...من بين المطالب الأساسية للمحامين لتطوير مقتضيات ظهير 1993 المنظم لمهنة المحاماة لتجاوز محدودية أساليب العمل المنظمة بمقتضاه، إضافة إلى أسلوب جديد للعمل هو »نظام الشركات المهنية للمحاماة» ، وبقدر ما كان هذا المطلب حاجة مهنية ملحة للمحامين المغاربة وضرورة وطنية للأعداد لمواجهة أساليب العمل المهنية الدولية أمام مخاطر آثار الاتفاقية الدولية لعولمة الخدمات المقرر دخولها حيز التنفيذ سنة 2015 وكذا لمخاطر و إكراهات اتفاقية عولمة الاقتصاد والتبادل التجاري الحر المنتظر دخولها حيز التنفيذ سنة 2010 فإن القانون الجديد للمحاماة لسنة 2008 المنتظر صدوره بالجريدة الرسمية بعد موافقة مجلس المستشارين خلال شهر يوليوز 2008 على الصيغة التي صادق عليها مجلس النواب دون أي تعديل، وبمنطق تأشيرة المرور للنشر بالجريدة الرسمية رغم تنظيم عدة ندوات وأيام دراسية من طرف المعنيين والمهتمين أبانت خلاصاتها عن قصور ومحدودية النص والتصورات الواردة به وكونه بقي حبيس الفكر التقليدي في النظرة للمحاماة وأدوارها وأساليب العمل المعمول بها وطنيا ودوليا في ممارستها . ورغم قوة ووجاهة الانتقادات والملاحظات التى واكبت عرض مقترح القانون المنظم للمهنة أساسا سواء أثناء عرضه ومناقشاته أمام مجلس النواب، أو أمام مجلس المستشارين فإن المخاطب اعتمد أسلوب « لاعين رأت ولا أذن سمعت « ليصدر القانون الجديد القديم ويفرد للشركات المهنية لممارسة المحاماة قانونا خاصا تحت عنوان: ( قانون تنظيم الشركات المدنية المهنية للمحاماة) وهو قانونا يمكن إجمال التقييم العام له بالقول إنه تضمن التفافا وتمويها غيرمقبول على مطلب إحداث نظام جديد للممارسة الجماعية المنظمة للمحامين المغاربة بشكل يخفف من وطأة الأساليب الجاري بها العمل حاليا وتجاوز ما يعانيه الكثيرون واقعيا وما يهدد كيان المحاماة في المغرب بشكل عام. تمرير مقترح القانون دون مناقشات حقيقية مرر القانون المنظم للشركات المهنية للمحامين في كثير الضبابية لعدة أسباب كان من بينهما تقديمه كمقترح قانون مستقل عن مقترح القانون المنظم لمهنة المحاماة الذي تضمن من الموضوعات ما اثار حفيظة المهتمين الذين واجهوا بعض مضامينه بقوة، ومجهودات علمية وفكرية ذهب أغلبها سدى أمام الإصرار على تمريره، ومررمعه مقترح قانون آخر ذو أهمية قصوي يتعلق ب (الشركات المدنية المهنية للمحاماة) وكان بدوره واحدا من المطالب الأساسية التي كان يجب أن يحظى بالعناية والاهتمام أكثر ليس من طرف المحامين وحدهم، ولكن من طرف كل الجهات المعنية بالشأن العام الوطني، خصوصا أنه يجب أن يكون قانونا تأسيسيا لمرحلة جديدة في النظرة للمحاماة وممارستها في المغرب، مع استحضار ما يتطلبه واقع الخدمات والاستثمار وتنوع المعاملات الجديدة ، وكمساهمة أولية في تسليط بعض الضوء على هذا الموضوع الأساسي - الشركة المهنية للمحاماة اخصص هذا الجزء من الموضوع لإبراز ملامح عامة لهذا القانون عسى أن يهب المعنيون بمقتضياته من محامين وغيرهم في تناوله بالتحليل والدراسة ليعاد طرق أبواب المشرع مجددا لعله هذه المرة يسمع ويجيب . القانون الجديد يكرس أسلوبا قديما بتسمية جديدة كان المطلوب والمطالب به هو إضافة أسلوب جديد لأساليب العمل الجاري بها العمل من قبيل أساليب : المساكنة ، المشاركة ، المساعدة ..... ولكل أسلوب قواعده وآثاره وسلبياته، كان يمكن تجاوز الكثير منها من خلال أسلوب جديد يتم التأسيس له بالقانون هو أسلوب الشركة المهنية للمحاماة بمايعنيه أسلوب الشركة من خلق وتأسيس شخصية معنوية اعتبارية مستقلة عن الشخص الطبيعي الذي يكون وجوده من خلال أسهمه وحصصه ومساهماته المهنية بالأساس. لكن القانون الجديد بدلا من ذلك وبصفة إجمالية أضاف تسمية أسلوب الشركة المهنية لكن بمضامين أسلوب « المشاركة « الذي أبقى عليه، وتوضيح ذلك يمكن من خلال قراءة متأنية لمواد من هذا القانون منها : المادة 1: ينظم هذا القانون الشركات المدنية المهنية للمحاماة المنشأة قصد ممارسة المهنة وفقا لأحكام