دخلت انتفاضة الأقصى الثانية عامها التاسع لتسجل عاما جديدا من المعاناة التي لا تزال إسرائيل تسقيها الشعب الفلسطيني عبر عمليات القتل والاعتقال والتوغل والحصار وبناء جدار الفصل العنصري وسرقة الأراضي وإقامة آلاف الوحدات الاستيطانية. وأكدت مؤسستا لجان العمل الصحي والحق الفلسطينيتان في مؤتمر صحفي لهما في مدينة رام الله أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت في الثماني سنوات الماضية 5389 شهيدا فلسطينيا في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وأراضي الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وأصابت 32 ألفا و720 فلسطينيا بينهم 3530 أمسوا يعانون من إعاقات دائمة. وذكر بيان صدر عن المؤتمر، أن من بين الشهداء 194 امرأة و995 طفلا، في حين قتل 492 مواطنا سقطوا جراء قصف قوات الاحتلال منازلهم أو تجمعات بشرية في الضفة الغربية وقطاع غزة، في وقت جرى استهداف 746 فلسطينيا بعمليات اغتيال إضافة إلى 233 مواطنا آخرين تصادف وجودهم في مسرح عمليات الإعدام التي نفذتها وحدات جيش الاحتلال بحق من تتهمهم بالنشاط العسكري والسياسي ضد إرهابها. وأكد البيان أن عدد الأسرى الفلسطينيين في الانتفاضة بلغ 65 ألفا لا يزال قرابة 11 ألفا منهم في سجون الاحتلال، وارتفع عدد الحواجز الإسرائيلية إلى 630 حاجزا. ثورة جديدة وقالت المديرة العامة لمؤسسة لجان العمل الصحي ، شذى عودة، إن الاحتلال عمد في رده على هذه الانتفاضة إلى تدمير البنى التحتية للشعب الفلسطيني بالقتل والاعتقال والاستيطان والاستيلاء على المستحقات المالية المحتجزة لديه وجعلها موضوعا للمساومة، والحصار وسرقة الأراضي تحت حجج أمنية واهية وتدشينها جدار الفصل. وأكدت عودة أن ما قام ويقوم به الاحتلال طيلة سنوات الانتفاضة الثانية يدل على همجية الاحتلال واتباعه سياسة منهجية لتصفية الشعب برجاله وأطفاله ونسائه المحميين بحكم القانون الدولي الإنساني، ومنعه من حق تقرير مصيره بطرق سلمية بمواجهته بقنابل وأسلحة ثقيلة قاتلة. وتوقعت عودة أن يتجه الوضع إلى مزيد من التفاقم سوءا والتصعيد الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، مشيرة إلى أن انتفاضة الأقصى لم تنته ولكن اختفت بعض مظاهرها. وأوضحت أن مظاهر المقاومة الشعبية والمواجهة المباشرة مع قوات الاحتلال اختفت بسبب تضييق الاحتلال بإقامته الجدار الفاصل وتحويل مدن الضفة الغربية إلى كانتونات وعزلها عن بعضها وحصار غزة، مشيرة إلى أنه لا يزال هناك عمل نضالي مشترك عبر الأفراد والمؤسسات التي تتلقى دعمها من الشعب. وحذرت المديرة العامة لمؤسسة لجان العمل الصحي من ثورة «انتفاضة» جديدة على إسرائيل نتيجة حالة الفقر والبطالة والظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها الشعب جراء الحصار الإسرائيلي خاصة في قطاع غزة. واعتبرت أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لم تجلب سوى الدمار والإحباط للشعب الفلسطيني خاصة بعد أنابوليس حيث ارتفعت وتيرة الاستيطان بمعدل 30% مقابل هدم وتدمير 7934 منزلا فلسطينيا، في حين أكملت إسرائيل حتى الآن بناء 450 كلم من الجدار الذي أمّن لها مصادرة 45% من مساحة الضفة الغربية. محاولة كسر الإرادة من جهته أكد شعوان جبارين مدير مؤسسة الحق التي تعنى بحقوق الإنسان الفلسطيني أن أبرز نتائج انتفاضة الأقصى هو قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمحاولة كسر إرادة الشعب الفلسطيني عبر استخدام قوة وبطش غير مسبوقين بالقتل والتدمير. وقال جبارين إنه لا يوجد أي مقارنة بين الانتفاضة الحالية وانتفاضة عام 1987، إذ لم تبق إسرائيل أي نوع من السلاح القاتل إلا استخدمته في قمع الشعب الفلسطيني حيث استخدمت الصواريخ والطائرات والمدافع، مشيرا إلى أن هذا ما تؤكده إحصائيات الشهداء والمصابين والمعتقلين. وأضاف أن الاستيطان تصاعد خلال الانتفاضة الحالية بشكل كثيف، في حين جرى فرض بناء الجدار الفاصل الذي يؤسس للحل السياسي المستقبلي، حيث يعد الخطوة الأولى لترسيخ المخطط الإسرائيلي وفرض حقائق الأمر الواقع. وأشار مدير مؤسسة الحق إلى أن المعلم الآخر الأبرز في هذه الانتفاضة هو الوضع الداخلي الفلسطيني وما نشأ عنها داخليا من حالة الانقسام وهو الأمر الأسوأ لنتائج الانتفاضة، حسب تعبيره.