كومبارس تَهالكتْ سنابلُ عافيتِه، وشَعر بشَبح مِنجل الحِمام يحوم حول سوقِها. للانْتفاء غيْمة تَهْمي على شمْس البَصيرةِ فتَعْمى عن كل جميل. يمُجّ كل لذيذ كأنّما له نكْهة النّزْع. يغْفو على الضَّجَر ويصحو على التبَرُّم. سألََه ابنُه إنْ كان يَعِزُّ عليه وداعَ الحياة. فردّ عليه:» الموتُ نهاية كلّ مَخلوقٍ يا ولدي. لكنّني أخشى أن تُصْبِحوا دون مُعيلٍٍ من بعْدي. - استغفر الله قولَك هذا يا أبي !لَقَد قَََضى جدّي، ولمّا تَتفَتّح زهرةُ الربيع العاشر للبِكْر منكم، وها قَد بلَغتُم ما بلغتم..استدار نَحو الحائطِ. حزّ في نفسه عَدمُ شعورهم بِضَرورة وجُوده. تمنّى لو أُسْدلَ ستارُ مسرحية كانَ يلعب فوق خشبتها دورَ «الكومْبارس» الطّريدَةُ بِمِرْفَقَيْنِ كَجَناحَيّ نَوْرَسٍ تَمْخُرُ عُبابَ الزِّحام . ظَبْيَةٌ مُسْتَنْفَرَةٌ، أشْعَرها حَدْسُها المُسْتَفَزُّ أنّها مُراقَبَةٌ، فَفَزّتْ. حَثَّ الخَطْو. التَفَتَتْ. تعَثّرَتْ فتَخاصَمَ تَحْتَ الْمِشَدِّ عثاكيلُها . تلَكّأ. في شِبْهِ هَرْوَلَةٍ، دَلَفَتْ إلى زُقاقٍ تَوسّدَ صَمْتَهُ وتَلَحّفَ أحْلامَ الأطْفال. أشهَرَ ما شَحَذَ الغَرَثُ منْ غَرائزِه حينَما رآها تَسيرُ نَحْوَ الْخِوانِ الذي بَسَطَهُ لِوَجْبَةٍ مُحْتَمَلَةٍ. حاصَرَهاَ في الرَّدْبِ. في قَفْزَةٍ ذِئْبيّةٍ، انْقَضَّ ليَخْنُقَ أوّلَ صَرْخَةِ اسْتِغاثَةٍ قَدْ تُجْبِرُهُ على الفِرارِ خاويَ الوِفاضِ... أحَسَّ بِلَمساتٍ دافِئَةٍ، فاسْتَفاقَ. هَرَبَ الْكَلْبُ الذي كانَ يَلْعَقُ جِراحهُ. كُل أعْضائِهِ تُؤْلِمُهُ. لَمْلَمَ جَسَدَهُ وأدْلَقَ قَهْقَهَةً منْ ماءِ إعْجابِهِ . هَوى مَشْبوبٌ وهو يقصِدُ خيمةََ المدْعوين، رصدْتها عَيناه كَلبُؤةٍ طّريدتَها.. حلْحلَ مظْهرُها أفنانَ نزْوته القديمة، فقرّر أن تكون له.. خاصَر القوسُ الكمنجة حتىّ ناحتْ فاستناحتِْ، وقطَف الدفُّ كرْكرةً من غصون الأكفّ، فانخرطوا جميعا في رقصة على إيقاع الدربكة .. لما اطمأنّ إلى أنّهم في ركْح النشوة، انسلّ من الحفل بخطى ذيبٍ غرثٍ .. مال نحوها، و باحترافية الحمّالين، ألقاها فوق كتفيه وقصَد الخَلاءَ.. أنزلها بتَؤدّة .. أشْعل القدّاحة ليتأمّلها، فطوّقته بِِضِرامِها .. الوصْفة/التّميمة رجع عند الطّبيب بعد شهر من زيارته الأولى. بعدما فحصه بدقّّّّة أخبرَه أنّه شُفي. فسأله مُشيرا إلى الوصفة التي كان ما زال يعلّقها بعنقه:»وماذا أفعل بهذه ؟..» اشتعلَتْ في حدائق عينيهِ حرائق الدّهشة. أدْرك أنّ الإيمان شُعبة من شُعَب العلاج فردّ مبتسما:» ارْمها .. لقد انتهت صلاحيتُها يوم شُفيتَ «