سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جلالة الملك محمد السادس يوجه شباب جهة فاس بولمان للحفاظ على قيم التضامن بروح الوطنية التي جعلت من فاس رائدة في الدفاع عن ثوابت المغرب ومقدساته وسيادته ووحدته
الاستاذ محمد الدويري رئيس مجلس جهة فاس بولمان في ندوة: فاس وترسيخ قيم الوطنية/ أحداث 29 - 30 و31 يناير 1944 نظمت يوم السبت 30 يناير 2010 ندوة علمية بمدينة فاس بتشارك بين المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وجامعة سيدي محمد بن عبد الله وجهة فاس بولمان حول أحداث 29 - 30 - 31 يناير 1944. وقد ركز الحديث في هذه الندوة بصفة خاصة على ما عرفته مدينة فاس ابتداء من يوم 31 يناير من نفس السنة إلى منتصف شهر فبراير. وقد غصت قاعة المحاضرات بالمركب الثقافي «الحرية» بالمناضلين والمناضلات، والأساتذة والعلماء المقاومين. وفي الجلسة الصباحية ألقى المندوب السامي لقدماء المقاومين. وأعضاء جيش التحرير الأستاذ مصطفى الكثيري عرضا بالمناسبة، كما ألقى رئيس جهة فاس بولمان الأستاذ المجاهد محمد الدويري رئيس جهة فاس برلمان كلمة بالمناسبة وألقى الأستاذ الفارسي كلمة باسم رئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله كما ألقى الأستاذ محمد الملوكي كلمة نيابة عن عمدة مدينة فاس الأخ حميد شباط الذي كان مسافرا خارج أرض الوطن، وألقى الأستاذ الدكتور عبد الوهاب التازي سعود كلمة بالمناسبة، كما ألقيت كلمة باسم اللجنة المنظمة وأخرى باسم المندوبية الجهوية لقدماء المقاومين ألقاها الأستاذ محمد بالفقير وفيمايلي كلمة الأستاذ محمد الدويري في هذا اليوم التاريخي بالنسبة لمدينة فاس وللمغرب: حضرات السيدات والسادة أشكر باسم مجلس جهة فاس - بولمان السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على المبادرة التي اتخذها بمعية جامعة سيدي محمد ابن عبد الله وكلية الآداب والعلوم الانسانية لتنظيم هذه الندوة العلمية قصد إحياء ذكرى معركة 31 يناير 1944 بفاس. هذه المعركة التي حصلت كما تعلمون 20 يوما بعد تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال والديمقراطية والوحدة يوم 11 يناير 1944. تاريخ المغرب مختزل في الفتح الاسلامي وبيان 11 يناير 1944 وسوف لا أتطرق لأهمية هذه العريضة في تاريخ بلادنا. ويكفي أن أقول أن جميع المحللين والخبراء لما يريدون تلخيص تاريخ المغرب في عبارة واحدة يبرزون حدثين اثنين: أولا الفتح الاسلامي كبداية لإنشاء الأمة المغربية، وثانيا عريضة 11 يناير 1944 كانبعاث دولة عصرية جديدة، وبينهما ما يقر من 13 قرنا حافلة بالوقائع في جميع الميادين جعلت من مغربنا عبر القرون دولة قائمة الذات في العالم. وفعلا فإن التاريخ الحقيقي للمغرب ا بتدأ بالفتح الاسلامي، حيث كان المغرب قبل ذلك عبارة عن قبائل مشتتة ومحتلة من طرف الرومان، فجاء الفتح الاسلامي وأنقذها فأخرجها من الجهل نحو الإيمان، ومن الاستعباد إلي الحرية. كذلك جاءت وثيقة 11 يناير لتبعث أمة جديدة متطلعة إلى الحرية والمستقبل الزاهر، متعطشة الى أن تنفض عنها غبار الجهل، وتنخرط في المسيرة الحضارية المعاصرة وهكذا خرج المغرب من عهد الاستعمار الى عهد جديد يندرج فيه بجدارة في سلك الدول الحرة، وانطلق في بناء مجتمع ديمقراطي ومتقدم، قوامه التعادلية الاقتصادية والاجتماعية. جلالة الملك الحسن الثاني يقرر يوم 11 يناير عيدا وطنيا وإن أهمية هذا الحدث هي التي أدت الى قرار جلالة الملك الحسن الثاني رحمة الله عليه سنة 1988 أن يكون يوم 11 يناير عيدا وطنيا يضاف إلى العيدين الأساسيين المتمثلين في عيد جلوس الملك على