المواطن بين الاستبعاد الاجتماعي والتماسك الاجتماعي هو الذي اخترناه عنوانا لحديث الجمعة اليوم، وهو في الواقع استكمال لما قلناه في الجمعة الماضية عن الوطنية والمواطنة، ذلك أن المواطنة الحقيقية تقتضي المشاركة كما ان الوطنية تقتضي التضحية والبذل، ولكن هل يمكن لمواطن يعاني من الاستبعاد الاجتماعي أن تتوفر له إمكانيات المساهمة الايجابية في الحياة الاجتماعية؟ إن الجواب عن هذا السؤال يقتضي معرفة ما هو الاستبعاد الاجتماعي وهو ما يحاول حديث اليوم معالجته وتوضيحه من خلال ما كتبه المختصون في هذا الباب على أمل أن نخصص حديث الجمعة المقبل للمفهوم المقابل وهو التماسك الاجتماعي إن شاء الله. المجتمع المدني وتفعيل روح المواطنة تحدثنا في حديث الجمعة الأخير عن الوطنية والمواطنة وانتهينا في ذلك الحديث إلى أن هناك شروطا وواجبات تضبط وضعية المواطن والمواطنة يجب أو ينبغي مراعاتها وانتهينا إلى أن المساواة والعدل والمشاركة في القرار والتنفيذ من أسس المواطنة التي تجعل الإنسان عضوا فاعلا ومؤثرا في موطنه و محيطه الوطني. وإذا كانت المواطنة في السنوات الأخيرة اتخذت مكانة خاصة في الحديث وفي وسائل الإعلام ولدى الهيآت والمؤسسات في مستويات مختلفة فإن هذه المكانة ساهمت في بروز قضايا كثيرة على المستوى المجتمعي والحقوقي الأمر الذي جعل المجتمع المدني يأخذ أدوارا مهمة في تفعيل روح المواطنة لم تكن له في العقود الخمسينية الأولى من القرن العشرين، وبرز هذا الدور أكثر في العقدين الأخيرين من القرن الماضي عندما بدأت العولمة بكل حمولاتها وأبعادها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية تفرض نفسها على المجتمعات الإنسانية مع ما يحمله ذلك من أبعاد تنال من خصوصيات المجتمعات الأخرى. اختلال التوازن بين الحق والواجب ويجب أن نلاحظ أن هذا أدى إلى نوع من الانفلات واختلال التوازن بين القيام بالواجب ونيل الحقوق لفائدة المطالبة بهذه الأخيرة أكثر، حيث بدأ الكثير من الناس يتحدثون عن هذه الحقوق المختلفة ضمن الخصوصيات دون أن يلتفتوا إلى أن هناك واجبات يجب ان تحظى بنفس الأهمية والأولوية، ويلاحظ هذا أكثر في المجتمعات العربية والإسلامية، مع أن الأمر العادي والطبيعي هو أن يقوم الإنسان بالواجبات التي عليه لوطنه ومواطنيه والحقوق تأتي تلقائية، لأن الكثير من الحقوق هي في نفس الوقت تعتبر من الواجبات ومع ذلك فإن الناس يهملون هذا ويتمسكون بذاك فالمشاركة هي حق وفي الوقت نفسه واجب، لأن على المواطن ان يذهب إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بصوته واختيار من ينوب عنه أو حتى لاختيار نفسه إذا كان يرى في ذلك مصلحة ومع هذا فإن الناس يوم التصويت يذهب أكثر الناس للتنزه وقضاء المآرب الخاصة وكان الأمر لا يعنيه مع أنه يعنيه بالدرجة الأولى لأن في هذا اليوم يتقرر أمر المشاركة ونوع المشاركة. التغير يقتضي المشاركة ان التخلي عن هذا الواجب الذي سقته مثالا لا يمكن تبرير الإخلال به بما يرد على الممارسة الديمقراطية مثلا من الملاحظات والانتقادات، لأن التغيير نفسه من الواجبات التي على المواطن وهو في نفس الوقت من حق الوطن على المواطن وإذا كان الاختلال ملحوظا على مستويات مختلفة بين الحق والواجب فإن الناس في عالم العقد الأخير من القرن العشرين طرحوا هذه الإشكالية على مستويات متعددة وتولدت عن