أصدر الباحث سعيد الغولي كتابا تحت عنوان «علال الفاسي: البرنامج السياسي في النقد الذاتي» أنجزه لفائدة مؤسسة علال الفاسي. ويقع هذا الكتاب في 92 صفحة ويتضمن ستة فصول وهي: مناعة الفكر كمذهب» و«حماية الفكر» و«إصلاح الإدارة، القضاء والتعليم» و«الاقتصاد والمجتمع» و«المرأة وتنظيم الأسرة، الشباب والصحة» وأخيرا «التنظيم السياسي والنقابي». وتشتمل هذه الفصول على تبويبات فرعية تتناول مواضيع «الفكر الفلسفي وفن الحكم والفكر السياسي وقوة الدولة» ثم «توجيه الفكر إلى المثل العليا والعصرنة والمعاصرة والفكر الوطني والفكر الديني والإسلامي». وكذا «في الإدارة وأصولها والسلطة القضائية والمسألة التعليمية» و«التنظير الاقتصادي والمجتمع الخلاق والشرور الاجتماعية» و«حرية المرأة والتربية والأسرة والشباب والصحة» وأخيرا «العمل الحزبي والتنظيم النقابي». وباعث هذا التأليف كما يقول سعيد الغولي هو مناسبة حضوره إحدى الندوات في ماي 2010 بمناسبة مرور قرن على ميلاد المفكر والزعيم علال الفاسي، وإيمانه أنه رغم قيمة العروض وثرائها «فإننا نختزل فكر علال الفاسي ونغبن أفكاره أمام غزارة تآليفه» معتبرا أن قراءه مؤلفه السابق لعصره النقد الذاتي تتم بطريقة انتقائية، لذلك يقول «حينها حضرت ببالي فكرة إعادة قراءة الكتاب لمزيد من الشرح وإعطاء تصورات بمفاهيم وقراءة جديدة إن أمكن لأطروحات هذا الزعيم ، لماذا لا يتجرأ على قراءة الكتاب بشكل آخر؟ لماذا لا نلبي رغبة الفقيد وقد طلب منا قراءته والإضافة إليه بل حتى نقده إذا أمكن في نقد للنقد؟ وفي هذا السياق يقتبس فقرة للزعيم علال الفاسي «لا أقصد من هذا الكتاب الذي أضعه اليوم غير تنبيه الرأي العام المغربي وخاصة النخبة العاملة لضرورة الإيمان بالنظر والحوار وتحديد المثل العليا واختيار أحسن السبل للوصول عليها مع امتحان الضمير في كل المراحل ومحاسبة النفس على أغلاطها». لذلك يقول المؤلف في الصفحة 13 «أجدني أروم أن أقول إن علال الفاسي لم يقدم فكرا سلفيا بل قدم فكرا متأصلا بالحداثة وبدل القول بسلفية علال الفاسي أفضل القول أصالة الحداثة عند علال الفاسي. مضيفا أن علال الفاسي يرفض العصبية والانقسامية ويدعو إلى فكر اجتماعي موحد تعادلي سليم. ويفصل المؤلف في مفهوم الاستقلال قائلا إن هذا المصطلح عند الزعيم علال الفاسي لا يعني التحرر الترابي فقط بل يشمل الفكر واستقلاله من التبعية الأجنبية، وهوفي تفكيره الشمولي يعتبر الاستعمار سلطة احتلال أرض وفكر، لذلك يدعو إلى تكوين شخصية مغربية منفردة بخصوصياتها كأساس في بناء المجتمع. ويتحدث علال الفاسي عن التكامل الجهوي بالمفهوم الحديث بل ويعتبر هجرة الكفاءات إلى المنطقة المتخلفة عن ركب التطور في البلاد واجبا وطنيا لأجل العمل والنهوض بها حتى لا تحدث الفوارق الجهوية والتي تؤدي إلى هجرة معكوسة نحو أقطاب الإغراء. وفي نظريته الاقتصادية يلح علال الفاسي على العدالة الاجتماعية، وينتقد غول الرأسمالية وجشعها وذاك التطاحن الدائم في صراح بين صاحب الرأسمال والعامل في علاقة استغلال وانعدام التوازن مما يولد حقدا اجتماعيا، ويخلص أن الحلول العصرية لمشكلة الاقتصاد متمثلة في اتجاهها المادي واعتبارها المال العامل الأول والأخير في حل المشاكل، في حين الحل الأنسب في ما جاء به الدين الإسلامي في حلوله الاقتصادية وتفرده في هذا الأمر. وفي سياق الخاتمة يقول سعيد الغولي إن علال الفاسي وفي وقت كان العالم الإسلامي والعربي والثالث يعيش على نزعة الانقلابات كان بالمقابل يدعو لبناء الدولة العصرية المرتكزة على الديمقراطية والمؤسسات ذات المصداقية وفصل السلط وحريات الفكر والصحافة والانتماء النقابي والجمعوي، مما يدل أنه بذل مجهودا في هذا الكتاب الخالد الذي ألفه في سنوات الاستعمار لكن نظَّره لسنوات السبعينيات والثمانينيات وضمَّنه أفكارا لا تهم المغاربة في أواسط الأربعينات.