في سابقة لم تشهدها مخيمات الاحتجاز بتند وف، ولم يسمع لها هناك مثيل، صرخ طفل لم يتجاوز 11 سنة، صبيحة يوم السبت المنصرم من أمام مقر مفوضية غوث اللاجئين بالرابوني، مناديا برفع الحيف الذي شرذم وصال أسرته، وأبعده عنوة عن والده ومعيلهم الوحيد، المناضل مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، قرابة سنة ونصف في صمت مطبق للمنتظم الدولي وإعلامه، وتجاهل واضح للمفوضية السامية لغوث اللاجئين لاعتصام والده وحقوق أسرته، فصاح هذا الابن المجروح، بلهفة المكلوم" أيها العالم .. أريد أبي". فجأة جعله الإحساس بالظلم و الشوق لوالده الذي طال غيابه، يسبق سنه بكثير، ليبلغ سن الرجال، ويهجر عالمه الطفولي وعالم "أليس للغرائب" ليدخل قلعة فرسان التغيير في مخيمات لحمادة، حاملا بدل السيف، لافتة سطر عليها ابسط حقوقه المهضومة، والتي تنص عليها اتفاقية حماية حقوق الطفل لسنة1989 في المادة 54 وهي الحق في المشاركة الكاملة في الأسرة أو تلك المنصوص عليها في اتفاقية الدولية لسنة 1990 لحماية حقوق أسرهم. تراكمات لانتهاكات عدة، عاشها وعايشها الطفل محمد مصطفى سلمى، المزداد بأرض لحمادة، جعلته ينتفض اليوم، مطالبا بعودة والده نيابة عن باقي إخوته، معلنا عن سطوع نجم اصغر مناضل يفجر غضب الأطفال هناك بالمخيمات، وحقوقي اختار قسرا استئناف الموسم الدراسي من أمام مقر المفوضية السامية لغوث اللاجئين بالرابوني، فانضم للاعتصام جنبا إلى جنب، الفنان الناجم علال، الرجل الذي غنى لوالده قبل شهر، فجرمت البوليساريو إبداعه، وصادرت حقوقه المدنية والثقافية والاجتماعية بالجملة، بعد أن غير هذا الأخير مقر اعتصامه، قبل يومين، من أمام مقر ما يسمى بوزارة والثقافة نحو مقر المفوضية السامية لغوث اللاجئين، احتجاجا على سياسة التجويع والتعطيش التي نهجها البوليساريو ضده بأمر من زعيم الرابوني عبد العزيز المراكشي. واعتبر احد مصادرنا من المخيمات والمتتبع لموجة التغيير هناك أن الناجم علال الذي دشن للاعتصام الفردي والمفتوح بالعاصمة الإدارية للجمهورية الوهم، غير بسلوكه هذا الموروث، واسقط قناع الخوف بالمخيمات، وقزم من هبة القيادة المستبدة، فلم تعد ذلك البعبع الذي يخيف حتى الأطفال. أكيد أن اعتصام محمد للمطالبة بعودة والده، يحمل جزءا من هذه الرسالة ويترجم أيضا، أن تغاضي المنتظم الدولي، الإعلام الدولي، والهيئات الحقوقية وعلى رأسها المفوضية السامية لغوث اللاجئين، عن قضية أبيه التي هي الوجه الآخر لقضيته، قد جعل السيل يبلغ الزبى، وأجج يأسه بإنصاف قضية حقوقية حولها صمت العالم إلى نعش ينتظر مراسم الإقبار، وحول والده إلى دانكيشوط زمانه، يصارع رياح النفي القسري بالاعتصام أمام مقر مفوضية الأممية لغوث اللاجئين بنواكشوط دون أن يحقق ملفه المطلبي أي تقدم يذكر. وأكد والد الطفل مصطفى سلمى ولد سيدي مولود في تصريح ل "العلم"، أنه فوجئ لقرار بكره، وأنه جد فخور بشجاعة طفله، واعتبر اعتصامه لم يفشل مادام قد استطاع، أن