يبدو أن الرجل يتمتع بمواصفات الجاسوسية الاستثنائية جدا، يتحرك على مختلف المستويات والواجهات بثقة وشجاعة ملفتين للنظر، يحضر إلى مدينة آسا المغربية في إطار نشاط مدني معين، وينقل التقارير إلى المخابرات الجزائرية التي تتحكم في أزرار حركاته، ويعود إلى الداخلة، المدينة المغربية، ويحاول أن يرش كثيرا من الغبار على العيون بنشره مقالات تافهة في جريدة «الشروق» شديدة الارتباط بالجهة التي تدفع لصاحبنا المال، والحقيقة أن التقرير الحقيقي رفعه إلى رؤسائه في جهاز المخابرات، ويطير إلى لندن ويتصل بعميل المخابرات الجزائرية السابق، الذي فجر قنبلة تورط المخابرات الجزائرية في اعتداءات أسني بمراكش الإرهابية، ويقترح عليه العودة للعمل كجاسوس في المخابرات الجزائرية وهاهي جمعية الصحراء المغربية تقرر رفع دعوى ضد هذا الرجل الاستثنائي وتكشف عن معطيات تليق بمقام وأهمية الرجل وتؤكد أنها كانت ضحية ابتزازاته حينما التقى أعضاء منها بهذا الرجل بمدينة تولوز الفرنسية وسلموه مبلغا ماليا بقيمة 4200 أورو مقابل تسلمهم لوثائق تهم جبهة البوليساريو، لكن الرجل حمل المال والأخبار واختفى عن الأنظار، وتقول الجمعية إن الرجل كان يكتب في أسبوعية «الصحراء الأسبوعية» كمتعاون مقابل أجر، طلب مرة من الجمعية مساعدة مالية لإنجاز بعض مشاريعه، وكان قد حل ضيفا لهذا الغرض على الجمعية بمدينة أكادير، واتضح لمسؤولي الجمعية أن الهدف الحقيقي للرجل كان هو اللقاء بمسؤولين من المخابرات المغربية: وقال إنه يستعد لإصدار كتاب ضد حكام الجزائر ورفع دعاوى ضدهم وإنشاء تنظيم جزائري بباريس للتنديد بوجود البوليساريو فوق التراب الجزائري، لكن المخابرات المغربية لم تهتم بالرجل لتفاهة أقواله وطروحاته وعاد أدراجه خائبا. الرجل، كان يدعي معارضته الشديدة للنظام الجزائري، وكان لاجئا في الخارج، وانضم إلى فريق من المعارضين الجزائريين وأنشأوا موقع «الجيريا تايمز» قبل أن يفضح أمره بين رفاقه ليقوموا بطرده واكتشفوا أنه هوائي من هوائيات المخابرات دسته المخابرات الجزائرية بينهم، ومباشرة بعد طرده سيتعرض الموقع إلى تدميرات متكررة. إنه أشهر من علم... أشهر من الشهرة... رجل اسمه أنور مالك الذي يتلون في تقديم نفسه، تارة صحافي، تارة أخرى معارض جزائري، تارة أخرى كاتب جزائري... وهي إحدى سمات جهابذة الجاسوسية الذي ينتهي به المطاف بأن يلقي به الأسياد بعدما يستنفدون أغراضهم منه في أول قمامة أزبال تصادفهم في الطريق.