بتسلمه مهامه كوزير للتربية الوطنية سيجد الأستاذ محمد الوفا أمامه العديد من الملفات التي تنتظر التدخل العاجل، ووضع مبضعه على مواطن الخلل التي كثيرا ما اشتكى منها الممارسون والفاعلون والتنظيمات النقابة والجمعيات الموازية و الأسر المغربية عموما، وفي مقدمة الملفات الاسترجاع التدريجي لثقة هذه المكونات في المدرسة العمومية المغربية عن طريق بلورة أنوية صلبة لشركاء الإصلاح والتغيير، ومد جسور التواصل بين مختلف الفاعلين، مع جعل العلاقة بينهم تتسم بالديمومة والإستمرارية، ونسج وتثمين الروابط الاجتماعية بين مختلف المجتمع المدرسي ومحيطه بغية مأسسة هذه العلاقة وتحويلها إلى شراكة و اندماج فعلي وحقيقي مجسد على ارض الواقع اعتمادا على عمل مسؤول وجاد، مع ضرورة ترسيخ القناعة بكون بناء مدرسة الغد هو مسؤولية جماعية مشتركة ينبغي أن يمارسها كل واحد بالمسؤولية التي يفرضها عليه موقعه. تأمين الزمن المدرسي ملف آخر تعددت مقارباته وكثر تجريبه بعدد من الأكاديميات ولكن النتائج كانت شبه صفرية مما يستدعي مجهودا أكثر عن طريق تغيير كيفية التعامل معه ، وتحسين أساليب تدبيره، بما يضمن استفادة المتعلم من زمن التعلم كاملا وبشكل امثل مع الحفاظ على حقوق المدرس.تأمين الزمن المدرسي مرتبط بمحاربة الهدر والانقطاع عن الدراسة وهو الآفة التي ما فتئت تتفاقم في تعليمنا وتزداد نسبها بشكل مهول سنة بعد أخرى، فالمعالجة الكلاسيكية السابقة أثبتت فشلها،لا بد من الاشتغال على آليات لرصد المتعلمين الأكثر عرضة لخطر الانقطاع أو الهدر المدرسي ، وذلك بإرساء آليات مرجعية وطنية لتوقع مثل هذه الحالات بمختلف محدداتها ، من أجل وضع التدابير الوقائية اللازمة للحد منها ومحاربتها. ويبقى ملف الحكامة وتكافؤ الفرص وتدبير المنظومة وطنيا ، جهويا ، محليا، وعلى صعيد المؤسسات، من الملفات الثقيلة والتي فشلت الإدارة السابقة في الارتقاء بها ، والكل يتذكر طريقة تعيين مديري الأكاديميات وإعفائهم ، وطريقة تعين النواب خصوصا ما تم خلال أبريل 2010، وجعل نقابات مختلفة تصدر بيانات تستنكر فيها طريقة التعيين رغم إصدار الوزارة المذكرة رقم 03/10 التي تنظم عملية التباري على مناصب النيابة و “تحدد شروط هذا التباري في مرحلتين: مرحلة أولى يتم فيها انتقاء المرشحين بناء على نهج السيرة ورسالة الحوافز التي يتقدم بها، ومرحلة ثانية يعرض فيها المعني بالأمر مشروعه الشخصي في النيابة التي يختارها”.غير أن تعيين19 نائبا جديدا لم يحترم هذا المعيار، إذ تم “تعيين أسماء في نيابات لم تتبارى عليها أصلا، وفي جهات لا تنتمي إليها وهو ما يدفع لمساءلة مفهوم “اللاتمركز” الذي تعتمده الوزارة في بلاغاتها المتكررة. بل إن جهات بعينها وعلى الرغم من وفرة الترشيحات المقدمة بها لم يُحتفظ ولو باسم واحد منها في إطار عملية التعيينات”. ومن نتائج هذا الإجراء و التي لا زالت المنظومة تؤدي ثمنه حتى اليوم الأداء المتذبذب جدا للكثير ممن تم تعيينهم، إن على مستوى القطب البيداغوجي أو قطب الحكامة والموارد البشرية أو قطب تعميم التمدرس، وهو ما عكسه التباين الواضح في الانجاز والأداء والتنفيذ إذ تراوحت النسب ما بين 0 في المائة و60 في المائة حسب طبيعة المشروع ومدبريه وجهته، سواء تعلق الأمر بميزانية الاستغلال أو الاستثمار، مع ظهور العديد من الاختلالات التدبيرية والمالية والمرفقية المرصودة داخل القطاع سواء من طرف أبناء الدار أي الفرق المركزية والجهوية أو من طرف المجلس الأعلى للحسابات. ملف آخر لا يقل أهمية عن سابقيه وهو ملف تحسين جودة الحياة المدرسية بعد ما اختفت قيم التسامح وحب الآخر من بعض المؤسسات وحل محلها التعصب وتبخيس الذات ، وتحول محيط المؤسسات التعليمية إلى ملاذ للمتشردين ولترويج حبوب الهلوسة ، وتحول داخل المؤسسة إلى حلبة لتبادل العنف بين المتعلمين بل ولم يسلم منه المدرسون أنفسهم في حالات كثيرة. إخراج مشروع الهيكلة الجديدة للأكاديميات والنيابات التابعة لها والذي لا زال في ثلاجة الوزارة منذ أكثر من سنة، من الملفات التي تنتظر تأشير الوزير الجديد ، مع ما يستلزمه ذلك من إعادة النظر في قانون 00.07 المنظم للأكاديميات وتحيين النظام الداخلي للمجلس الإداري لضبط التدابير اللازمة لسيره، وتحديد دور أعضائه، وتدقيق مهام اللجن المنبثقة عنه، لتمكينه من القيام باختصاصاته كمؤسسة للتدبير الديموقراطي والتشاركي للشأن التربوي الجهوي خصوصا وبلادنا مقبلة على فتح ورش الجهوية. إمكانية حل هذه الملفات وغيرها وتنمية التربية والتعليم ممكنة جدا وواعدة، ولا تقف عند حدود الأهداف والمتمنيات، بقدر ما تستند إلى مؤشرات حقيقية وهي خبرة الأستاذ محمد الوفا ومؤهلاته الفعلية بإمكانية التقدم، بفضل تضافر الجهود، فقد جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين : القسم الأول ، ص 15 "يقتضي إصلاح نظام التربية والتكوين عملا ذا بعد زمني عميق يندرج ضمن السيرورة التاريخية لتقدم البلاد ورقيها، ويتطلب الحزم وطول النفس، والاستماتة في السعي لبلوغ الغايات المرسومة.وعليه فإن كل القوى الحية للبلادحكومة وبرلمانا وجماعات محليةن وأحزابا سياسية ومنظمات نقابيةومهنية، وجمعيات وإدارات ترابية، وعلاماء ومثقفين وفنانين، والشركاء المعنين كافة بقطاع التربية والتكوين، مدعوة لمواصلة الجهد الجماعي من أجل تحقيق أهداف إصلاح التربية والتكوين".