قال عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأممالمتحدة في جنيف ، إن الحكومة المغربية استجابت، بشكل إيجابي، لغالبية التوصيات التي صاغتها مجموعة العمل الأممية حول الاختفاءات القسرية أو غير الطوعية، التي زارت المغرب سنة 2009. وأوضح هلال، الذي كان يتحدث أول أمس الإثنين، بجنيف، في لقاء مناقشة تفاعلي مع مجموعة العمل الأممية حول الاختفاءات القسرية ، أو غير الطوعية، أن المغرب استجاب ل22 من أصل 24 توصية، سبق وأن وجهتها ذات المجموعة الأممية إلى المملكة المغربية، وهو ما يشكل نسبة تفوق 91 في المائة من التوصيات المقترحة للتنفيذ. وأكد هلال، في ذات النقاش، الذي جرى في الدورة 16 لمجلس حقوق الإنسان، على الخصوص، بالتوصيات ذات الصلة بتعزيز استقلالية القضاء، وإصلاح حكامة أجهزة الأمن، وتعزيز استقلالية وصلاحيات المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والأخذ بعين الاعتبار المعايير الدولية المتعلقة بالاختفاءات القسرية في عملية إصلاح القضاء الجارية في المغرب، عبر تضمينها في القانون الجنائي، وكذا قانون المسطرة الجنائية، والاتفاقيات الدولية، وبالحق في الحصول على الحقيقة. وأبرز الأهمية التي يوليها المغرب للزيارات التي تقوم بها مجموعة العمل الأممية حول الاختفاءات القسرية أو غير الطوعية إلى العديد من البلدان، واصفا الزيارة التي قامت بها المجموعة للمملكة المغربية سنة 2009 ، ب" لحظة مميزة"، في التعاون والتبادل الصريح والبناء بين السلطات المغربية والمجموعة الأممية. وأوضح أنه تبعا لهذه الزيارة الأولى من نوعها، إلى القارة الإفريقية، والعالمين العربي والإسلامي، عبرت المجموعة الأممية حول الإختفاءات القسرية، في تقريرها، عن "كامل امتنانها وعرفانها لحكومة المملكة المغربية لدعوة مجموعة العمل لزيارة المغرب ولتعاونها الإيجابي قبل وأثناء مهمتها". وأضاف أن ذات المجموعة الأممية، شكرت أيضا الحكومة المغربية على "روح التعاون المستمر، و إرادتها السياسية المعلنة لاتخاذ كافة التدابير اللازمة من أجل منع الاختفاءات القسرية، وإرساء مجتمع قائم على مبادئ الديمقراطية، وحقوق الإنسان، ودولة الحق والقانون، كما أشادت ب"العمل الذي أنجزته هيئة الإنصاف والمصالحة"، والذي اعتبرته نموذجا يتعين أن يحتدى به من قبل دول أخرى. وكشف أهمية عمل هذه المجموعة الأممية،ونطاق اشتغالها المتزايد، حيث توصلت ب53 ألف و337 حالة، إختفاء منذ إنشائها، منها 11 ألف و304 لا تزال معلقة، ترتبت عنها إكراهات عملية، ووظيفية بالنسبة للمجموعة الأممية، التي يتعين عليها معالجتها. وسجل أن البنية والموارد البشرية والمادية التي تتوفر عليها المجموعة الأممية حول الإختفاءات القسرية، في الوقت الراهن، تحد بشكل واضح من قدراتها في تنفيذ مهامها. وقال بهذا الخصوص" إن النقص الحاصل في الموارد البشرية، والمادية، حال دون أن تقوم المجموعة الأممية حول الإختفاءات القسرية، بمباشرة الحالات المعروضة عليها، والتحضير لدورتيها السنويتين، والقيام بزيارات للعديد من البلدان، والمشاركة في مختلف الأحداث ذات الصلة بمهامها"، مذكرا بالنداء المستمر للمغرب من أجل تمكين المجموعة من الوسائل الكفيلة بتعزيز عملها في احترام تام لصلاحياتها. وأعلن هلال عن مقترح مغربي، سيقدم خلال الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان، بشكل مشترك مع فرنسا والأرجنتين، في إطار توصية لتجديد مهمة مجموعة العمل الأممية حول الاختفاءات القسرية أو غير الطوعية، وسيستغل هذه المناسبة ليشدد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار، مسألة تعزيز وسائل عمل المجموعة بشكل عاجل وإيجابي. وأحاط الدبلوماسي المغربي المشاركين في هذا النقاش علما بأنه تم تحويل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، إلى مجلس وطني لحقوق الإنسان يتمتع بالأهلية القانونية والاستقلال المالي، موضحا أن المجلس الجديد يتميز بتركيبة متجانسة وتعددية، تضمن له المزيد من الاستقلالية، مع الاستجابة لمعايير الكفاءة، والخبرة، والتجربة، والحياد والنزاهة والمصداقية. وأضاف أن اختيار أعضاء المجلس الجديد لحقوق الإنسان، تم بعد التشاور، بين الشخصيات التي تمثل مختلف الحقوق الفئوية، خاصة حقوق المرأة، والطفل، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وجميع القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان. وأكد أن تشكيلة المجلس تضم جميع الحساسيات الفكرية والثقافية في مجال حقوق الإنسان، لتشمل القوى الحية للمجتمع ، كنشطاء الجمعيات، و المركزيات النقابية، وبرلمانيين ممثلي الشعب، وشخصيات فكرية، ومنتمين إلى سلك القضاء، وأساتذة التعليم العالي الجامعي، وخبراء مغاربة لدى هيئة الأممالمتحدة. وأكد أن المجلس الجديد، يندرج في إطار دينامية الجهوية المتقدمة، بهدف النهوض بحقوق الإنسان من خلال مؤسسات ديمقراطية، وهيئات للقرب للدفاع عن حقوق الإنسان. وأوضح أن المجلس سيستغل وفق مقاربة جهوية، عبر إرساء هياكل تمثله في الجهات، بالتراب الوطني، مضيفا أنه يمكن للمجلس التدخل، بوصفه آلية للتحذير الاستباقي، في كل حالة توتر كفيلة بالتسبب في انتهاكات لحقوق الإنسان. وأشار إلى أنه من اختصاصات المجلس، أيضا القيام بتحقيقات، ودراسة حالات المساس أو مزاعم بانتهاك حقوق الإنسان، وتوجيه الاستدعاء، عند الاقتضاء، لكل شخص يمكنه الإدلاء بشهادته في هذا الإطار، كما يمكنه زيارة مراكز الاعتقال والمؤسسات السجنية ومراقبة ظروف السجناء. وخلص هلال في مداخلته بجنيف، إلى القول " إن المجلس يقوم بصياغة تقرير سنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، يرفعه إلى جلالة الملك محمد السادس، ويقدمه أمام أنظار البرلمان بمجلسيه، النواب والمستشارين".