كي لاننسى... هو عنوان لكتاب كان قد أصدره الزعيم المرحوم علال الفاسي سنة 1973 ، وهو عبارة عن بلوك نوت صحراء المغرب (... وختاما أحب أن أذكر بعض أصدقائي من أي حزب كانوا، أنهم سيجدون بعض الملاحظات أو الانتقادات التي تمس هؤلاء أو أولئك، تركتها على حالها، وفاء للحقيقة والتاريخ فأرجو أن لايعتبروا فيها أي غاية غير ما كانت الظروف تفرض على أن أعبر عنه، وأنى لهم جميعا المعترف بحسن نواياهم، والمقدر لجهودهم في سبيل نصرتهم لأفكارهم التي آمنوا بها ولو خالفت أحيانا أفكاري، والوطنية ما أسست إلا ليتمتع كل واحد بحريته وحق التعبير عن رأيه واله من وراء القصد.. أبريل 1973). اخترت هذا العنوان كي لاننسى في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها الأمة العربية لأذكر بشيء مهم هو من نحن، وأذكر ببنية فكرنا ووجودنا وكينونتنا، وذلك حتى نبين للآخر أننا نفكر اجتماعيا ونفكر بالغير، نحن نعرف كيف نصلح أحوالنا وأحوال غيرنا، ولنتعرف على من عادنا رغم أننا نحن المغاربة لانعرف الحقد ولا الضغينة، لأنه «لايحمل الحقد من تعلو به الرتب». لقد اندهش المواطن المغربي واستغرب لسلوك صدر عن تلك التي خرجت يوم 20 مارس في وقفة أو مسيرة سليمة، هذا السلوك أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه سلوك بدائي تم استيراده من الدول التي تبيح كل شيء، تلك الدول التي تبيح الإطاحة بكرامة المرأة. الوطن له حرمته، والمرأة لها كرامتها، والمرأة لايمكن أبدا أن تشهر حرمتها كما فعلت تلك السيدة في الشارع وأمام عدسات المصورين، والجماهير التي اجتمعت من أجل التعبير عن حقها ومطالبها، رغم تشجيعها من جهات معينة، التظاهر في الشوارع ليس معناه الإباحة، ذلك أن تلك السيدة سمحت لنفسها وباندهاش الجميع أن تكشف عن كبتها وألينتها بشكل فاظح وبدون خجل ولا احترام لشعور الآخر. إن شهر مارس هو شهر لتكريم المرأة داخل الوطن وخارجه، وهو فرصة لجميع المغاربة رجالا ونساء، الوقوف كرجل واحد للتعبير عن تضامنهم مع النساء في تندوف، شهر مارس هو مناسبة للاحتفاء بنساء المغرب اللواتي عملن في شتى الميادين وكن مناضلات فضيلات. كي لاننسى... أن المغرب نظم العلاقة وأقر مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في المجال السياسي دستوريا. وينص الفصل الثامن من الدستور «الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسية، لكل مواطن، ذكرا كان أو أنثى الحق في أن يكون ناخبا إذا كان بالغا سن الرشد، ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية وينص الفصل التاسع يضمن الدستور لجميع المواطنين... حرية الرأي، وحرية التعبير بجميع أشكاله، وحرية الاجتماع، وحرية تأسيس الجمعيات، وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم»، كما ينص الفصل 12 على أنه «يمكن لجميع المواطنين أن يتقلدوا الوظائف والمناصب الخاصة والعمومية، وهو سواء فيما يرجع للشروط المطلوبة لنيلها «فالمرأة المغربية ولجت العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي قبل وبعد الاستقلال، وبالرغم أن القانون يقر أنه ليس هناك فارق بين الرجل والمرأة في كل المجالات، فإننا نعترف تمثيلية المرأة في البرلمان والحكومة والمناصب العليا وجودها في الأحزاب السياسية أقل من الرجل. فالمرأة المغربية رغم عزوفها المؤقت عن هاته الأعمال فإنها دائما كانت حاضرة وبقوة في كل