي يؤدي إلى إضعاف الجبهة الداخلية، وإلى الفت ّ في عضد المناضلين والمناضلات من أجل تحقيق الأهداف الوطنية التي تنشد النهوض بالمغرب، وترسيخ القواعد للدولة الحديثة القوية، ولبناء المجتمع المتضامن القادر على مواجهة التحديات وصنع الانتصارات في جميع المجالات. إن الدعوة إلى التحلّي باليقظة، في هذه المرحلة التي يمرّ بها الوطن، ترمي إلى التنبّه لما تعرفه بلادنا من تحوّلات لا تسير جميعُها في الاتجاه الصحيح، ولما تشهده من ظروف دقيقة تتطلب التعامل معها بقدر كبير من الوعي المستنير، ومن الإحساس العميق بالمسؤولية، ومن التقدير الدقيق لحسابات الربح والخسارة، من منطلق الحرص على المصلحة الوطنية العليا وإيثارها على أي مصلحة أخرى، باعتبار أن الوطن فوق الجميع، وأن الأولوية في النضال تكون للوطن. ولذلك كان التأكيد على ضرورة اليقظة الشاملة الواعية في التعامل مع الواقع المثقل بالتحديات والمحاصر بالمخاطر، تأكيدًا ينمّ عن المستوى العالي من الوعي الوطني، والدرجة القصوى من الفهم الرشيد لماجريات الأحداث، وللتعقيدات التي تطبع المرحلة الراهنة على المستويات كافة. ومن أجل أن تكون اليقظة الوطنية النضالية فاعلة ومؤثرة ومنفتحة على أبعد مدى، يتوجّب أن يكون الصف الوطني موحدًا ومحصنًا ضد المؤثرات السلبية والعوامل السالبة لعناصر القوة والتماسك. ومن هنا كانت الدعوة إلى التعبئة التي أطلقها الأخ الأستاذ عباس الفاسي، منسجمة تمامًا مع الدعوة إلى اليقظة، في مواجهة الصعوبات التي تعترض سبيل المناضلين والمناضلات في حزب الاستقلال، بل تعترض سبيل كل مواطن يعمل من أجل بلاده ويجعل خدمة الوطن في طليعة الأهداف التي يسعى لتحقيقها؛ لأن حجم المخاطر وضراوة المعركة التي يتعيّن خوضها في المرحلة الحالية وفي المراحل المقبلة، لا سبيل إلى مواجهتهما، وبما يلزم من قوة وصمود وثبات وشجاعة، إلا َّ بوحدة الصف، وبوحدة الهدف، وبوحدة العقيدة النضالية، وبقوة الديمقراطية، وبروح الشفافية، وبتفعيل مبدأي المساءلة والمحاسبة، سواء داخل صفوف الحزب، أو على الصعيد الوطني بصفة عامة. ذلك أن الأحزاب القوية القادرة على الاضطلاع بالمهام الوطنية التي تتصدَّى لها، إنما تستمد قوتها وصلابتها وتماسك صفوفها، من الديمقراطية، ومن الشفافية، ومن الربط بين المسؤولية والمحاسبة في جميع مستويات القيادة. تلك هي الرؤية الناضجة المستوعبة لجميع أطراف المشهد السياسي، التي يعتمدها حزب الاستقلال، والتي أكد عليها المؤتمر العام السادس عشر، معبرًا بذلك عن الاقتناع المشترك بين الاستقلاليين والاستقلاليات الذي هو العروة الوثقى التي لا انفصام لها. فحزب الاستقلال حزب قويٌّ راسخ القواعد منفتح على العصر، يستشرف المستقبل من دون أن يصرف انتباهه عن استلهام الماضي وبناء الحاضر، لأن المستقبل يبدأ الآن. فباليقظة والتعبئة معًا، نواجه التحديات ونبني المستقبل بحزب مناضل قوي ومتماسك ذي قاعدة راسخة وجبهة صلبة، يعبر عن إرادة الشعب، ويستمسك بالثوابت ويتشبث بالمقدسات، في تلازم وتكامل وانسجام مع الأخذ بأحدث المناهج الديمقراطية، لبناء الدولة الحديثة القوية والقادرة التي تحقق للشعوب مطالبها وتحترم حقوقها وتحمي مصالحها. وتلك هي السبيل التي يسلكها حزب الاستقلال من أجل تحقيق الأهداف الوطنية السامية في النهضة والتقدم والازدهار، وفي القوة والمناعة والقدرة على مواجهة كل الاحتمالات، ومن أجل وطن حر، أبيّ، عزيز، قويّ، ومواطنين أحرار، أباة، أعزة، أقوياء.