الجزائر بلد أخ شقيق جار للمغرب تجمعهما وحدة الجغرافيا والتاريخ واللغة والدين. وهي قيم تجعل بالضرورة والوجوب مصيرهما مشتركاً لخدمة مصالح الشعبين الشقيقين اللذين يرغبان ويَتوقَان إلى تجاوز - مكر السياسة - ما يحول بين لقائهما، والعيش معا في جو تطبعه الأخوة وحسن الجوار. لكن أبت السياسة المتعنة إلا أن تصنع الفواصل والحدود الفولاذية بين الشعبين وتخلق أجواء التوتر والعداء في المنطقة من خلال الممارسات الإستفزازية الممنهجة والسلوكات العدائية، وذلك عبر تأليب الرأي العام ضد مصالح المغرب المشروعة، ودعم المرتزقة المهرولين وراء وهم الاستقلال الذي لا يوجد إلا في عقولهم المريضة المجانية للحق والشرعية. ولكن رغم المواقف العدائية الصادرة عن ذوي القربى، تجاه المغرب، فإن المغرب يقابل الإساءة التي طال أمدها، بالحلم، فكلما ازدادت الجزائر تهورا وإساءة، ازداد المغرب حلما وتعقلا، فالمغرب يتحلى بالأخلاق الفاضلة التي تحكم الذوق السليم واللياقة السياسية، عبر نبذ العنف، والإيمان بالحوار لتحقيق السلام باعتباره قوة يصنعها الأقوياء، وهي قيم نبيلة تنبع من أصالة المغرب الضاربة في عمق التاريخ الحافل بالأمجاد التي صنعها لنفسه ويسعى بمد يد العونِ والمساعدة لصنعها للأصدقاء والأشقاء، وعلي رأسهم الجزائر التي يبدو أنها تنكرت للتاريخ، كما تصر على التنكر للجغرافيا. وهنا تتجلى قوة المغرب الذي لا ينساق وراء الأهواء العدوانية، والانفعالات العاطفية القاسية الخالية من نوازع الخير، والاعتراف بالجميل. فلماذا لا تحتكم الجزائر إلى منطق العقل الرافض للحيف، المؤمن بالعدل والحق، وتضع الأمور في نصابها وتنصت للأصوات المحبة للسلام، وتتفادى الدهماء والغوغاء. وتعقل لسانها عن الأذى، وتكف يديها وأدواتها الناقصة عقلا ودينا، عن العبث بأمن المنطقة ومصيرها، وتتعقل وتفكر ملياً في سياستها الجائرة، وتحتكم أيضا إلى الشرع الداعي إلى التسامح وإحقاق الحق، والسير على المحجة البيضاء التي ليليها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. إن الجزائر ناضلت من أجل تحرير أرضها من قبضة الاستعمال، وانتزعت حريتها بقوة السلاح من تحت أحذية العسكر الفرنسي. فهل يحق للجزائر كبلد مسلم أخ جار، أن يفعل بجاره وأخيه، ما يفعل، إرضاء لعصابة مجرمة انحرفت عن الحق وحادت عن الصواب، تؤمن بوهم يدحضه التاريخ، وتمجه آذان العاقلين من أحرار العالم، ويؤكده الإجماع الوطني، وتؤكده الشرعية الدولية؟ هل يحق للجزائر التي قدمت مليون شهيد فداء للوطن، وثمنا لإنتزاع الحرية، أن تخاصم المغرب وتعاديه بسبب دفاعه عن حرية ووحدة بلده؟ هل ستقتنع الجزائر يوما أن المغرب هو عمقها التاريخي وحزامها الأمني والاقتصادي...؟