ذلك ابتكارات وإبداعات في مجالات مختلفة نقتصر فيه اليوم على مصطلحين يكثر ترديدها عند الناس هما الاستبعاد الاجتماعي- أو الإقصاء الاجتماعي في علاقتهما بمفهوم الفقر من الوجهة الاقتصادية والاجتماعية. الاستبعاد وتطور الاستعمال الاستبعاد الاجتماعي اصطلاح تم تداوله في الأوساط السياسية والثقافية وفي علم الاجتماع بكثرة في العقد الأخير من القرن العشرين، وقد اتسع استعمال هذا التعبير بصفة خاصة مع نشر تقارير الأممالمتحدة حول التنمية البشرية، لأن المعايير التي يراعيها هذا التقرير هي التي يلاحظها علماء الاجتماع والاقتصاد في الحديث عن هذا الاستبعاد ودواعيه وأسبابه، ومنذ ذلك الحين ومع صدور الترتيب للدول على سلم هذه التنمية البشرية التي تبحث في مدى اتساع الاستبعاد وتقلصه ومدى تجاوب الدول والشعوب مع ضروريات وحاجات الإنسان التي تجعله إنسانا داخل المجتمع يشعر ويحس انه إنسان في إطار امة أو مجتمع. وقد اندفعت المجتمعات العربية والإسلامية للانخراط في هذه السياسة التي تروم التغلب على هذا الاستبعاد بحسب الوسائل والإمكانيات. بين الاستبعاد الاجتماعي والغلو وإذا حاولنا أن نعود بشيء من التأمل في هذا السياق إلى المجتمعات الإسلامية نجد أنها عرفت حتى قبل الآن نوعا من الاستبعاد الاجتماعي، ليس بهذا المصطلح بالذات، ولكن المصطلح المستعمل هو الغلو والانكماش والانغلاق في مفاهيم ضيقة اتخذتها لنفسها بعض المجموعات وجعلتها أساس معاملتها مع الغير وقد رصد احد الباحثين هذا الموضوع وأنجز فيه رسالة جامعية وان كان اقتصر في الحديث عن الجوانب الدينية والمذهبية أكثر، وذلك لأنه في نظره كان دائما هناك فئة وطائفة من المجتمع تعاني من الإقصاء والتهميش، إما عن طريق التقوقع على الذات أو عن طريق المجتمع الذي يصطنع في بعض الأحيان شروطا، ويهيئ ظروفا تدفع ببعض الناس أو الفئات في المجتمع إن تنأى بنفسها عن الاندماج والانغماس في الحياة الاجتماعية لأنها ترى نفسها ابعد ما تكون عن الاطمئنان والرضى بالواقع الاجتماعي الذي تعيشه الجماعة التي تعيش معها ضمن رقعة معينة، أو تعتبر نفسها جزء منها, ذلك أن هذه الفئة لها مفاهيم واعتقادات مضادة للمفاهيم والاعتقادات السائد من الوجهة الدينية أو الفكرية, بل هي ترى المجتمع مجتمعا خارجا عن الأسس العقائدية الإيمانية التي تجعلها تنسجم معه فهي تراه مجتمعا منحرفا ومجتمعا مضادا للأسس الأولى, هذا ما كانت تؤمن به فرقة الخوارج في ذلك الزمان الأول من الصراعات العقدية والفكرية في المجتمع الإسلامي, ولاشك إن كل من له إلمام بالتطور الفكري والعقدي في المجتمع الإسلامي يعرف هذا النوع من الصراع والذي تم فيه التناوب بين الفرق والمذاهب حول تهميش الذات أو النأي بها عن واقع لا ترضى به. جماعة التكفير والاستبعاد الاجتماعي وإذا تأملنا ما يجري اليوم في بعض المجتمعات الإسلامية نجد أن هذه الحالة لا تزال قائمة إلى اليوم، فهؤلاء الناس الذين دفعهم الغلو إلى الاعتزال عن المجتمع وحصر أنفسهم في بعض المناطق ابتعادا عن المجتمع الذي يعتبرونه كافرا وخارجا عن العقيدة خير مثال لهذه النماذج فهؤلاء لا يزالون يختارون لأنفسهم أسماء معينة تدل على هذا النوع من الاستبعاد الاختياري والذاتي والذي يتحول في بعض الأحيان إلى قسري حيث يفرض البعض على الأقارب وغيرهم أحيانا الروح الانعزالية والانغلاق وهذا ما جعل