الميادين، لقد شاركت في جميع الانتخابات ما بعد الاستقلال. يجب أن لاننسى أن المرأة المغربية منذ بداية الاستقلال عملت كسفيرة ووزير وولجت كل المهن في الإدارة العمومية والقضاء وعملت على جميع المستويات، معلمة، أستاذة جامعية، كاتبة، أدبية، مبدعة، فنانة، شاعرة ومؤرخة، طبيعة ومهندسة، وربان طائرة وباخرة والقطار، هي تتولى مناصب في الجيش والأمن والمالية والجمارك والمحاكم، هي رئيسة للمقاولات والتعاونيات، عاملة في الحقول والغابات، ممثلة لشركات كبرى تجارية وإدارية واقتصادية على الصعيد العالمي، هي محامية مقتدرة، هي مصممة أزياء، وبفضلها وصل الإبداع في ميدان اللباس والزي المغربي الى أعلى المستويات عالميا، نساء المغرب تفوقن رياضيا، هن بطلات العالم في كثير من الاختصاصات الرياضية، ورفعن راية المغرب عالية في كثير من الدول، المرأة المغربية صحافية رائدة في عالم الإعلام والصحافة. يجب أن لاننسى أن المرأة المغربية ساهمت في الاستقرار الداخلي الارتياح الباطني للمجتمع المغربي، فهي التي زرعت ومن خلال عملها الأسري روح المحبة والمودة التي هي الأساس لبناء المجتمع، فإذا كان البيت هو المنبع الذي يتعلم فيه الإنسان كل المبادئ، فالمرأة هي صاحبته، فذلك البيت الذي تخرج منه الإنسان كامل التكوين والأهلية ومواجهة الحياة العامة ، فالمرأة هي صاحبته، المرأة هي التي تسهر على صحة الأسرة والعناية بها وتحافظ على التوازن الأسري، وبالتالي توازن المجتمع، فرغم الصراعات الطبيعية التي يخلقا تصادم الاتجاهات القديمة التقليدية، والحديثة التي يتلقاها الطفل أو الشاب خارج البيت وبواسطة وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة، فنجد أن الأم هي التي تحافظ على التوازن بين هاته المتناقضات، والتي لولا وجود الأم أو المرأة المغربية يكون من شأن هذه التناقضات أن تخل بالسير العادي لتربية الإنسان والمحافظة على توازن المجتمع، ذلك أننا مجتمعنا قريب لجميع التيارات الخارجية. يجب أن لاننسي أن المرأة المغربية هي أساس محاربة البؤس في البادية أو المدينة، وذلك أيام الكفاح الوطني أو بعد الاستقلال، هي التي زرعت في الرجل روح تحمل المسؤولية بكل مفاهيمها. يجب أن لا ننسى أن المرأة المغربية حافظت على قواعد دينها في لباسها وعاداتها، ودراستها، لقد نالت العالمية من القرويين ودبلومات عليا بمختلف اللغات من مختلف جامعات العالم. في بداية القرن الماضي وما قبله كانت المرأة تعمل داخل المنزل والأسرة، وكان عملها هذا من أجل وطنها، ولما ولجت العمل خارج المنزل وجدت نفسها تعمل بجانب الرجل بدون أي مركب نقص، لم تشعل أبدا أن هناك عقلية ذكورية أو ما إلى ذلك... أو المرأة غير قادرة أو هذا خاص بالرجل... الخ من المفاهيم التي أرادها غيرنا إلصاقها بمجتمعنا، المرأة تعمل بجانب الرجل من أجل وطنها، مجتمعها ومجدها، الشيء الذي يجب ملاحظته أن المرأة المغربية لم تشعر أبدا أنها تنافس الرجل، بل على العكس هي تعمل بجانب الرجل من أجل الوطن، وشعارها الخالد الله، الوطن، الملك. يجب أن لا ننسى أن حزب الاستقلال كان هو السباق بجانب أحزاب وطنية أخرى للرقي بالمرأة إلى مناصب ريادية وإلى أعلى مستويات المسؤولية. وأعتذر عن عدم تمكني من ذكر أسماء هؤلاء النساء المتفوقات من جهة، ومن جهة أخرى أشهد أن كل نساء المغرب يستحقن أن يكتب اسمهن بمداد الفخر والاعتزاز والامتنان. [email protected]