أنت خريج المعهد العالي للفن والتنشيط الثقافي، كيف تقيم الوضع قبل وبعد التخرج؟ > قبل أن أتخرج من المعهد في سنة 2000، كان لدي تصور بسيط على مدى الارتجالية والعشوائية التي يسير بها الشأن الثقافي والفني بالمغرب، لكن بعد التخرج كان المشهد صادما، ومع ذلك كونت مساري الفني بقدراتي الذاتية، فبعد مسيرة ثمان سنوات لم أحصل على بطاقة الفنان، والمسؤول عن توزيع البطائق هي وزارة الثقافة والمعهد تابع لها، وحسب اعتقادي فإن الدراسة لوحدها كافية لتخول لك الحق في الحصول على بطاقة الفنان. ودور المعهد هل ينتهي عند التخرج؟ هل تصدق أن المعهد معزول عن الساحة الفنية، وواجبه أن يكون صلة وصل بين الطالب والوسط الفني، وأن يستثمر علاقاته في خدمة الخريجين ويفرض «كوطا» على وزارة الثقافة لتدعيمهم، ويساهم في تثبيت مسارهم الفني، عوض اعتبارهم كأبناء عاقين، وأظن أن المعهد مسؤول عن فشل أي طالب، لأنه هو الذي اختاره وقام بتكوينه، ويجب أن يراهن عليه لأن هناك من ترك كلية الطب ومعهد الإعلام ومدرسة المهندسين. كيف تنظر لمستوى التكوين في المعهد؟ > صحيح أن المعهد يكون أطرا عليا من ممثلين وسينوغرافيين، لكن عليه أن يعزز برامجه حسب ضرورات السوق الفنية، فهو مطالب بتدريس التمثيل أمام الكاميرا، لأن السوق المتوفرة الآن هي السينما أو التلفزيون والأداء على خشبة المسرح مختلف تماما عن اللعب أمام الكاميرا، وعليه أيضا أن يدرس اللغة الانجليزية، لأن جل الأفلام الأجنبية التي تصور بالمغرب باللغة الإنجليزية تقريبا، لكن ما يسيء إلى المعهد هو العقلية التي يسير بها، فعندما يأتي مخرج ما إلى المعهد، يفكر ألف مرة قبل أن يطرق بابه، لأنهم يتعاملون معه كأن المعهد مقاطعة إدارية. وهذا يدل على إنغلاقه وتقوقعه على نفسه. أول مابدأت به في مسارك الفني هو المسرح، لماذا؟ > المسرح هو عشقي الأول، وهو يختلف عن التلفزيون، في المسرح يختارك الجمهور ويتفاعل معك في تلك اللحظة، ويعبر عن شعوره، وتكون ردود أفعاله آنية، يدخل معك بوجدانه وبروحه، وفي صمته تحس أنك امتلكته، وأنك قادر على التغيير من خلال خشبة المسرح. هل تؤمن أن المسرح له القدرة على التغيير؟ > طبعا، انظر إلى تاريخ المسرح العالمي، وما أحدثه المسرح من تغييرات في مجتمعات الاتحاد السوفياتي سابقا وأوربا الشرقية وحتى فرنسا. فالثورة الطلابية خرجت من رحم المسرح، بمعنى أن المسرح يمكن أن يحقق ثورة القيم منها (القيم الجمالية، قيم المواطنة، تخليق الحياة السياسية).. أما هنا في المغرب فآخر انشغالات الدولة هو المسرح، ولا يعطى له أدنى اعتبار. لنعد الى السينما والتلفزيون. كيف تنظر للدراما المغربية؟ > لقد قدمت من الممارسة المهنية. وفي هذه المرحلة القصيرة تعاملت مع مجموعة من المخرجين. ووجدت كم هو صعب أن تتعامل مع مخرجين لايحترمون أعمالهم، فهم دائما يصورون الدراما البئيسة والمشوهة لصورة المغرب، هل ضروري أن نصور الواقع كما هو الجمهور يريد صورا جميلة، لذا فهو يتوجه الى الدراما المصرية أو السورية أو حتى التركية مؤخرا، لوجود حبكة الصراع والجمالية الشاعرية، وممثلين شباب لماذا لايراهنون على الجيل الجديد، هناك مبدعون شباب لهم إمكانيات عالية لكنهم مهمشون، انظر الى المصريين، كيف خلقوا سينما خاصة بالشباب، ونجحوا في ذلك وأتقنوا أعمالهم فاستقطبوا جمهورا واسعا، فأعمالهم كانت مضبوطة ومحترمة. هذا يعني وجود اصطدام بين جيلين؟ > بل هو اصطدام بين عقليتين، فالعقلية التي يدبرها الشأن الثقافي عقلية متقادمة تكرس الذوق الواحد، والقطب الواحد، ويريدون مسرحا يشبههم ودراما حسب أهوائهم، لذا فهم يقصون جميع التجارب، كان عليهم على الأقل أن يؤمنوا بالتعدد والاختلاف، والمغرب في هذه المرحلة يعرف انفتاحا على الثقافة الكونية، وقد قطعنا أشواطا في ذلك، فلماذا يريدون العودة بالمسرح المغربي الى الوراء؟ في نظرك، كيف يمكن تقويم المسار الثقافي والفني بالمغرب؟ > تريد الصراحة، يجب أن ترسل رسالة شديدة اللهجة مثل التي أرسلت الى المناظرة الوطنية للرياضة، ووصفت فيها هذه الأخيرة بالارتجالية، والتدهور حيث اتخذها بعض المتطفلين معنية للارتزاق ولأغراض شخصية، كذلك الشأن بالنسبة للوضع الثقافي ، فأنا أحس بأني مغربي في شيئين اثنين في الفن والرياضة، أي عندما أشاهد فيلما مغربيا مشرفا أو يريح المنتخب المغربي لكرة القدم أشعر بوطنيتي وأفتخر بها.