البعض يسمي نفسه أو يسميه الغير «جماعة التكفير والهجرة». سلبيات الاستبعاد وهذا النوع من العزلة أو الاستبعاد له تأثير سلبي على المجتمعات الإسلامية لأنه من خلاله بتولد بعض ما نعرفه من الاختلال في الحياة داخل المجتمع حيث تنعدم المساواة ويقل التسامح ويحل محلهما الصراع والإقصاء، أما المذهبي أو الطائفي أو هما معا أو مجرد اختلاف في فهم كلمة أو جملة القابلة لكل تأويل وفهم ويسعى البعض إلى فرض فهمه الخاص على حساب فهم غيره. ولاشك أن علماء الاجتماع في الغرب عندما أرادوا الحديث عن الاستبعاد الاجتماعي وجدوا أصوله الاجتماعية فيما تعرفه بعض الجماعات في الغرب على غرار ما عرفه ويعرفه الناس شرقا وغربا. الاستبعاد الاجتماعي والمفهوم الجديد بل ان (فيبر) أحد علماء الاجتماع عندما عرف الانغلاق أو الاستبعاد الاجتماعي فقد كان ينظر إلى أن الانغلاق الاستبعادي بمنزلة المحاولة التي تقوم بها جماعة من أجل الجماعة للذات أو لتؤمن لنفسها مركزا متميزا على حساب جماعة أخرى. (الاستبعاد الاجتماعي ص24 عالم المعرفة) وعلى أي حال فإننا عندما نريد الحديث عن الإقصاء أو الاستبعاد الاجتماعي بالمفاهيم الجديدة فلابد أن نراعي كثيرا من جوانب حياة المواطن الاجتماعية والسياسية والثقافية ذلك ان الإقصاء أو الاستبعاد يبنى لدى علماء الاجتماع والسياسة والاقتصاد على أشياء ملموسة داخل المجتمع الإنساني لأن الحياة الفردية ليست هي ما يعني هنا باعتبارها حياة معزولة وبعيدة عن واقع الحياة الاجتماعية للجماعة ومن ثم فإن هذا الإقصاء أو الاستبعاد لا يمكن تناوله بمعزل عن المجتمع وان كان في الواقع حالة أو وضعية متداخلة فنحن هنا سنتحدث عن التعريف ثم سنتناول بعد ذلك مظاهر الإقصاء واختيارات أو اقتراحات ومبادرات العلاج أو التجاوز: 1 - التعريف: فإذا اعتبرنا ان الإقصاء أو الاستبعاد بمعنى واحد وهو كذلك فإن الاستبعاد عرفه أحد الباحثين بقوله: يعد الفرد مستبعدا اجتماعيا إذا كان لا يشارك في الأنشطة الأساسية للمجتمع الذي يعيش فيه وهذا في نظر هذا الباحث يعد تعريفا إجرائيا بمعنى انه يترجم المفهوم إلى أشياء محسوسة يمكن التأكد منها وهذا تعريف نسبي في نظر هذا الباحث لأنه يحصر الاهتمام في فرد معين في مجتمع معين إلا انه يتناول المشاركة وهي في نظره تعد في الأغلب جوهرية بالنسبة للاستبعاد الاجتماعي ولكن هذا المفهوم الذي يحصره في التعريف أعلاه هو الذي تناوله آخرون تحت عنوان الإقصاء الاجتماعي على النحو التالي: بين الطبقة المسحوقة والإقصاء الاجتماعي وأحد علماء الاجتماع »انتوني غدنز« يضع الاستبعاد أو الإقصاء الاجتماعي مصطلحا أو مفهوما يحل محل الطبقة المسحوقة، ولا شك أن هذا الفهم التعويضي ان صح التعبير يباشره البعض في جانب آخر حيث يرى أن هذا الاستبعاد يحل محل »الفقر« فلعله يكون تعبير مهذبا وحتى جامعا لمضامين الفقر فالواقع ان هذا المصطلح الذي جاء في معناه الجديد في أواخر العقد الأخير من القرن العشرين والذي برز أكثر عندما تولى حزب العمال الحكم في انجلترا و احدث رئيس الحكومة البريطانية ما سماه آنذاك »وحدة الاستبعاد الاجتماعي« وتم بعد ذلك إحصاء أربعة آلاف حي سكني تعاني من الإقصاء والاستبعاد الاجتماعي وتعاني بشكل حاد البطالة والجريمة المتشابكة على نحو ميؤوس منه مع معنويات متدنية في الصحة والإسكان والتعليم بل تحولت إلى أحياء