هن طالبات شاءت الأقدار أن يبتعدن عن أسرهن، الوجهة مدينة الرباط حيث تتركز المعاهد العليا وكبريات المدارس التي تدرس تخصصات توجد في الرباط وحدها دون باقي المدن، طالبات أبين إلا أن يقطعن مسافات في سبيل دراستهن ومأواهن الحي الجامعي السويسي الثاني بمدينة العرفان، الأيام الأخيرة من إقامة الطالبات هذه السنة عرفت شدا وجذبا بين الطالبات وإدارة المؤسسة على خلفية الإعلان عن قرار إغلاق الحي الجامعي يوم 25 يوليوز في حين أن الكثيرات سيبقين بلا مأوى خاصة وأنهن يقضين فترة تدريب إجبارية بعد هذا التاريخ، من قبيل طالبات شعبة الطب والصيدلة وطالبات المعهد العالي للإعلام والاتصال وتخصصات أخرى. هاجس البحث عن سكن قض مضجع العديد من الطالبات، عوض أن يكون الهم الشاغل هو قضاء فترة التدريب أضيفت إليهن مسؤوليات أكبر منهن. حاولنا أن نقارب الموضوع بكل حيثياته ونتعرف أكثر على تداعياته. ولكي لايكون تطرقنا للموضوع متحيزا استعرضنا الرأي والرأي الآخر. تصريحات طالبات بالحي الجامعي من جهة وتصريحات مدير الحي الجامعي من جهة ثانية. جيهان: «اضطررت للتخلي عن فترة مهمة من تدريبي» جيهان طالبة تقطن بالحي الجامعي السويسي الثاني طلبت منا ألا ندرج اسمها بالكامل أو حتى المؤسسة التي كانت تقضي فيها التدريب، سألناها عن الصعوبات التي تعرضت لها في الفترة الأخيرة من إقامتها بالحي الجامعي وكانت تصريحاتها كالتالي: «في البداية صدر إعلان بأن الحي سيغلق أبوابه نهائيا يوم 30 يونيو، قمنا بالتحدث مع مدير الحي ووافق على قرار التمديد حتى يوم 31 يوليوز شريطة تقديم شواهد تثبت اننا نقضي فترة تدريب إجبارية تقدمها لنا المؤسسة التي ندرس بها. رغم أنه تاريخ غير كاف لأن الكثير من الطالبات لديهن تدريب بعد هذا التاريخ. وبالفعل قمنا بتقديم الشواهد ولكن تعرضنا لمماطلات كثيرة من طرف موظفي الحي، كل يوم كنا نذهب لتقديم الشواهد يتم إرجاء العملية إلى اليوم الموالي وهكذا دواليك، ونحن كنا ننتظر تسليم الشواهد، وبفارغ الصبر واستلام توصيل يثبت أننا سلمناها لأننا كنا نتعرض لتشديدات أمنية من طرف الأمن الخاص على اعتبار عدم توفرنا على التوصيل، وكنا نلج الحي بصعوبة بالغة. بعد ذلك بفترة قصيرة صدر قرار آخر يقضي بضرورة مغادرة الحي يوم 25 يوليوز بصفة نهائية ودون نقاش هذه المرة. وكانت محاولاتنا لمقابلة المدير والحديث معه تبوء دائما بالفشل ولم نجد أبدا فرصة سانحة لتقديم طلب تمديد آخر وحين فقدت الأمل في الموضوع تحدثت مع مديري في التدريب لكي انسحب قبل الفترة القانونية لانتهاء تدريبي. وأظن أن السبب الذي دفع السيد المدير الى إعلان قرار إغلاق الحي الجامعي كانت وراءه مجموعة كبيرة من الطالبات اللواتي قدمن شواهد مزورة للادارة، ولم يكن يذهبن إلى أي تدريب في الفترة الصباحية ولا يحلو لهن الخروج إلا ليلا، حتى أشكالهن توحي أنه لا علاقة