يبدو أن وضعية بورصة الدارالبيضاء متجهة نحو التصحيح و الاستقرار ، والقطيعة مع المعدلات المرتفعة ، لتصبح بورصة عادية تتطور تدريجيا ، في ضوء التطورات التي تشهدها البورصات العالمية . وهكذا بدأ الهدوء إلى البورصة بعد أيام عصيبة من الخوف والتشكيك الذي دب في نفوس أصحاب الأسهم ، وهو ما تسبب في تراجع المؤشر «مازي» بنسبة 10 في المائة، كما ذكر المتتبعون أن شركات العقار والإسكان تكبدت الحصة الأكبر من الخسائر ، حيث وخسرت أسهم »الضحى للعقار«، و«الشركة العقارية العامة«، و«اليانس للتطوير العقاري« 6 في المئة في كل جلسة، بعد أن كانت تضاعفت مرتين، واستفادت من الطلب على الأسهم العقارية الذي قاده صغار المدخرين منذ سنة 2006. وقد أكد العديد من الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين في بورصة الدارالبيضاء أن هذه الأخيرة ، عرفت خلال المدة الأخيرة ، أزمة ثقة غير مبررة ، باعتبارها لا ترتكز على معطيات موضوعية ، وباعتبار أيضا أن أغلبية الشركات المدرجة سجلت حتى الآن نتائج مشجعة تنبىء بسنة جيدة ، وقد شهدت النتائج نصف السنوية لأهم الشركات ، ارتفاعا تراوح مابين 37 في المائة وأكثر من 197 في المائة .وكانت البورصة عرفت ،في السنوات الماضية ، تطورات مهمة ، تمثلت في تحقيق زيادة بنسبة 30.7 في المائة سنة 2003 ، وزيادة بنسبة 22.5 سنة 2005 وحوالي 33.9 في المائة سنة 2007 ، مقابل 9.34 في المائة مابين يناير وغشت 2008 . وهكذا بلغ تطور البرصة خلال خمس سنوات أكثر من 350 في المائة .. ويؤكد المحللون أن البورصة المغربية دخلت مرحلة تصحيح منذ أواسط شهر مارس الماضي، وتراجعت وتيرة الإدراجات الجديدة، إذ لم يتم إدراج سوى 5 شركات جديدة خلال فترة التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية. ويشير المتتبعون إلى إقدام العديد من الشركات المدرجة على تقليص القيمة الإسمية لأسهمها من 100 درهم إلى 10 دراهم للسهم، واستعداد شركات أخرى للقيام بالعمل نفسه، حيث من المتوقع أن تمكن هذه العملية من مضاعفة عدد الأوراق المالية المتوفرة في السوق 10 مرات، والسماح لفئات جديدة بالاستثمار في البورصة، وبالتالي التحكم في الأزمة الظرفية .. والواقع، حسب الخبراء ، أن بوادر هذه الأزمة بدأت تلوح في الأفق منذ حوالي شهرين ، حيث إن تطور السوق كان سلبيا خلال عطلة الصيف ولاحظ الكل أن شهر غشت كان مختلف عن باقي الشهور السابقة ، فقد سجل « مازي » مؤشر جميع الأسهم المغربية تراجعا . ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن هذه الوضعية بدأت تظهر خلال الشهر الثالث من السنة الجارية ، حيث سجلت البورصة يوم 13 مارس نتيجة سنوية بلغت 17.6 في المائة وهو أكبر مستوى سنوى ، وبعدها اتجهت المؤشرات نحو الانخفاض ، وكانت النتيجة المتوقعة تسجيل تطور يقل عن 10 في المائة خلال ثمانية أشهر . إلا أن وزير الاقتصاد والمالية صلاح الدين مزوار كان أوضح ، في عرض قدمه أخيرا أمام مجلس الحكومة أن التراجع الذي شهدته بورصة الدار البيضاء خلال الأيام الماضية ، لا يعكس بأي وجه الدعامات الأساسية للاقتصاد الوطني، متوقعا حصول تطور إيجابي لسوق البورصة في المغرب ،في المستقبل المنظور ، حيث يتوقع الفاعلون والمهنيون ارتفاعا في الأرباح الصافية للمقاولات المدرجة بنسبة تفوق20 بالمائة برسم السنة الجارية . وذكر مزوار أنه بعد التصحيح الذي تم في بداية الأسبوع ماقبل الأخير ، أصبحت سوق البورصة تأخذ منحى إيجابيا برز واضحا يوم 17 شتنبر الجاري ، حيث حققت السوق حجما مهما من المعاملات بلغ حوالي3 ر1 مليار درهم، بفضل المساهمة المهمة للمستثمرين المؤسساتيين ، متوقعا أن أن يرتفع مؤشرا البورصة عند نهاية سنة 2008 بنسبة تتراوح ما بين 10 و15 بالمائة . وتفيد المعطيات المتوفرة أن القيمة السوقية للاسهم المتداولة في بورصة الدار البيضاء تبلغ حاليا 700 مليار درهم مغربي، أي ما يعادل 80 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد، وهو ما يمثل 5في المائة تقريبا من الاستثمارات في الاقتصاد المغربي.