أنا لست فيلسوفا... أنا مسرحي والمسرحي رجل حالم لكنه أكثر واقعية من الفيلسوف... بعض الفلاسفة تتراءى لهم الزهور الذابلة يافعة، وربما يعتبرون التسيب ثورة ضد الروتين، ويعتبرون العبث نظاما - يحبون الإختلاف لذلك يعاكسون الآخرين حتى ولو كانوا على صواب، كل أخطائهم لها تبريرات تصل إلى حد الإقناع، بعضهم لهم طبائع مختلفة إلى حد الغرابة، وإن لم تقتنع بما يفعلونه أو يقولونه - فأنت بليد - هكذا وصفنا فيلسوف الثقافة بالبلداء. كل المثقفين والفنانين بلداء، لأنهم لم يستطيعوا فهمه... كما أنني لا أفهمه ولا أريد أن أفهمه لأنه لم يقل شيئا، أو يفعل شيئا حتى أفهمه، لأنه لم يقل شيئا أو يفعل شيئا حتى أفهمه، حاولت ولمدة سنة أن أكون فيلسوفا مثله لأفهم كيف يرى الأشياء حوله... لكني لم أر أنه فعل شيئا أو قرر أن يفعل شيئا فظننت أنه وعلى كل حال صنع الجمود وأوقف عجلة التاريخ... هذا ما فعله الفيلسوف فلم نفهمه نحن معشر المثقفين والفنانين على أي ثقافة وأي فن نتحدث نحن؟ إننا لسنا في مستوى ما يريده، فالرجل يريد أن يغير ما نريده نحن بما لا يريده هو، - فالتغيير أساسي في هذه الحقبة - كان علينا أن نسايره في كل الأشياء التي لم يتخذ فيها قرارات حاسمة، فالرجل أراد أن يكون هذا القطاع ولأول مرة في تاريخه رمزيا وعبثيا... كان عليّ أنا المسرحي أن أفهم أننا نعيش مسرحية عبثية، فرغم أني لم أشتغل أبدا في المسرح العبثي والتجريدي والرمزي، لكنني قرأت كثيرا عن هذا المسرح ولم أكن يوما متحمسا للاشتغال في مسرحيات لجان بول سارتر أو غيره من الفلاسفة، لأني كنت ومازلت أعشق المسرح الواقعي وأحيانا الرومانسي أو الطبيعي فعلى جميع الكتاب والفنانين أن يفهموا الرجل لأنه يريد أن يصنع من الشيء لا شيء، هذه فلسفته.