لم يمر أسبوع واحد، حتى بعث الحزب الشعبي اليميني المتشدد _ الذي كشف كالعادة على وجهه العنصري على الأقل ثلاث رسائل سياسية استفزازية متتالية واضحة ومرموزة إلى المغرب، أولها إعلان رئيسه ماريانو راخوي المرشح لرئاسة الحكومة الاسبانية المقبلة القيام بزيارة إلى سبتة ومليلية المحتلتين في إطار الحملة الانتخابية التي سيعلن عنها رسميا أواخر شهر شتنبر القادم، إرضاء لمطالب اليمين العنصري المتطرف المتحكم سياسيا في ما يسمى بالبرلمان والحكومة المحلية للمدينتين السليبتين. وستكون زيارة راخوي استفزازا جديدا لمشاعر المغاربة وتذكيرا لهم بجرح استعماري قديم، و بلاشك سيحمل راخوي إلى سكان الثغرين كعادته خطاب الترغيب والترهيب، وطمأنة المعمرين باستمرار القوة الاستعمارية في الثغرين المغربيين أبد الدهر، دون أن يجرؤ الحزب الاشتراكي وبقية أحزاب اليسار بما فيها المتطرفة، على معارضة هذا الخطاب، كون العائلة اليسارية الاسبانية تعيش حالة نفاق إيديولوجي وانتهازية سياسية نادرة المثال في التاريخ المعاصر والقديم وتعبر الرسالة الثانية، عن توجه اليمين نحو افتعال أزمة ديبلوماسية مع المغرب، على خلفية جوازات السفر التي يتم التنصيص فيها على ذكر اسم المغرب إلى جانب سبتة ومليلية بالنسبة للمغاربة المولودين في المدينتين وهم من سكان الأقاليم المجاورة الناظور وتطوان والفنيدق والمضيق والفحص أنجرة والدريوش، حيث منعت السلطات الاسبانية في هذا السياق عددا من المغاربة المولودين في الثغرين السليبين ممن يحملون جواز سفر يشير إلى هويتهم المغربية من دخول التراب الاسباني، وذلك في إطار سياسة جديدة تستهدف التضييق على حرية المواطنين في السفر والتنقل من وإلى المدينتين المحتلتين، كما تستهدف أيضا استفزاز المغرب الذي مافتئ يطالب بحقوقه التاريخية في هذين الثغرين المحتلين من خلال حرمان المواطنين المغاربة المقيمين في سبتة ومليلية المحتلتين من حق الالتحاق بعائلاتهم وأسرهم، أو صلة الرحم مع أقربائهم. والغريب أن وزارة الخارجية في الحكومة الاشتراكية ، رضخت لرغبات ومطالب الحزب الشعبي، وأصدرت مذكرة وزارية تم تعميمها على السفارات والقنصليات الاسبانية بالخارج، وتم الحث فيها على عدم الاعتراف بالجوازات المغربية الحاملة لمصطلح سبتة ومليلية، مما يمكن اعتباره تدخلا سافرا في سيادة المغرب، ومنازعة حقه في أن يكتب ما يشاء في وثائقه الإدارية . وبالإضافة إلى الرسالتين السالفتي الذكر، بعث الحزب الشعبي رسالة ثالثة قديمة ومتكررة، فاقدة بطبيعة الحال للود والمجاملة الديبلوماسية المفترضة بين بلدين جارين، إذ حمل اليمين الاسباني المغرب مسؤولية ارتفاع عدد المهاجرين السريين المقتحمين لأسوار سبتة ومليلية المسيجة بالأسلاك الكهربائية المربوطة بشبكة الإنذار الالكتروني، حيث أصدرت فدرالية الشرطة الاسبانية في هذا الإطار بلاغا رسميا اتهمت من خلاله السلطات المغربية برمي المهاجرين الأفارقة في البحر، وغض الطرف عنهم خلال محاولاتهم التسلل بحرا إلى مدينة سبتةالمحتلة. خلاصة القول أن الرسائل الاستفزازية الثلاث التي بعثها الحزب الشعبي الاسباني بتنسيق تام مع سلطات الاحتلال بالثغرين السليبين خلال الأسبوع الماضي تنذر بعودة التوتر في العلاقات الديبلوماسية بين إسبانيا والمغرب، وليؤكد من جديد استمرار الحزب الشعبي في توظيف المغرب كورقة انتخابية ضمن استراتيجية معارضته لحكومة زباتيرو الاشتراكية.