العرش (3 مارس في عهد جلالة الملك الحسن الثاني و30 يوليوز في عهد جلالة الملك محمد السادس) وعيد الاستقلال (18 نوفمبر) الذي يحيى عيد عرش جلالة محمد الخامس وكذلك ذكرى إعلان الاستقلال من طرف جلالة الملك محمد الخامس مباشرة عبد رجوعه من المنفى. وفي نفس السياق، وتأكيدا لأهمية ذكرى 11 يناير 1944 قرر جلالة الملك الحسن الثاني أن توضع لوحة رخامية تحمل نص وثيقة بيان 11 يناير 1944 وأسماء الموقعين عليها وذلك في ساحة الاستقلال أمام منزل المرحوم الحاج أحمد مكوار وهو مركز حزب الاستقلال أنذاك وكلف جلالته ولي عهده جلالة الملك محمد السادس نصره الله أن يترأس حفل وضع هذه اللوحة الرخامية التذكارية وذلك يوم 11 يناير 1993. ثم استقبل جلالته في نفس اليوم أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال بإضافة الأخوين ابن سالم الكوهن وعبد الهادي ابن جلون بالقصر الملكي بفاس فعبروا لجلالته عن اعتزاز الشعب المغربي لما قام به جلالة المغفور له محمد الخامس رحمة الله عليه من نضال قبل وأثناء وضع وثيقة 11 يناير 1944 ومابعدها الى أن تحقق استقلال البلاد، وجلالته دائما دائما معزز بمساعدة ولي عهده جلالة الحسن الثاني معنى أحداث 31 يناير 1944 حضرات السادة والسيدات فيما يخص موضوع ندوتنا وهو معنى أحداث 31 يناير 1944 يجب أن نعتبر أن هذه الأحداث هي نتيجة ل 11 يناير 1944. ففي صبيحة يوم السبت 29 يناير فوجئت مدينة الرباط وسلا وفاس بإلقاء السلطات الاستعمارية القبض على عدد من قادة حزب الاستقلال. ففي مدينة الرباط ألقي القبض على الحاج أحمد بلافريج الأمين العام للحزب ومحمد اليزيدي الأمين العام المساعد. وفي فاس ألقي القبض على الحاج أحمد مكوار وعبد العزيز بن ادريس والهاشمي الفيلالي. وكان رد الفعل لدى المناضلين في المدن الثلاث قويا وفوريا فقد شن إضراب عام واكبته مظاهرات شعبية في الرباط وسلا صبيحة يوم 29 يناير، فاضطرت معه السلطات الاستعمارية لإطلاق سراح محمد اليزيدي في نفس الصباح إلا أنها احتفظت بالحاج أحمد بلا فريج في السجن، ولفقت له تهمة التعاون مع ألمانيا التي كانت تخوض الحرب العالمية الثانية. ونفس التهمة وجهت للحاج أحمد مكوار وعبد العزيز بن ادريس والهاشمي الفيلالي في فاس. وقد أدى العنف والقمع الذي طبع تصرف السلطات الاستعمارية إلى تأجيج غضب الجماهير اشعبية ونشوب أحداث خطيرة في الرباط وسلا يوم 29 يناير سقط فيها عدد كبير من الشهداء. وفي فاس حصلت مذبحة لم يسبق لها نظير يوم الاثنين 31 يناير سقط فيها عشرات الشهداء وقيل أنذاك أن عدد الشهداء فاق المائة. وقد شمل القمع جميع فئات السكان. واستمرت الاعتقالات طيلة شهر فبراير فشملت المئات من المناضلين الذين اعتقلوا وعذبوا الشهور الطوال في معتقلات الأطلس وفي الصحراء. وأغلقت المدارس وفي مقدمتها ثانوية مولاي ادريس لمدة سنة الى أكتوبر 1944. وكانت كذلك مدينة فاس محاصرة بدون ماء ولا كهرباء ولا تموين طيلة شهر فبراير. يوم 31 يناير يوم الأبطال وبسبب هذا كله اعتدنا في مدينة فاس أن نسمي 31 يناير يوم الأبطال، فمن حق البعض أن يتساءل عن مدى تمييز هذا اليوم بالنسبة للأيام المجيدة الأخرى التي شهدت فيها فاس وناحيتها عبر القرون أحداثا كبرى أثرت في مسيرة النضال الوطني برمته، فقد اعتادت ساكنة هذه المدينة طيلة التاريخ على تقديم التضحيات والشهداء من أجل حرية البلاد ووحدتها. فكل هذه المناسبات تمثل ذكريات مجيدة كان من الممكن اعتماد إحداها لتحمل رسم يوم الأبطال. إلا أن الاختيار وقع على 31 يناير 1944 لأنه يجسم الارتباط المباشر الموجود بين هذا اليوم ويوم 11 يناير 1944 