يعيش موظفو ومستخدمو مركزية الأشغال الفلاحية على أعصابهم بعد تلقيهم رسائل عن طريق الأعوان القضائيين (المحكمة) تقضي بإفراغهم من المساكن الإدارية التي ظلوا يحتلونها لمدة 30 سنة من السكن الفعلي. وما يزيد الطين بلة أن الاجراءات القضائية التي بوشرت في حق هؤلاء وما تلاها من أحكام بالإفراغ تمت دون موافقة ودون علم السيد وزير الفلاحة والصيد البحري رغم اختصاصه المجالي والإداري والقانوني بخصوص هذه المساكن.. كما أن قرارات الإفراغ هذه كان يشوبها عيب في توصيف هذه المساكن وتصنيفها إذ تم اعتبارها سكنات وظيفية فيما هي في الواقع سكنات إدارية. وبالعودة إلى الظهير المحدث لمركزية الأشغال الفلاحية فهي منظمة عمومية ذات شخصية مدنية واستقلال مالي تعمل تحت وصاية السيد وزير الفلاحة والصيد البحري وهذا ما يعيب أحكام الافراغ. وحسب نفس معطيات الظهير تقوم المؤسسة بمباشرة حساباتها بالطريقة التجارية وتهييء الفلاحين بجميع الوسائل اللازمة لتيسير النهوض العصري بالفلاحة وتربية الماشية. كما يدير شؤون المؤسسة مجلس إداري يعين بمقتضى مرسوم باقتراح وزير الفلاحة.. ويحدد بمقتضى هذا المرسوم، ويبت في حالة الاستعجال في جميع مسائل الداخلة في الاختصاصات المادية باستثناء المصادقة على الميزانية والبرامج والحسابات، وذلك باتفاق مع وزارتي المالية والداخلية. إن إفراغ الموظفين والمستخدمين من سكناتهم الإدارية، ونقول الإدارية لأن الظهير المنظم لمركزية الأشغال الفلاحية كان الطابع الغالب فيه هو الطابع الإداري الذي يهم إحداث هذه المركزية وتعيين المسؤولين عنها، وحدود اختصاصاتها، وخضوعها لسلطة الوصاية الممثلة في وزير الفلاحة ، وغير ذلك من القضايا ذات الصبغة الادارية.. لذلك نجد أن أحكام الافراغ ارتكزت على توصيفها الوظيفي فيما هي إدارية. وإذا كانت كذلك فهي لا تنتهي بمجرد انتهاء الوضعية الوظيفية للمعنيين بها أي المحكومين بالإفراغ وإنما هي إدارية، والواقع أن ماهو إداري يصعب محوه بمجرد قرار قضائي وإلا ما الجدوى من احداث محاكم إدارية تتصدى لذلك. هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك جانب مأساوي في القضية يتمثل فيما يكاد يشبه الترامي على الممتلكات الفلاحية بتمارة على الخصوص.. حين استكثروا على الموظفين والمستخدمين الفلاحيين حق استغلال مساكن لأغراض إدارية، وفوتوها لأنفسهم قصد تحويلها، إلى فيلات راقية بتصاميم مخالفة للمقتضيات العقارية والعمرانية. هذا دون أن ننسى الاستغلال السيء لممتلكات وزارة الفلاحة والصيد البحري من طرف بعض مسؤولي الوزارة وخاصة ما تعلق بسيارات الدولة وباقي الامتيازات. ويبقى على السيد وزير الفلاحة باعتباره الوصي على القطاع التدخل بحزم لمراجعة قرارات الإفراغ ووضع حدّ لسوء استغلال ممتلكات الوزارة التي أصبحت يتلاعب بها للأسف بعض منتهزي الفرص.