لهن بأجواء الدراسة، الشيء الذي أثار حفيظة مدير الحي ليعلن هذا القرار الذي تناسى فيه أنه بالفعل هناك من تقضي فترة تدريب إجبارية. غزلان «تعرضت لمحاولات نصب أثناء البحث عن السكن» غزلان أمجود طالبة بالمعهد العالي للاعلام والإتصال تنحدر من مدينة أكادير وتقطن بالحي الجامعي السويسي الثاني، بعد يوم 25 يوليوز وجدت نفسها بدون مأوى مضطرة إلى البحث عن سكن، خاصة وأنه ليس لديها أقرباء بمدينة الرباط. تقول غزلان أنها ظلت بالحي الجامعي حتى يوم 25 يوليوز وكانت تطمع في كرم المدير ليمدد لها الإقامة لأنها لن تنهي فترة التدريب حتى يوم 13 غشت ولكن لم تنجح في مقابلته والتحدث معه فاضطرت إلى حمل حقائبها والتوجه إلى أحد الفنادق ريثما تعثر على منزل لاكترائه رفقة صديقتيها من نفس المعهد الذي تدرس به. 3 أيام متواصلة هي المدة التي تغيبت فيها غزلان عن التدريب حتى تتمكن في نهاية المطاف من الحصول على منزل «بحي القامرة»، بالرباط، بعد أن طافت أحياء كثيرة تعرضت فيها لمحاولات نصب من طرف سماسرة العقار الذين يستغلون الفترة الصيفية ليضاعفوا ثمن اكتراء المنازل مرتين أو ثلاث مرات. تقول غزلان: «حوتة كتخنز شواري»، ذنبنا هو أننا وجدنا أنفسنا في الحي الجامعي ليس مع طالبات وإنما أشباه طالبات قدمن شواهد مزورة لادارة الحي لكي يبقين من أجل قضاء مآرب أخرى الله وحده أعلم بها، وعندما تم اكتشاف أمرهن من طرف إدارة الحي أتى على الأخضر واليابس ووجدنا أنفسنا بلا سكن وبدأت معها رحلة البحث عن مأوى وبدأت معها المعاناة الحقيقية». سلمى: «أحاول يوميا كسب التحدي الأكبر» نفس السيناريو تكرر مع سلمى طالبة بكلية الطب والصيدلة من مدينة طنجة التي تقضي فترة تدريب إجبارية بمستشفى ابن سينا بالرباط. سلمى لم تتوفق بتاتا في العثور على سكن بثمن مناسب فاضطرت للسكن مع أقربائها في مدينة القنيطرة بصفة مؤقتة. سلمى تأخذ الطريق الرابطة من القنيطرة الى الرباط صباح مساء والتحدي الأكبر هو أن تصل في الوقت الى مقر تدريبها. سلمى تقول: « التفكير في إغلاق الحي الجامعي قرار غير عقلاني ومستهجن من طرف الجميع ولم يأخذ بعين الاعتبار أن الكثيرات سيبقين بلا مأوى، إذا كنت أنا قد توفقت في الحصول على مسكن، فتيات أخريات لن تتاح لهن هاته الفرصة وسيضطررن الى الحصول عليه بطرقهن الخاصة خصوصا إن كن ينحدرن من أسر محدودة الدخل، والمفارقة الأكبر هي أن الحي الجامعي السويسي الأول مازال لحد الآن مفتوحا في وجه الطلبة الذكور». مدير الحي الجامعي السويسي 2 بالرباط :«عمليات تزوير كانت وراء اغلاق الحي الجامعي السويسي في وجه الطالبات في حوار خص به جريدة العلم حيث قمنا بزيارته في مكتبه. تحدث علال الرميش مدير الحي الجامعي السويسي 2 بإسهاب عن حدث إغلاق الحي وقال إن القرار كان مرده الشهادات المزورة التي قدمتها طالبات بالحي الجامعي وأشياء أخرى كثيرة