استحوذت مظاهرات الاحتجاج، التي تجتاح المدن المصرية، على اهتمام الصحف البريطانية، والتي انبرى كتابها لتحليل التداعيات المحتملة لتلك الأحداث على مجمل منطقة الشرق الأوسط. يتوقع الصحفي البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ، روبرت فيسك، أن نظام الرئيس المصري حسني مبارك قد لا ينجو بجلده من مظاهرات جديدة بعد أن عمت حمم الغضب أرجاء الشرق الأوسط. وقال الكاتب -الذي يراسل صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية من بيروت- إن الحقيقة «المجردة والبشعة» هي أن الحكومة المصرية لا حول لها ولا قوة، ذلك أن ما يجري هو ثورة تويتر وفيسبوك ، فقد قضت التكنولوجيا بالفعل على قوانين الرقابة «العقيمة» على النشر. ورأى فيسك في مقال بعنوان «يوم الحساب في مصر» بنفس الصحيفة ، أن رجال مبارك بدوا وكأنهم فقدوا كل إحساس بالمبادرة. فصحفهم الحزبية كما يقول- تطفح بمظاهر خداع النفس، فهي تنشر أخبار المظاهرات الهادرة في أسفل صفحاتها الأولى كأنها بذلك ستُبعد الحشود عن الشوارع، وكأنما بتقليلها من شأن تلك التطورات، فإن المظاهرات لم تحدث. وفي تحليل إخباري، ذكرت صحيفة «ذي تايمز» اللندنية ، أن غالبية المصريين ظلت تنظر إلى حسني مبارك على أنه «رجل كفؤ بمعايير الشرق الأوسط- ومتواضع ، لكنه ليس زعيما محبوبا تماما». وأضافت أن مبارك بطبيعته المتحفظة الباردة ، وبنزعته المتشامخة، لم يكن يوما «رجل الشعب» ، مع أنه ظل يُظهر سلطة أبوية. وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس المصري وهو قائد القوات الجوية سابقا- ليس خطيبا مفوها، لكنه يتحدث اللغة العربية جيداً ، كما أنه متمكن من الإنجليزية والروسية. وفي الاجتماعات الدولية ، ظل مبارك ينشد الحلول الوسطى لا المواجهة، وقد نجح في نزع فتيل التوتر بتدخلاته الشخصية ، فأوجد أرضية مشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وتحثّ صحيفة «ذي ديلي تلغراف » ذات النزعة اليمينية المحافظة- الغرب تحت عنوان «مصر بحاجة إلى إصلاح لا إلى ثورة»، على ضرورة أخذ جانب الحيطة والحذر في دعمه لقضية الديمقراطية العربية حتى لا تُطلق ما سمته «قوى الإسلام المتطرف» من عقالها. ومع إقرارها بأحقية الغرب في الضغط تجاه القيام بإصلاحات تساعد في تلبية طموحات الملايين من الشباب العربي «المتذمر»، فإن الصحيفة شددت على ضرورة أن يمضي في ذلك بشيء من الحذر. وأضافت أن في مصر كما في البلدان العربية الأخرى التي تتحكم فيها أنظمة مستبدة، يتحين المتطرفون الإسلاميون أي فرصة تواتيهم. وأردفت قائلة إن الثورة الإيرانية، التي اندلعت عام 1979، بدأت كحركة احتجاج مدنية ضد الشاه، ثم انتهت إلى تأسيس «الدولة الإسلامية الأكثر تطرفاً في العالم».