تختزن الذكرى الوطنية الاستقلالية أسماء لامعة في سجل النضال والتضحية ونكران الذات، وتعتبر بعض الأيام من أيام الله الخالدة في هذه الأرض المعطاء والمجاهدة. من تلك الأيام أيام 11 يناير 1944 و 29 من نفس الشهر والسنة و30 و31 حيث هبت جموع من المواطنين والمواطنات للدفاع عن مبدأ الاستقلال والالتفاف حول القادة الذين كانوا في مقدمة صانعي حدث 11 يناير. وقد أمت جموع المناضلين في مدينتي الرباط وسلا يوم 29 يناير الأخير مقبرتي الشهداء في المدينتين للترحم على أرواح هؤلاء الشهداء، كما أمت جموع المناضلين بمدينة فاس مقبرة الشهداء للترحم على أرواح شهداء 31 يناير. وفي هذه اللحظات التي يتم فيها تكريم مناضلين أوفياء هنا وهناك، نستحضر أحد الأسماء الذين كانوا في مقدمة العاملين في هذه المرحلة والمراحل التي سبقتها في الذكرى الثالثة والعشرين لوفاته، ذلك هو المجاهد المرحوم الحاج أحمد مكوار الذي كان من المؤسسين الأولين للحركة الوطنية المغربية، وكان محط تقدير واحترام لدى الجميع لما كان يتمتع به من الصلابة والتواضع والسخاء في سبيل دعم العمل الوطني، ولم يتوان في أي مرحلة من مراحل النضال عن تقديم كل ما يجب تقديمه من تضحيات دون اعتبار للعواقب التي يمكن أن تنال منه أو من ماله لأنه كان من الفئة التي آمنت واحتسبت، وكان من الذين صبروا وصابروا وبقي على نهجه ومنهجه الوطني حتى لقي ربه يوم 12 فبراير 1988. وبجانب جهاده فقد كانت له علاقات وثيقة وخاصة بالزعيم علال الفاسي رحمه الله، مما جعل الفقيد يملك من أسرار الحركة ما لم يملكه غيره، وكان أحد مستشاري الراحل علال الفاسي المخلصين كما بقي كذلك بعد وفاة علال، إذ كان أبرز الحكماء الذين يرجع إليهم الحزب عندما يتطلب الأمر الإشارة بالحكمة والخبرة المبنيين على الصدق والوفاء.