تستعد وكالة بيت مال القدس الشريف، خلال الأيام القليلة المقبلة، لاطلاق حملتها السنوية الخاصة بجمع التبرعات لفائدة القدس الشريف، برسم سنة 2010، والتي تتزامن واستقبال العالم الاسلامي لشهر رمضان الأبرك للعام 1430. حملة تكتسي، هذه السنة، أهمية قصوى، بالنظر الى الظرفية الراهنة، والجد صعبة، التي تشهدها القضية الفلسطينية، عموما، وقضية القدس الشريف، على وجه الخصوص، نتيجة اجراءات قمعية، وحواجز تعمل في اتجاه تقسيمها عن بعضها البعض، ومن خطط ممنهجة ومقصودة من أجل تهويدها، وطمس معالمها العربية الاسلامية، وتهجير سكانها الفلسطينيين، عبر الاستيطان ومن تم الاستيلاء على أراضيهم..وما الى ذلك من المعاناة التي يشهد العالم برمته على لا قانوننيتها، ولا انسانيتها.. ولأنها كذلك، فالقدس وساكنة القدس، في أمس الحاجة الى آخر يشهد بحق معاناتها، ويساعدها على خلخلة الزمن.. زمن الحاضر والماضي والمستقبل، ومساءلة منطق التاريخ..تاريخ الهوية، وسؤال الحضارة..القدس، في أمس الحاجة، الى آخر يتفاعل معها، دعما ومساندة، بالمال لفائدة مشاريعها الانمائية، بكل أصنافها.ولعل هذا هو هاجس لجنة بيت مال القدس الشريف، والمتجسد في حملتها التي تطلقها سنويا الخاصة بجمع التبرعات لفائدة القدس الشريف.. وقفة تأمل تاريخية كبرى، اذن، تلك التي تمليها علينا وكالة بيت مال القدس الشريف، في موعد سنوي قار، دعما للقدس الشريف، وحفاظا عليها وعلى ما تزخر به من ثراث حضاري عريق، وللوجود الفلسطيني فيها، ومقاومة كل المخططات الاستعمارية الهادفة بالأساس الى محو أثر هذه المعلمة الاسلامية المقدسة، من خلال هدم البيوت والحفريات ، وعزل المدينة بشكل كامل عن باقي الضفة الغربيةوفلسطين. انه خيار أساسي، اعتمدته وكالة بيت مال القدس الشريف، منذ تأسيسها سنة 1997، بمبادرة كريمة وفاضلة من جلالة المغفورله الحسن الثاني، طيب الله ثراه. وهو خيار وجد ضالته في تعبئة الموارد المادية والمالية واستثمارها بشكل يضمن الدفاع عن الحقوق الوطنية للفلسطينيين الثابثة في مدينة القدس الشريف كعاصمة لدولة فلسطين، فضلا عن المحافظة على طابعها العربي الاسلامي وكذا ثراثها الحضاري؛ الديني والثقافي والعمراني. واستكمالا لهذا الدور الريادي: التاريخي الفاعلي، الذي أسس له المغفور له الحسن الثاني، سار جلالة الملك محمد السادس، على نفس الدرب، ولكن بخطى زائدة..مما عكس بجلاء الاهتمام المتزايد الذي ما فتئ العاهل الكريم يوليه للقضية الفلسطينية، بوجه عام، وقضية القدس الشريف، منها بوجه خاص. ومنذ تولي جلالته رئاسة لجنة القدس، ومن منطلق أمانته هاته، وجلالة الملك محمد السادس، يعمل جاهدا من أجل تحقيق المبتغى، والمتمثل أساسا في تعزيز صمود ساكنة القدس الشريف في مواجهة سياسة الاستيطان والتهويد والترحيل، وتمكينهم من أرضهم التي لن تكون سوى أرض أجدادهم، غايته المثلى في ذلك، حماية المقدسات العربية والاسلامية بالمدينة وكذا المساهمة في تدعيم المقومات الاجتماعية والثقافية والانسانية لهذا الشعب الأبي. وقد تجلى ذلك واضحا في جملة المبادرات القيمة والثمينة، التي حققها بيت مال القدس الشريف، بتوجيهات من رئيسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي كان لها الأثر الفعال، والوقع الحسن، لدى الفلسطينيين، بل تعداه ليشمل العالم بأسره.فقط لأنها جاءت من أجل رفع المعاناة عن المكروبين في أرض الإسراء والمساهمة في المشاريع المختلفة للمحافظة على الهوية الإسلامية للقدس والأقصى ونصرة المسجد الأقصى. وللتاريخ نذكر، على أن الذي ساهم في انجاح بيت مال القدس الشريف، هو أن أهل المغرب جبلوا على المسارعة لفعل الخيرات وإغاثة الملهوف، ومديد العون للقاصي والداني، وهذا بفضل من الله عز وجل، ثم بالعطاء والبذل من هؤلاء المحسنين الذين تهفو قلوبهم وأرواحهم إلى المسجد الأقصى والأرض المباركة فلا يألون جهدا لبذل ما يستطيعون من العطاء والدعاء.