العظيم، فأحداث 31 يناير 1944 تعتبر في الحقيقة بلورة لوثيقة 11 يناير، وإرساء لمنطق الكفاح الضروري لتحقيقها. ونظرا إلى أن هذه الوثيقة تعتبر من الأحداث العظيمة في تاريخ البلاد منذ نشأتها، فمن الطبيعي إذن أن تنطوي أحداث 31 يناير المرتبطة بها على أقوى معاني التضحية والفداء. ومن هذا المنطلق فإن معركة 31 يناير 1944 التي نحتفل بذكراها ايوم والتي تعتبر امتدادا ل 11 يناير 1944 كانت أروع مظهر للوطنية والشجاعة والتضحية ونكران الذات لساكنة فاس فتركزت هذه الوثيقة عن طريق استشهاد شباب مدينة فاس الذي أعطى المثال للتضحية في سبيل الله والوطن. فتح مكة يوم 11 يناير ومعركة حنين يوم 31 يناير أيها السادة والسيدات لابد أن أشير اليوم ونحن نسطر معاني معركة 31 يناير 1944 أنه عندما نتناول دراسة السيرة النبوية الكريمة بالمقابلة بين التاريخين الهجري والميلادي نجد أن يوم فتح مكة الذي حصل في يوم 20 رمضان المعظم من السنة الثامنة للهجرة، يقابل بالتاريخ الميلادي يوم 11 يناير من سنة 630. إن فتح مكة كما تعلمون أدى الى تحرير المسجد الحرام من قبضة كفار قريش غير أن الفتح لم يكن مستقرا بصفة نهائية لأن الفتح واجه فقط قريشا داخل مكة في حين ظلت باقي القبائل خارج مكة معادية للإسلام والمسلمين، الشيء الذي دفع الرسول (ص) لأن يقرر الخروج لقواقعة حنين، التي حسمت مقاومة القبائل المعادية للإسلام بصفة نهايئة فأقبلت على اعتناق الإسلام والدخول تحت لوائه. وتجدر الإشارة ونحن نتكلم بالتاريخ الميلادي أن انطلاق جيش المسلمين لواقعة حنين حل يوم 29 يناير 630. أما المعركة نفسها فتمت يوم 31 يناير. وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يتقدم موقعوا وثيقة الاستقلال يوم ذكرى فتح مكة (11 يناير) . كما كتب سبحانه لأبطال 31 يناير في فاس أن يستشهدوا يوم ذكرى معركة حنين، فالمجاهدون بفاس الذين ساهموا في هذه المظاهرات، والشهداء الذين أعطوا أرواحهم فداء للوطن خلالها إنما استظلوا بظلال السلف الصالح من الصحابة والمجاهدين الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه. فكما أن معركة حنين كانت تركيزا وتثبيتا لتفح مكة فإن أحداث 31 يناير بفاس إنما كانت تركيزا لوثيقة 11 يناير 1944. وهكذا استحق أهل فاس وأن يسموا أهل حنين. وهكذا نجد أن أحداث 31 يناير 1944 بفاس أعطت البرهان على أن تنفيذ أي عمل مصيري لايتم إلا عن طريق التضحية والاستشهاد. فلولا استشهاد أبطال مدينة فاس يوم 31 يناير لبقيت عريضة المطالبة بالاستقلال حبرا على ورق في حين أن هذه العريضة صارت حقيقة لامفر منها بفضل تضحيات الشهداء في الرباط وسلا يوم 29 يناير وفي فاس يوم 31 يناير. تضحية شهداء 31 يناير تخط طريق شباب جهة فاس بولمان أيها السادة والسيدات لابد في اختتام كلمتي هذه التي أوجهها أساسا لشباب جهة فاس بولمان أن يأخذوا العبرة بما قام به أباؤهم عبر القرون من تضحيات لبناء صرح وطننا العزيز ويعلموا بتوجيهات أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي صرح في رسالته السامية يوم 5 أبريل 2008 بمناسبة مرور 1200 سنة على تأسيس مدينة فاس ونشأة الدولة المغبرية «أن رأسمال فاس الدائم هو شبابها المؤهل... قصد إنجاز المشاريع التنموية المندمجة الموفرة للعيش الكريم لكل ساكنتها في الحفاظ على قيمها التضامنية بروح الوطنية التي جعلت من فاس رائدة في الدفاع عن ثوابت المغرب ومقدساته وسيادته ووحدته». وفق الله شبابنا لما فيه خير هذه الأمة تحت ظل جلالة الملك محمد السادس نصره الله. وشكرا على حسن استماعهم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.