يمثل الحق في تكوين الجمعيات والانضمام إليها حقا أساسيا من حقوق المواطنة وتعكس ممارسته وضمانه من طرف الدولة، مستوى الحرية في مجتمع ديمقراطي أو في مجتمع ينتقل إليها، وتتداخل مع الحق في تكوين الجمعيات حقوق سياسية أخرى، في مقدمتها الحق في حرية الفكر، وحرية التعبير والحق في التجمع وحق المشاركة. فقد ارتبط العمل الجمعوي بالمغرب منذ عشرات السنين بممارسات حقوقية وديمقراطية سعى فاعلون جمعويون إلى ترسيخها داخل جمعياتهم حتى تتحول تلك المنتديات الجمعوية إلى فضاء لممارسة جمعوية قوامها ضمان الحقوق والتوعية بالواجبات. وتضمن الجمعيات بمختلف مشاربها و تنوع اهتماماتها ممارسة فعلية لكل الحقوق عبر تطبيقها لقيم الديقراطية المبنية على الإدارة السليمة لأمور الجمعيات والحكامة الرشيدة التي تأخذ بعين الاعتبار منطق التداول في التسيير والشورى خلال اتخاذ كل قرار مصيري أو غير مصيري . غير أن ما يكدر صفو هذا المجال الجمعوي الديمقراطي المواطن هو بعض السلوكات التي ارتبطت به بعدما تكررت داخل جمعيات في كل ربوع البلاد، حيث تضرب، هذه الممارسات، بعرض الحائط كل المبادئ التي انبنى على أسسها الفعل الجمعوي . ففي العديد من الجمعيات ينفرد الرئيس بأمور الجمعية ويسعى ما أمكن إلى تسخيرها لصالح رغباته الشخصية متجاهلا كل القيم والأهداف التي تأسس من أجلها التنظيم الذي يرأسه ، ويعمل على إقصاء كل الأعضاء الذين تم انتخابهم بطرق ديمقراطية ومحاربتهم بالدسائس والمكائد حتى يخلو له الفضاء لتحقيق أهدافه و نزواته. بل إن هناك نموذج آخر من الرؤساء الذين يحولون العمل الجمعوي إلى مجال لممارسة الاستبداد ، يعمل ، خلال مرحلة تكوين مكتب الجمعية على فبركة ذلك المكتب و منح كل المهام لأفراد من عائلته و للمقربين من أصدقائه لتتحول الجمعية من مجال لممارسة الديمقراطية إلى فرصة للتجمع العائلي / هذا إذا اجتمع أعضاء تلك الجمعية. ويعمل رؤساء تلك الجمعيات على ضمان كافة الشروط لاستمرار تسلطهم وعدم وضع رئاسة الجمعية في أيادي «مزعجة« قد تتخذ من السلوك الديمقراطي منهجا لها في تدبير أمور الجمعية، وتضيع بذلك أهداف وطموحات ذلك الرئيس الخالد. إن ما على المهتمين بالحقل الجمعوي القيام به لضمان ممارسة جمعوية ديمقراطية هو إشعار الرأي العام أن الجمعيات ليست ملكية فردية أو ورشة خاصة يتحكم بها الأشخاص كما يشاؤون . فالعمل الجماعي هو من خصائص هذه الجمعيات، وتلاحم الأفكار والإرادات في العمل الجماعي هو من الضمانات الأساسية للنجاح. والإمعان في الرأي الآخر مفيد جدا، ولو كان مخالفا أو ناقضا أو معدلا لما يقوله البعض. و»السلطة « بمحتوى الحكامة ضرورية في تسيير الأمور، ولكن «السلطة» عوضا عن أن تكون خدمة للناس قد تتحول إلى تسلط بخروجها عن قواعد العمل الجماعي. لذا يجب أن تحدد المسؤولية بشكل واضح في النظام داخلي للجمعية كي لا يختلط الحابل بالنابل وتميل الأمور إلى صراع على السلطة وتفتح الأبواب أمام الحيل والمناورات الهدامة. [email protected]