حوار مع السينوغراف المغربي يوسف العرقوبي حواره : التهامي بورخيص كيف كانت البدايات؟ كانت البداية بمكناس حيث ، درست التشكيل والذي يعتبر أول خطوة في المجال الفني، لكنني عرجت لسنتين على الجامعة قبل أن التحق بالمعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي بالرباط، والذي أعتبره الانطلاقة الحقيقية في المجال المسرحي والسينوغرافيا بالخصوص، وإذا أردنا تعريف هذه الاخيرة فهي تمثل باختصار شديد كل الاقتراحات التي تتاح للمخرج والممثل وتعطي للنص بعده المرئي، كما تفتح المجال للمتفرج لإدراك أبعادها الوظيفية والدلالية والجمالية. كيف كانت الدراسة بالمعهد؟ لا أخفي عليك، فدراستي بالمعهد كانت ممتعة جدا، ولأول مرة أحس بذاتي، ربما لطبيعة المواد المدروسة والتي كانت تتكامل مع نفسها، مما يجعلك تضع أولى خطواتك في الاحتراف بشكل علمي وممنهج ، فالمعهد أعتبره مثل سوق ممتاز فني تدخله بعربتك وتتسوق لمدة أربع سنوات، في الأخير تكشف لنفسك قدرتك على مدى اقتنائك للأشياء والمعارف والكم الثقافي الذي ستحتاجه في المستقبل. هناك من يقول إن الدراسة في المعهد لاترقى الى المستوى المطلوب مقارنة مع البلدان العربية، هل هذا صحيح؟ بالنسبة لي، كل طالب وله تجربته في المعهد. وكما قلت قبل قليل المعهد مثل سوق فني، وعليك أن تأخذ ما تحتاجه، ولن تجد أي مؤسسة كاملة 100% إن أربع سنوات غيركافية لأن تلم بكل الحركات المسرحية. لكن الاساسي هو مدى إمكانية تعويض النقص وهذا لايتأتى إلا بالبحث والاشتغال المتواصل، كما أجد الممارسة هي التكوين الحقيقي فعلا ثمة انتقادات من أساتذة جامعيين ونقاد للمعهد. فأكبر جواب لهؤلاء هو أن أغلبية الجوائز في المهرجان الوطني للمسرح تعود للخريجين وللمقارنة بين المعهد المغربي والمعاهد العربية، فقد زرت مصر وتونس، وليس هناك اختلاف كبير في طبيعة المواد بل يجب أن نفتخر بمعهدنا المغربي، لقد قام بتكوين لحد الآن ثلاثة أجيال هم الآن نجوم السينما والمسرح الوطني. هل يمكن أن تتحدث لنا عن الواقع المسرحي بعد التخرج؟ لقد تذكرت الآن خطاب الوزير السابق محمد الاشعري، في إحدى حفلات التخرج حيث قال إنه إذا كان سيقدم هدية بمعنى (الوظيفة) ستكون هدية مسمومة، بالمقابل سيهيء لجميع الخريجين ظروف الاشتغال لكي يستمروا كفنانين مع صون كرامتهم وضمان الحد الادنى من مصروفهم اليومي. هذا الخطاب أعجبني، لأن المكتب فعلا يقتل المبدع والابداع. من هذا الجانب حاولت فرض نفسي بجدية العمل وجودته ونجحت، فقد حصلت على العديد من الجوائز في المسرح، واشتغلت في الكثير من الافلام، حتى أصبح لي مكانا بين الأسماء الفنية المغربية. واختياري في لجنة الدعم دليل على صدق ما أقول، لكن في نهاية المطاف أحس بنفسي غير محمي، فأنا أقامر وأغامر بمستقبلي، ليس بمعنى أني غير قادر على العيش، ولكن أحس وكأنني مهدد دائما بالمخاطر تصور مثلا أني مرضت، فمن يعيلني. خطاب الاشعري جميل لكن كان عليه أن يضمن مدخول قار ليشتغل الفنان وهو مرتاح في هذا الميدان الصعب جدا. بما أنك في لجنة الدعم المسرحي، كيف ترى وضعية الفرق المسرحية والمشاكل التي تتخبط فيها؟ أطالب دائما الفرق بأن تكون واعية وناضجة بما فيه الكفاية لكسب حقوقها، لأن فلسفة الدعم جميلة. فهي على الاقل تعطي للفرق الحق بالاشتغال كل سنة. وهذه نقطة إيجابية لكن ظروف العمل قاسية فالدعم قليل وجد متواضع، ونحن كلجنة نطبق القانون الرسمي على أساس أن تتوفر في الفرق الجدية والجودة والاحترافية، فالوزارة تدعم ب 60%، وعلى الفرق البحث عن موارد أخرى، لكن الذي لايؤخذ بعين الاعتبار هو الممثل، بمعنى أن الدعم يقدم تعويضات للمؤلف والسينوغراف والمخرج والموسيقى ومصمم الملابس الا تعويضات الممثل، لهذا تراه يشتغل في عدة أعمال مسرحية حتى يستطيع توفير احتياجاته الضرورية، تصور مثلا أن يتزامن عرضان يشتغل الممثل فيهما معا، بينما الصواب هو أن يشتغل في عمل واحد ويعوض جيدا، لذا يجب على الفرق أن يتوفر عندها النضج الكافي وتطالب بتعويضات الممثلين على غرار باقي الطاقم الفني والتقني، لأنها تمتهن مهنة شريفة ونبيلة وعليهم أن يكونوا في مستوى هذا التشريف ويدافعوا عن حقوقهم، وأن نتعلم أيضا كيف نحترم الميدان الذي نشتغل فيه مع حضور المهنية والاحترافية. هل يمكن أن تتحدث لنا عن تجربتك في مسلسل الغريب للمخرجة ليلى التريكي؟ تجربتي الجديدة في مسلسل الغريب جميلة جدا، والاجمل فيها هو أن الديكورات التي أشتغل عليها من وحي الخيال، لأن الحقبة التاريخية للمسلسل غير معروفة، وبالتالي فنحن نخلق ديكورات تتماشى مع طبيعة المسلسل، وأشكر المخرجة ليلى التريكي على الحرية التي منحتني إياها وعلى الثقة التي وضعتها في، وأظن أن هذا المسلسل سيكون نقطة تحول في الدراما المغربية، لأن المخرجة ليلى التريكي والفنان البروازي راهنا بكثير من التحدي لانجاح هذا العمل الضخم رغم قلة كلفة الانتاج مما استدعى تضحيات من الطاقم الفني والتقني، الذي انبنى منذ البداية على أساس الوضوح والتوافق.