التقرير الذي رفعه ديوان المظالم إلى جلالة الملك عن حصيلة برسم سنتي 2008 و2009 يوحي بأن هناك ثغرة أخرى في النظام الإداري المغربي. ثغرة بمثابة شرخ يزيد من تعميق الهوة والتباعد بين المواطن والإدارة. حين تم تأسيس مؤسسة ديوان المظالم عمّ الاستبشار والارتياح عموم المواطنين اعتقاداً منهم بأنه سيكون آلية مؤسساتية لإيصال صوتهم إلى الإدارة وتحريك مشاكلهم وقضاياهم بالسرعة والفعالية المطلوبتين. لكن تقرير ديوان المظالم يوحي بغير ذلك، خاصة حين يفيد أن الإدارة لم تجب سوى بنسبة 33 في المائة من مجموع الشكايات المحالة عليها. ويؤكد التقرير أيضا ان وزارة الداخلية والجماعات المحلية تأتي على رأس الإدارات التي تهمل أو لاتجد وقتاً للبت في الشكايات الواردة عليها والبالغ عددها خلال السنتين المذكورتين 721 شكاية. هذا دون الحديث عن شكايات عديدة يرفعها مواطنون رأساً إلى الإدارات المختصة دون المرور بديوان المظالم ربما لكونهم يجهلون وجوده أو لايعرفون وظيفته. وكثير منهم يفضلون نشر شكاياتهم بالصحافة الوطنية اعتقاداً منهم بأنها الوسيلة الأمثل ليقرأها المسؤول الأول عن الإدارة المعنية فيعطي تعليماته لمصالحه قصد حلها. الاهتمام بشكايات المواطنين وتظلماتهم هو جزء من حقوق المواطنة، إذ يحفظ للمواطنين اعتبارهم. فلايكفي شعار تقريب الإدارة من المواطنين وإنما المهم هو تقريب خدماتها منهم ومشاركتهم همومهم وتطلعاتهم والانصات بمسؤولية إلى صوتهم وصيحاتهم.. وإلا لن يكون لوجود الإدارة جدوى.