احتضن مقر البرلمان الأربعاء الماضي يوما دراسيا حول النظام الداخلي لمجلس النواب تحت شعار »أي نظام داخلي لتحسين الأداء البرلماني والتنزيل الديمقراطي الدستوري« عرف مشاركة عدد من الخبراء المغاربة والأجانب الذين قدموا مداخل للتجارب الأمريكية والفرنسية والبريطانية . وقال كريم غلاب رئيس مجلس النواب إن هذا اليوم الدراسي ينظم تحت إشراف لجنة مراجعة النظام الداخلي التي تتضمن رئيس مجلس النواب ورؤساء الفرق والمجموعات النيابية ورؤساء اللجن الدائمة الثمانية وأعضاء المكتب وذلك بتنسيق مع مختلف الأجهزة المماثلة على مستوى مجلس المستشارين قصد بلورة تصورات وأفكار دقيقة وعملية، مضيفا أن اليوم الدراسي ارتأى الانفتاح على كل الفعاليات والمؤسسات بما فيها المجتمع المدني والإعلام والجامعة والخبراء الأجانب والمغاربة وموظفي الدواوين بالوزارات وأطر البرلمان . وعبر رؤساء الفرق البرلمانية تباعا عن عدد من المقترحات المتصلة بتجويد الأداء البرلماني من ضمنها ضرورة أن يجيب النظام الداخلي عن كيفية مساهمة المجتمع المدني في التشريع وتوفير الوثائق والملفات التي تخول للبرلماني الرصيد المعرفي والمعلوماتي وآليات ووسائل العمل المادية، وكذا إلحاحية أن يعكس النظام الداخلي روح الدستور فيما يخص فصل السلط والعلاقة بين المؤسسات وتعزيز الحريات والحقوق والارتقاء بالصورة الإيجابية للمؤسسة التشريعية التي تقطع الصور النمطية وخطاب العدمية . ودعا المتدخلون إلى ضرورة التفكير في تجاوز رتابة الأسئلة الشفوية وتكرارها في المجلس الواحد والمجلسين وتفعيل لجن التقصي ، موازاة مع ضمان الاستقلالية المالية للبرلمان وتوظيف النخب المؤهلة والأطر الكفؤة في الإدارة، وتهيئة الفضاءات بمجلس النواب لتوفير أجواء العمل الملائمة لأعضائه . إثر ذلك توزع البرلمانيون على الورشات الموضوعاتية الثمانية للتواصل مع الخبراء المغاربة والأجانب، وفي هذا الإطار قدمت كيت إيمس من مجلس العموم البريطاني ضمن ورشة تطوير وظيفة المراقبة البرلمانية موجزا عن الأسئلة الكتابية والشفوية في المؤسسة البريطانية قائلة إنها تتمحور حول السياسات العمومية وتبحث عن المعلومات أو تحث القطاعات الحكومية على القيام بإجراءات ولا تبحث عن الآراء أو القضايا الجهوية التي تدخل ضمن اختصاص عمداء المدن . كما أن الأسئلة لا يجب أن تتمحور حول قضايا محالة على القضاء، بينما يمنح السؤال الكتابي فرصة للبرلماني لتناول عدد من القضايا والملفات وعدم الاقتصار علي موضوع واحد . وفيما يخص اللجن فهي تهتم بالسياسات الوزارية وكل لجنة لها طاقم خاص بها، بينما هناك لجن مستقلة تتكلف بالتشريع، واللجن كلها تعد تقارير تنشر في المواقع الالكترونية قصد تعميم مضامينها . وفيما يخص التواصل مع رئيس الوزراء فقد أوضحت أن هذا الأخير يخصص نصف ساعة كل أربعاء لتقديم التوضيحات المطلوبة من البرلمانيين . واعتبر بول راندكويست مستشار سابق في الشؤون البرلمانية بالكونغريس الأمريكي أن الرؤية بعينين أفضل من الرؤية بعين واحدة مختزلا في هذا دفاعه عن الثنائية البرلمانية التي لها ميزات مهمة، حيث أكد أن الغرفتين في أمريكا لايعملان كوحدتين في جسد واحد . وقدم بعض الخصائص في هذا النظام البرلماني حيث قال من الممكن تقديم قانون واحد من طرف شخصين في هذا المجلس وذاك والشروع في مناقشته بشكل منفصل وذلك ربحا للوقت، وهناك أطر منسقة بين المجلسين تواكب سير المناقشات والحرص على إيجاد أرضية موحدة لمسارها . وأضاف أنه في الوقت الذي تعيش فيه بعض البرلمانات لعبة تنس الطاولة عبر تصويت غرفة على قانون ثم تقوم الأخرى بتعديله وإرجاعه للقراءة الثانية والتصويت من جديد فإن النظام الأمريكي ينص على تشكيل لجنة التفاوض في حال تنازع حول تشريع ما لربح الوقت وتجاوز نقط النزاع . وعبر في الختام عن رأيه فيما يخص فعالية البرلمان قائلا إنها لاتعني السرعة في تمرير القوانين لأن ذلك قد يتسبب في تمرير ثغرات بل الفعالية تكمن في إصدار تشريعات جيدة لها أثر مجتمعي وامتداد زمني ولو كلفها ذلك الوقت . وقدم الدكتور الحبيب الدقاق في إطار ورشة الثنائية المؤسساتية قراءة في مضامين الدستور وعلاقتها بنظام الغرفتين مشيرا إلى أنه يتعين إعداد نظامين داخليين برؤية فردية يتوخى اللاتنازع في الاختصاصات، ويستخصر المستجدات الدستورية وخاصة رجحان كفة مجلس النواب وتقليص صلاحية مجلس المستشارين وتوسيع الاختصاصات على مستوى القوانين التنظيمية التي بلغت 31، مؤكدا أن هناك 50 فصلا في الدستور ينبغي إدراج مضمونها في النظام الداخلي، فيما قدم تعليقات على القرارات التي صدرت من المجلس الدستوري بشأن النظامين الداخليين للنواب والمستشارين منذ 1994 وبلغت في مجملها 15 قرارا . يذكر أن الورشات الأخرى تمحورت حول حقوق المعارضة والدبلوماسية البرلمانية وعلاقة البرلمان بالمؤسسات .