بعد مرور أزيد من ثماني سنوات على الحكم بالتصفية القضائية لشركة جنرال تاير، لما تبين أنه ليس بإمكانها وضع مخطط لاستمراريتها كما أن أصولها أصبحت غير قادرة على تغطية خصومها، و بعد مضي خمس سنوات على المسطرة التي حركها سانديك التصفية القضائية في مواجهة أعضاء أجهزتها الإدارية والتسييرية، وبعد مضي حوالي ثلاث سنوات على تفويت هذه الشركة المصفى لها لفائدة الجهة التي التزمت بتقديم مخطط قصد إعادة نشاطها رغم قيمة التفويت التي لا تفوق نصف قيمة الأصول المفوتة والتي مكنت المسطرة من الحصول على حوالي مائة و خمسون مليون درهم، فإن مأجوري هذه الشركة الذين تم الرمي بهم في الشارع وكذلك الديون العمومية والديون البنكية بقيت كلها دون أداء ولم يتم توزيع المبالغ المالية المحصل عليها حسب الترتيب الامتيازي المنصوص عليه قانونا. وحسب بعض الجهات فإنه يبقى تفعيل وتتبع المقتضيات القانونية الواردة بمدونة التجارة وبالخصوص فيما يتعلق بفشل عملية تفويت الشركة المصفى لها الى الغير و كذلك، وهو أضعف الإيمان، تسوية وضعية المأجورين بشكل نهائي، خاصة وأن هؤلاء لم يكن لهم أي ذنب إلا كونهم قضوا حياتهم بالشركة ولفائدتها وحاولوا إنقاذها دون جدوى وهو ما استغله الغير. إن مسطرة تحميل العجز الحاصل في باب أصول هذه الشركة لمسيريها رائج أمام المحكمة التجارية بالدار البيضاء منذ سنة 2005 في الملف عدد 261 / 25 / 2005 وهو سيدرج بجلسة 7 فبراير 2011 في انتظار تقرير الخبرة الثلاثية والحضورية التي تم الحكم بها تمهيديا من طرف نفس المحكمة منذ تاريخ 19 / 05 / 2008. إن آثار التصفية القضائية لهذه الشركة تشمل أضرارا اجتماعية واقتصادية، إن لم يكن ممكنا تداركها قبل تصفيتها القضائية فإنه كان ممكنا تداركها في إطار تفويت هذه الشركة الى الغير و ذلك بإلزام المفوت له تقديم الضمانات الكفيلة لإنجاح مخطط إعادة نشاط الشركة وإرجاع مأجوريها الى عملهم. فإن كان من السهل على المستثمر استثمار أمواله قصد الحصول على ربح بعد مدة متوسطة أو طويلة المدى، فإن الأجير لايملك من الاستثمار إلا قدرة عمله قصد المواجهة الفورية لوسائل عيشه وعيش عائلته. كما أن آثار توقيف المئات من المأجورين بشكل فجائي، يؤثر بشكل فوري على النسيج الاقتصادي الوطني، وهو ما لم يتم الانتباه إليه سواء عند الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية لهذه الشركة أو تحويلها الى تصفية قضائية أو أثناء مسطرة تفويتها الى الغير مع ترك المسؤولين عن وضعها في وضع مريح دون تحميلهم أي شيء. إن التساؤل الذي يطرح نفسه بنفسه ليس فقط في هذه الحالة بل في كل ما تعلق بالنصوص القانونية المنظمة لمساطر معالجة صعوبات المقاولة هو أنه من خلال التجربة التي يعيشها المغرب منذ أزيد من 10 سنوات، فإن الكتاب الخامس من مدونة التجارة، اتضح أنه في خدمة المقاولين الذين يبحثون على نهب الاقتصاد الوطني والضرب بمصالح العاملين به وليس في خدمة النسيج الاقتصادي الوطني. ذلك أن هدف المشرع من خلال هذه المساطر يرمي بالأساس الى تمكين المقاولين النزهاء من الخروج من الأزمات الاقتصادية والمالية التي لم يساهموا فيها عن قصد. لكنه اتضح من خلال هذه التجارب أن تلك النصوص لم تحظ بمجموعة من الجوانب ولا تتضمن بما فيه الكفاية الصرامة التي يتعين أن يواجه بها كل من تسول له نفسه الضرب عرض الحائط بالنظام الاقتصادي الوطني وبالنسيج الوطني الاقتصادي الاجتماعي، وهو ما يستوجب إعادة النظر فيه بشكل عاجل مع تعديل تلك النصوص القانونية وتمكين القضاء بالآليات والوسائل الكفيلة قصد تفعيل النصوص خاصة فيما يتعلق بمن يقوم بمساعدة القضاء بشكل مباشر في هذه المساطر أي السانديك الذي لم يحدد المشرع أية معايير تقنية قانونية وخلقية لتعيينه. هذه المؤسسة التي لاتتوفر على جهاز مهني يؤطرها ويسطر على احترامها لحرف وروح النصوص القانونية كما أنها لاتتوفر على تأمين لتغطية مسؤوليتها المهنية وهو وضع لايخدم إطلاقا ما يتوخاه المشرع من تلك المسطرة.