احتضنت بلدة مانهاست" بضواحي مدينة نييورك الأمريكية نهاية الأسبوع الماضي أشغال الجولة الخامسة من المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة البوليساريو حول النزاع المفتعل بالأقاليم الجنوبية المغربية . وأولت وسائل الإعلام الإسبانية المكتوبة والمرئية والمسموعة والالكترونية نهاية الأسبوع الماضي وكعادتها اهتماما كبيرا بالحدث ، وواكبت كل الحيثيات المرتبطة بالمفاوضات ، و خصصت حيزا مهما لذلك في صفحاتها وقصاصاتها ونشراتها الإخبارية ، ونقلت ارتسامات وتصريحات الفعاليات السياسية و المسؤولين الحكوميين الإسبان ، الذين أجمعوا على تأييد مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، وأكدوا على صعوبة إجراء الاستفتاء في الوقت الراهن لعدة اعتبارات موضوعية وذاتية. ولم يتأخر رد فعل وسائل الإعلام المحسوبة على الحزب الشعبي ، حيث أبدت استياءها من الخرجة الإعلامية الأخيرة لمسؤولين حكوميين إسبان ، و وصفوا التصريحات الأخيرة لوزيرة الخارجية الإسبانية بكونها تتطابق مع مساعي المغرب . كما هاجمت بعض الصحف اليمينية الوزيرة ترينيداد خيمينيث ، ووصفتها ب(الانتهازية) ، ونشرت صورة لها في تظاهرة سابقة بمدريد مع بعض الانفصاليين، في إطار ما يسمى بأسبوع التضامن مع «الشعب الصحراوي». ويذكر أن الجولة الخامسة من المفاوضات بين المغرب والبوليساريو انطلقت على إيقاع مستجدات من شأنها أن تقوي من مواقف الوفد المغربي ، من خلال التصريحات الإسبانية الداعمة للمقترح المغربي للحكم الذاتي والصادرة عن أعضاء من الحكومة الإسبانية،حيث وجهت هذه الأخيرة على لسان نائب الوزير الأول ووزيرة الخارجية دعوة صريحة إلى البوليساريو من أجل قبول خيار الحكم الذاتي الذي يضعه المغرب على طاولة المفاوضات. وهكذا أكد رامون خاوريغي نائب رئيس الحكومة أهمية مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب مشيرا إلى أنه الحل المناسب لفض النزاع في الصحراء. وطالب قيادة البوليساريو بتقديم توضيحات وتبريرات منطقية حول رفضهم لخيار الحكم الذاتي. كما أن رئيسة الديبلوماسية الإسبانية ترينيداد خيمينيث أدلت بتصريح للمحطة الإذاعية ذي التوجه اليميني (COPE)،أكدت من خلاله على استحالة تنظيم استفتاء في الصحراء المغربية ، نظرا لعدم استعداد طرفي النزاع التنازل عن مواقفهما ،وثانيا لاستحالة تعداد وإحصاء السكان الصحراويين الذين لهم الحق في المشاركة في الاستفتاء ووجود تعقيدات مختلفة في هذا الشأن . كما أكدت وزيرة الخارجية الاسبانية استعداد بلادها لتقريب المواقف بين المغرب والبوليساريو ، وتعهدت باستمرار التزام حكومة زباطيرو بمبدأ " الحياد النشط " في هذا النزاع. و أعلنت عن إدراج ملف النزاع في الصحراء المغربية ضمن جدول أعمال الاجتماعات الرسمية التي ستجريها خلال الأسبوع الجاري بالولايات المتحدةالأمريكية ، مع كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ، ومبعوث المنظمة الخاص إلى الصحراء المغربية كريستوفر روس ووزير الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. والملاحظ أن التصريحات الإعلامية الأخيرة للمسؤولين الحكوميين الإسبان ، أثارت ردود فعل قوية لدى قيادة البوليساريو خصوصا الموجودين بإسبانيا ، حيث هاجموا وبلغة شديدة اللهجة حكومة زباطيرو،وهكذا أكد ممثل البوليساريو بمدريد أن التصريحات الأخيرة هي إشارة واضحة على تخلي إسبانيا عن كل الطروحات السابقة والتي جمدت من خلال طرح المغرب لمبادرة الحكم الذاتي ، كما عبر عن أسفه لقيام مسؤولين بحكومة زباطيرو بالدعم والترويج لمقترح الحكم الذاتي الذي يروجه المغرب، ودعا الحكومة الإسبانية الاشتراكية إلى التخلي عن القيام بالدعاية للخطة الذاتية التي يقترحها المغرب لحل مشكل الصحراء. واتهم ممثل جبهة البوليساريو الانفصالية بإسبانيا، الحكومة الإسبانية ب"محاولة التأثير على سير المحادثات غير الرسمية بين المغرب والجبهة" وذلك عبر إطلاق تصريحات تدعم- حسب رأيه- مقترح المغرب بإعطاء حكم ذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية. وقال كذلك بأن "مثل هذه التصريحات والمواقف تؤكد ما جاء في الوثائق السرية للخارجية الأمريكية والتي سبق ونشرها موقع "ويكيليكس" وهي الوثائق التي تؤكد تغيرا جذريا في الموقف الإسباني من نزاع الصحراء ودعما واضحا لمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كحل للنزاع بالمنطقة. وأشار أيضا إلى أن "إسبانيا كانت تدعم الموقف المغربي في السر ، ولكن مثل هذه التصريحات العلنية تهدف إلى التأثير على مواقف باقي البلدان"، خاصة تلك التي تشكل مجموعة أصدقاء الصحراء.