يعرض حاليا ببلادنا فيلم أمريكي ميلودرامي جديد يحمل عنوان «هاتشي» من إخراج السيناريست والمنتج والموضب السويدي لاس هالستروم الذي اشتهر ببعض أفلامه السابقة من بينها «الحياة غير المكتملة» والشكولاطة» والذي يعرض له حاليا ببلادنا أيضا فيلم جديد آخر عنوانه «CHER JOHN». يشير عنوان فيلم «هاتشي» أو «هاتشيكو» إلى اسم فصيلة كلاب قديمة مشهورة بوفائها وذكائها في علاقتها بالإنسان، وقد أخذ هذا الفيلم عن قصة واقعية جرت وقائعها قديما في طوكيو باليايان، ويقوم ببطولته بأداء رائع الكلب «هاتشي» إلى جانب الممثل الأمريكي المشهور «ريشار جير» الذي شارك أيضا في إنتاجه ويشخص فيه دور الأستاذ «باركير» المتخصص في تدريس الموسيقى والذي صادف يوما في طريقه كلبا صغيرا جميلا ونشيطا يجري تائها بين أرجل المارة، فأخذه معه وحاول في طريقه أن يقنع بعض الأشخاص الذين يعرفهم بالاحتفاظ به ريثما يتم التعرف على صاحبه المجهول الذي ضاع منه، و لكنهم رفضوا كلهم طلبه بمبررات مختلفة، فأخذه معه مضطرا إلى منزله وهو يعلم أن زوجته تكره الكلاب، وسيتمكن بصعوبة بمساعدة ابنته من إقناعها بالاحتفاظ به مؤقتا في المنزل ريثما يتعرف على صاحبه الذي لم يظهر ولن يظهر له أثرا. ستتوطد علاقة الحب و الحنان بين الأستاذ باركير والكلب «هاتشي» إلى درجة أصبح فيها هذا الكلب يصاحب الأستاذ يوميا إلى محطة القطار في الصباح ويعود في المساء إلى نفس المحطة لاستقباله بعد عودته من العمل. و سيأتي يوم شعر فيه «هاتشي» بإحساس غريب، و لم يكن متحمسا عكس عادته لمرافقة صديقه الأستاذ إلى محطة القطار، فرافقه في نهاية الأمر بعد إلحاح كثير، وعند وصولهما إلى باب المحطة شعر «هاتشي» بحزن كبير وهو يودع الأستاذ بحرارة وشوق كأنه لن يراه مرة أخرى، و كأنه يعلم أنه لن يعود في المساء أبدا إلى محطة القطار. لم يعد الأستاذ فعلا إلى محطة القطار بعد إصابته بأزمة قلبية قاتلة، و خيم حزن كبير و عميق على الكلب «هاتشي» الذي بقي إلى النهاية في مكانه المعتاد المقابل للمحطة يترقب آملا عودته، وهو انتظار طال حوالي عشر سنوات كبر فيها سنه وأصبح مهملا ووسخا وصابرا على التقلبات المناخية وصامدا في مكانه لا يهمه أي إنسان آخر وغير مبال بزوجة الأستاذ وابنته ورافضا الذهاب معهما إلى المنزل. الفيلم مؤثر وغني بالدلالات والعبر ومحرك للعواطف إلى درجة قد يثير البكاء في بعض المشاهدين الصغار والكبار أيضا، موضوعه متناول ببساطة وبطريقة كلاسيكية، شخصياته سطحية وعادية بطبعها وتصرفاتها، ولكن قوته وتميزه يتجليان في الأداء التلقائي الجيد للكلاب التي شخصت دور «هاتشي» في مراحل مختلفة من عمره، ويعود الفضل في ذلك إلى جودة عملية الترويض والإخراج و التصوير أيضا، مما جعل الأداء يكون أكثر عمقا مقارنة مع كل الممثلين الآخرين. قصة هذا الفيلم تحكيها بواسطة الفلاش باك حفيدة الأستاذ «باركير» التي ولدت بعد وفاته، هي التي طلبت منها الأستاذة في القسم أن تحكي لزميلاتها و زملائها التلاميذ عن البطل المفضل عندها، فاختارت أن يكون الكلب «هاتشي» صديق جدها هو بطلها الأسطوري الذي يرمز لها بقمة الحب و الوفاء.