كانت وستبقى القضية الفلسطينية ضمن الانشغالات الكبرى للمغرب. وموقف الرباط من أجل المحافظة على الوضع الخاص للقدس ،وصون المسجد الأقصى والأماكن الإسلامية الأخرى ،وتضامنه المطلق ومساندته للقيادة الفلسطينية لإبطال الخطط الإسرائيلية الأحادية الجانب في القدسالشرقية ،موقف ثابت . إن موقف المغرب ،كما يعرف الجميع ،لاتمليه ضرورات ومستجدات طارئة أو مناسباتية ،بل هو انشغال مستمر نابع من إيمان كبير بقضية يعتبرها مقدسة، ولا ينحصر فقط في إعلان التضامن اللفظي، وعبارات الشجب والإدانة .إنه انشغال عملي ،يتجلى في الجهود المتواصلة للمغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس ،بوصفه رئيس لجنة القدس، في الدعم المطلق واللامشروط لهذه القضية التي يعتبرها ،على الدوام ،ضمن قضيته الأولى، ضمن قضاياه الوطنية. يبرز ذلك أيضا من خلال المساعدات والتبرعات الشخصية لجلالة الملك للفلسطينيين، والجهود الحثيثة من أجل إعمار غزة، والحرص الكبير لجلالته على السير المحكم لوكالة بيت مال القدس وتنفيذ برامجها لتبلغ الأهداف المسطرة لها. ومافتئ جلالة الملك ،في العديد من المناسبات الدولية والعالمية ،يشدد على أن تحقيق السلام بالشرق الأوسط أمر غير مستحيل. وهو ماأكده جلالته أمام الدورة 65 للجمعية العامة للأمم المتحدة ، في الخطاب الذي تلاه الوزير الأول السيد عباس الفاسي، بقوله «إن تحقيق السلام ليس هدفا مستحيلا، كما أن استمرار النزاع ليس قدرا محتوما، ويبقى السبيل الوحيد للتسوية، هو حل دولتين تعيشان جنبا إلى جنب، في أمن وسلام». وفي هذا الإطار تبرز أهمية التفاوض ،حيث أكد جلالته «باعتبار المغرب فاعلا في عملية السلام، فإننا واعون بأن التفاوض لا يطرح فقط مسألة إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، وما يرتبط بها من مسائل شائكة، وإنما يمر حتما عبر تفادي الأعمال الأحادية الجانب، ووقف العمليات الاستيطانية، خاصة بالقدس». وأثار جلالته انتباه المنتظم الأممي، والمجتمع الدولي، إلى حساسية قضية القدس، ومحاولات التهويد وطمس معالم هذه المدينة المقدسة ، مشددا على ضرورة أن تظل القدس رمزا للتعايش والوئام بين الديانات السماوية، ومدينة للسلام والتساكن بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. إن المجموعة الدولية مطالبة إذن بدعم مسار المفاوضات المباشرة الجارية، باعتبارها فرصة سانحة للعمل الجاد على إيجاد تسوية نهائية وعادلة ودائمة، طبقا للشرعية الدولية، وللقرارات الأممية ذات الصلة، وذلك انطلاقا من مرجعية واضحة، ووفق أجندة شاملة، وجدولة مضبوطة، وأفق زمني محدد.