الشرق الأوسط يشتعل مجددا، فيما يحتل الحديث المتجدد عن احتمال تعرض إيران لهجمات، عناوين الصحف. وإذا كانت أية منشآت نووية إيرانية ستتعرض لهجمات، فسيمثل ذلك بداية عصر جديد من العنف وانتشار الأسلحة النووية في المنطقة. ويتعين على الولاياتالمتحدةوروسيا العمل معا لمنع تدهور الوضع الأمني هناك. ويجب على الرئيس الأميركي باراك أوباما، ونظيره الروسي ديمتري مدفيديف، الموافقة على رعاية مؤتمر لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وذلك بمشاركة الدول ال189 التي شاركت في مؤتمر الأممالمتحدة لمراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، في مايو الماضي. وتؤيد كل دول الشرق الأوسط، بما فيها إيران، فكرة إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، ولكن يمكن لاحقا بحث التفاصيل المتعلقة بالأسلحة التي يتعين منع انتشارها، ضمن هذا الإطار، وكذلك إجراءات التحقق الضرورية للحفاظ على الثقة المتبادلة بين الأطراف كافة. ويفترض أن يتيح هذا المؤتمر تقريب وجهات النظر وإزالة الخلافات في هذا الشأن بين مختلف دول المنطقة. ولم يكن مقررا أن تواجه مناقشة تلك الافتراضات المختلفة مخاطر كبيرة، رغم أنها تحمل في طياتها فوائد سياسية وسيكولوجية جوهرية. وسواء كانت تلك المحادثات افتراضية أو لا، فستكون في غاية الحساسية، وستغوص العملية بصورة سريعة في مستنقع كبير. وتبدو الرابطة بين القضايا المختلفة معقدة، ولن يقنع وجود عملية دبلوماسية إقليمية إيران على الفور بالتخلي عن أنشطتها لتخصيب اليورانيوم، أو البرامج النووية ذات الصلة بالموضوع. كما لا نتوقع أن تفصح إسرائيل في وقت قريب عن ترسانتها النووية، وتقوم بتفكيكها. وهذا الأمر يثير التساؤل، حول ما إذا كانت الولاياتالمتحدةوروسيا مهتمتين الآن بالتوفيق بين وجهتي نظرهما والعمل معا. في منتصف تسعينيات القرن الماضي، رعى البلدان عملية مشابهة، لكن محادثاتهما تعرضت للانهيار، عندما وصلت الدولتان إلى طريق مسدود بشأن كيفية تقريب وجهتي نظرهما، حول شرق أوسط خال من الأسلحة النووية. ولم تهتم الدولتان كثيرا بدعوة الأطراف المعنية لطاولة المحادثات. وتبدو المخاطر في هذه الأيام كافية لبذل جهود كافية في هذا الاتجاه. ويستبعد المشككون فكرة التعاون بين واشنطنوموسكو، بشأن الشرق الأوسط، لأن روسيا لا توجد لها مصلحة كبيرة في مساعدة الولاياتالمتحدة على حل مشكلات المنطقة، لكن المسؤولين الروس ينسون أن الشيشان لا تبعد عن طهران أكثر من 900 كيلومتر، كما أن سُبع سكان روسيا من المسلمين، ولديهم علاقات وثيقة مع تركيا، إيران، وأفغانستان، وأجزاء كبيرة من العالم العربي. وحتما فإن التطرف والاضطرابات السياسية في المنطقة، ينعكس أثرهما على روسيا. وبالنسبة لموسكووواشنطن، فإن المعركة ضد الإرهاب تعتبر من أولويات الأمن القومي لكليهما. ويعتبر الزعماء الروس أفغانستان، باكستان، والعراق، أرضية تدريب للمسلحين المناهضين لروسيا. وتوجد كذلك مصلحة أميركية روسية في منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وأيدت الدولتان العظميان السلسلة المتتابعة من عقوبات الأممالمتحدة ضد إيران. من جانبها ، وافقت الإدارة الأميركية على الدور الروسي، المتمثل في تزويد مفاعل الطاقة في بوشهر بوقود اليورانيوم المخصب، ونقل الوقود المستهلك من إيران. كما أن لواشنطنوموسكو مصالح متنافسة في مجال الطاقة في الشرق الأوسط، وكلتاهما لهما مصلحة في إيجاد استقرار إقليمي كشرط أساسي للمحافظة على أسواق الطاقة الفعالة في المنطقة. وعلى سبيل المثال، تستحيل متابعة مصلحة روسيا في التعاون في مجال الطاقة مع إيران، من خلال تطوير الاحتياطي الهائل من الغاز الطبيعي ومصافي النفط، بتكاليف مقبولة، إذا استمرت المخاوف النووية في التنامي. ويمكن للولايات المتحدةوروسيا تحويل الصراعات الحالية في الشرق الأوسط إلى نقاط مستقبلية للتفاوض، ولكن فقط إذا عملت الدولتان معا، واستمرتا في ذلك على المدى الطويل. صحيفة«موسكو تايمز» الروسية