بخصوص الموضوع تجدونها في هذا الحوار. * ما سبب إعلانكم عن قرار إغلاق الحي الجامعي في الوقت الذي لازالت العديد من الطالبات يقضين فترات تدريب. * أظن أن غالبية الأحياء الجامعية المغربية أغلقت قبل فترة طويلة من الآن، نحن أيضا في البداية أعلنا أن الحي سيغلق أبوابه يوم 30 يونيو ولكن راجعنا القرار وطلبنا من الطالبات تقديم شواهد تثبت بالفعل أنهن يقضين فترات تدريب. وفوجئنا بعدد كبير من الطالبات اللواتي قدمن شواهد ووافقنا على جميع الطلبات. والغريب في الأمر أنه عندما كنت أقوم بجولات في الحي الجامعي كنت أكتشف أن الكثيرمن الطالبات يبقين في الحي في الفترة الصباحية وبعد الظهر ولايذهبن إلى تداريبهن، مما يطرح علامة استفهام إن كن فعلا يقضين فترة تدريب أم لا. *وماذا فعلتم إزاء هذا الوضع؟ * قمنا بمراجعة الملفات والكثير من الشواهد المقدمة ثبت بسهولة أنه لا أساس لها من الصحة، وأنا بصفتي مسؤولا عن الحي الجامعي، قررت طرد هؤلاء الطالبات على اعتبار أن تداربيهن وهمية. * الكثير من القيل والقال أثير حول استقبالكم لطلبة أجانب في الحي والكثير من الطالبات قلن إن سبب طردهن كان لهذا الغرض، ماردكم على هذه المعلومة. * استقبالنا للطلبة الأجانب ليس له علاقة بالموضوع. نحن بدأنا باستقبال هؤلاء الطلبة الذين لم تسمح لهم الظروف قضاء الصيف في بلدانهم وفي نفس الوقت قرابة 45 طالبة لازلن في الحي الجامعي في الوقت الراهن، أضف إلى ذلك أننا نقوم بإصلاحات في اربع عمارات داخل الحي وهو عدد لايمكننا تجاوزه حتى لانعرقل عملية ايواء الطلبة الاجانب، ولولا هذه الأوراش المفتوحة في الحي الجامعي لأسكنا كل طالبة تتوفر فعلا على تدريب. *من خلال بحثي وجدت أن مجموعة من الطالبات لديهن تدريبات إجبارية واضطررن لمغادرة الحي الجامعي والبحث عن سكن ، لماذا لم يتم تمديد فترة إقامتهن بالحي الجامعي؟ * الإقامة في الحي الجامعي ظلت مفتوحة أمام الطالبات اللواتي لديهن تداريب إجبارية وباب الإدارة كان مفتوحا أمام الطالبات الراغبات في التمديد بعد يوم 25 يوليوز وقد أخذنا بعين الاعتبار طلباتهن شريطة أن يكون لديهن فعلا تدريب وليس تقديم شواهد مزورة كما فعلت الكثيرات. * بخصوص موضوع استقبالكم للطلبة الأجانب، هل كان هذا الاستقبال في إطار شراكة مع منظمة معنية؟ *استقبال الطلبة الأجانب كان في إطار شراكة مع وزارة الخارجية عبر الوكالة المغربية للتعاون الدولي الوصية على الحي الجامعي الدولي ، بالرباط، واستقبلنا طلبة من ما يقرب 40 جنسية مختلفة. * ما الربح الذي يجنيه الحي الجامعي السويسي من خلال هذه الخطوة. * أعتقد أن الربح لا يجنيه الحي الجامعي وإنما عملية إيواء هذا الحشد من الطالبات والطلبة الأجانب وتوفير شروط إقامة مريحة لهم تكون لها تأثيرات جد إيجابية على العلاقات بين المغرب وهذه البلدان الصديقة عبر سفرائها من الطلبة.