يخلق حراكا داخل المخيمات وينطق الفنان وشيخ الهوية والإطارات المعارضة ويؤجج حماس شباب التغير وينطق الأطفال متسائلا ، هل ينتظر العالم أن ينطق الحجر والشجر في لحمادة، كي يفهم أن الصحراوين هناك في المخيمات محتاجون إلى الرأي والرأي الأخر للخروج من أزمة اجتماعية عمرت 35 سنة. و برأفة الأب ختم المناضل الصحراوي مصطفى سلمى تصريحه يخشى على أن يتضرر طفله من الحرارة المفرطة خلال اعتصامه المفتوح في الرابوني وقال: " على الأقل أنا تحميني ظلال هذه الشجرة أمام مقر المفوضية بنواكشوط." لقد قرر هذا الطفل أن يستغيث بالرأي العام الدولي، و أن يذكر المنظمات الحقوقية الدولية أن أطفال المخيمات وأسرهم ليسوا في حاجة فقط لمؤن شهرية ومساعدات عينية، من حليب مجفف وعلب سردين مصبر و عدس وأرز، بل هم في حاجة إلى التعامل مع وضعهم بمنتهى العمق والموضوعية، وأن توفر لهم الحماية القانونية التي تخولها لهم جميع الصكوك الحقوقية الدولية سواء تلك المتعلقة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي للاجئين أو القانون الإنساني الدولي. وأن تقوم هذه المنظمات الحقوقية بوقف سيل ترحيل الأطفال إلى كوبا، ومنع اشتغال الأطفال في البناء والرعي وحفر الآبار وباقي الأعمال الشاقة لضمان قوت أهاليهم، ووقف مسطرة التجنيد الإجباري قبل بلوغ سن القانوني، و تحويلهم إلى مرتزقة تتاجر بهم البوليساريو في أسواق الحروب الأهلية وفتن العصابات بمنطقة الساحل، ومنع إرسالهم في بعثات تبشيرية بحجة التخييم لدى أسر إسبانية فيمحون ثقافتهم العريقة كصحراوين وكمسلمين. فهم بصحيح العبارة، وكما أكد مصدرنا من داخل المخيمات، في حاجة لبطاقات اللاجئ، التي تضمن كل حقوقهم كأي مقيم أجنبي بتراب الجزائر، وتخول لهم الحق في السكن والتمدرس والشغل وحرية التنقل وكذا التجنس، بدل الجنسية المزورة التي تمنحا لهم البوليساريو كمواطنين لدويلة لا وجود قانوني لها غير مخيلة الحالمين. طالما لا تستوفي الشروط المصطلح القانوني لتعريف القانوني لمفهوم الدولة المتفق عليه عالميا، لافتقادها هوية التراب والحدود القانونية. فهل سيتجاهل العالم، هذه المرة، صرخة طفل ينادي بعودة والده إليه؟ وهل ستسيس المفوضية السامية لغوث اللاجئين الرسالة المطلبية للطفل محمد ، و التي قدمها لممثل المفوضية بالرابوني يوم السبت المنصرم، وتوصلت العلم بنسخة منها، رافعا إياها للامين العام للأمم المتحدة، كما سيست قضية والده الحقوقية وقرنتها بقضية نزاع الصحراء المفتعل؟. أريد أبي مصطفى سلمى أنا وإخوتي المهدي، سلمى، الحافظ والصغيرة مريم من مخيمات اللاجئين الصحراويين بتيندوف نناشد الأمين العام للأمم المتحدة وكل أحرار العالم مساعدتنا في لم شملنا بأبينا بين ظهران أهلنا، فقد طال انتظارنا. والدتي ، أنا وإخوتي نقول لمنظمة غوث اللاجئين بأن أزيد من سنة ونصف من فرقة عائلتنا رغما عنا جرم في حقنا . محمد إبن مصطفى سلمى سيدي مولود مخيمات اللاجئين الصحراويين بتيندوف 03 / 09 / 2011