القانون المنظم لها. تحمل هذه الشركات اسم الشركات المدنية المهنية للمحاماة، ويشار إليها في هذا القانون «بالشركة». المادة 2: « يجب أن يكون كل الشركاء في الشركة محامين مسجلين في جدول نفس الهيئة. لا يجوز للمحامين الشركاء أن يمثلوا أطرافا لها مصالح متعارضة كما لا يمكنهم ممارسة مهامهم إلا في إطار نفس الشركة و في مكتب واحد. ومن خلال ما جاء في المادتين أعلاه من أنه : يجب أن يكون كل الشركاء في الشركة محامين مسجلين في جدول نفس الهيئة . لا يمكنهم ممارسة مهامهم الا في إطار نفس الشركة وفي مكتب واحد، أي بشكل يؤكد حصر الشركة المهنية بين المحامين المنتمين لنفس الهيئة، فهو مجرد تأكيد لنظام المشاركة بين المحامين المنتمين لنفس الهيئة الذي أقره ظهير 1993وكذا القانون الجديد نفسه وهو أسلوب أبان عن محدوديته ، سواء من حيث عدد المحامين الذين يلجأ ون للمشاركة أو من حيث استمرار المشاركة بين عدد جد محدود من المحامين ( اثنين إلى أربعة على أكبر تحديد عادة ) . الشركات المهنية للمحاماة حاجة ملحة وضرورة وطنية / مقترح للمناقشة : لتجاوز الصيغة المقيدة جدا الوارة في المادة الثانية أعلاه اقترح أن يكون تعديلها بفتح باب تأسيس الشركة المهنية للمحاماة بالمغرب فيوجه كل المحامين المقيدين بمختلف جداول هيآت المحامين مما يستوجب تعديل عبارة (نفس الهيئة ). وبذلك نرى أن تكون صياغة الفقرة الأولى من المادة الثانية كما يلي : ( يجب أن يكون كل الشركاء في الشركة محامين مسجلين في جدول احدى هيآت المحامين ) . (ويمكن لكل واحد من الشركاء أن يكون له مكتبه الخاص في نفوذ الهيئة التي قيد بجدولها ). وبهذه الصيغة يمكن ضمان انفتاح المحامين المغاربة المنتمين لمختلف الهيآت على بعضهم البعض وتحقيق التعاون والتشارك فيما بينهم من خلال شركة ذات شخصية معنوية اعتبارية دون أن يستوجب ذلك بالضرورة إلغاء شخصيتهم الذاتية في مجتمع مازالت تحكمه ثقافة التركيز على شخص المحامي بدلا من ثقافة المؤسسة التي تفرض بعض المعاملات الجديدة وبعض الفاعلين الاقتصاديين الدوليين أو الوطنيين التقيد بها ، وهو أسلوب يمكن كذلك أن يستوعب عددا كبيرا من المحامين قد لا يكونون بالضرورة مساهمين ومشاركين في الشركة مادامت هذه الأخيرة ستوفر لهم ظروفا مريحة للعمل ماديا ومعنويا تغنيهم عن أسلوب المعاناة المنفردة مع التحملات الباهضة للعمل المنفرد من قبيل : (كراء مكتب مناسب لممارسة المهنة واجور المستخدمين و الغرائب ومصاريف تسير المكتب ...) . والأهم من ذلك إيجاد حل منصف لوضعية المحامين المساعدين الذين يقضون أكثر من عشر سنوات أحيانا في مكتب محام ولا تكون لهم أية حقوق عليه لأن القانون لا يمتعهم حتى بصفة الأجراء في حين أن العمل في شركة مهنية للمحاماة ذات شخصية معنوية سيقوى من ضماناتهم وضمانات أسرهم ويرفع عنهم وعن أصحاب المكاتب أنفسهم كل حرج مفروض باسم الأعراف والتقاليد المتجاوزة . أما القيود الوارد في الجزء الثاني من الفقرة الثانية من نفس المادة تحت عبارة( في مكتب واحد) فإنها تشكل إفراغا للفقرة الأولى نفسها من كل مضمون وتؤكد عدم استحضار واقع العصر في كثير من مستجداته من قبيل الاتصال والتواصل بمختلف الوسائل الحديثة وكون الاهتمام يجب أن ينصب على الجانب المعرفي وتنوع التخصصات وجودة الخدمات . كما أن قيد « و في مكتب واحد» لا يفسح المجال ولو انتقاليا لأصحاب المكاتب الممارسين بشكل منفرد أو في إطار نظام المشاركة الحالي بأية مبادرة للانتقال لتجربة الأسلوب الجديد ، ( القديم) لأن على الراغبين في ذلك التخلي عن مكاتبهم الحالية والمجازفة في إطار أسلوب جديد .....؟؟ وإذا أعرض هذا الموضوع من هذه الزاوية فإنني آمل أن تنكب الاهتمامات والتصورات على التأسيس لأساليب جديدة انجع، يكون مقبولا وواقعيا ليرى نظام الشركات المهنية للمحاماة الوجود الواقعي الميداني بدلا من أسلوب إقرار تشريعات تولد على صفحات الجريدة الرسمية ثم تقبر في أرشيفاتها وتعاد دوامة المناقشات وإعادة المناقشات من المشرع المحترم ....