محظور دخولها ومحظور مغادرتها على البعض الآخر. (الاستبعاد الاجتماعي ص:29) ونعود إلى ما كتبه الاجتماعيون في التعريب وبالأخص (غدنز) حيث يقول: يستعيض أغلب الباحثين المحدثين اليوم عن مفهوم الطبقة المسحوقة بفكرة »الإقصاء الاجتماعي«. وكان علماء الاجتماع هم أول من وضع معالم هذا المفهوم، غير أن السياسيين هم الذين يستخدمون هذا المصطلح أكثر من غيرهم في الآونة الأخيرة للإشارة إلى أحد المصادر الأساسية لظاهرة اللامساواة. ويدل هذا المفهوم على السبل التي تسد فيها المسالك أمام أعداد كبيرة من الأفراد للانخراط الكامل في الحياة الاجتماعية الواسعة. الإقصاء أوسع نطاقا يتحدث الكاتب هنا عن كون الإقصاء أوسع مدى ونطاقا من معنى الطبقة المسحوقة وذلك باعتبار أن آليات الإقصاء أوضح ويمكن قياسها ومعرفة مداها بل ان الإقصاء أوسع كذلك مدى من الفقر ويوضح الباحث ذلك بقوله: وبهذا المعنى فإن هذا المفهوم أوسع نطاقا من فكرة الطبقة المسحوقة علاوة على أنه يشير إلى سيرورة عملية تتمثل في آليات الإقصاء. وعلى سبيل المثال، فإن الفئات الاجتماعية التي تعيش في أوضاع سكنية متردية ترسل أبناءها إلى مدارس متدنية المستوى، وتشح فرص العمل التي تعيش فيها، وتكون محرومة من الفرص اللازمة لها لتحسين أوضاعها مقارنة بالفئات الأخرى من المجتمع. ويختلف معنى هذا المصطلح عن الفقر بالمعنى الدقيق للكلمة، لأن الإقصاء يركز على منظومة واسعة من العوامل التي تمنع الأفراد والفئات والجماعات من الفرص المتاحة لأغلبية السكان. شروط الحياة النشطة إننا نلاحظ في هذه الفقرة بالذات ارتباط نوع التمدرس والمدرسة التي يتلقى فيها الأطفال تعليمهم بمدى تمتع المجتمع بالمساواة أو انعدامها، ولاشك أن المتتبع لوضعية التعليم والمدارس ببلادنا يلاحظ هذا بوضوح تام فالمستويات التعليمية ومستوى النتائج ونسبها رغم أن المنهج التربوي واحد تختلف باختلاف نوع الحياة التي يحياها الحي حيث توجد المؤسسة التعليمية. لابد للأفراد، إذا ما أريد لهم التمتع بحياة مليئة ونشطة ان يتجاوزوا قضايا التغذية والكساء والإيواء، ويحصلوا على سلع وخدمات أساسية مثل النقل والهاتف والخدمات المصرفية والتأمينية. وإذا ما أريد للمجتمع ان تتوافر فيه عناصر التكامل والاندماج، فان من المهم أن يشارك أفراده في الخدمات التي تقدمها مؤسسات عامة عديدة مثل المدارس ومرافق الرعاية الصحية والنقل العام. ومن شان ذلك أن يعزز معنى التضامن الاجتماعي بين الناس. وقد يتخذ الإقصاء الاجتماعي عددا من الأشكال في مواقع وقطاعات اجتماعية متعددة. فربما نلمسه في أوساط الجماعات الريفية المعزولة عن عدد من الخدمات والفرص، أو في الأحياء الواقعة في مراكز المدن الكبرى التي تعاني معدلات عالية من الجريمة أو مستويات متدنية من مرافق الإسكان. ويمكن النظر إلى كل من الإقصاء والاندماج على أسسا اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية. الإستبعاد الاقتصادي وبعد هذا التعريف الواضح يبدأ الكاتب في تفصيل ما أجمل ويتحدث عن مضمون الاستبعاد الاقتصادي فيقول: 1/ في حالة »الاستبعاد الاقتصادي«، بفصل الأفراد والجماعات عن البنية الاقتصادية العامة للمجتمع في ناحيتي الإنتاج والاستهلاك. ومن حيث الإنتاج، تلعب العمالة والمشاركة في سوق العمل دورا مركزيا في ظاهرة الإقصاء. وفي الجماعات التي تعاني درجات عالية من الحرمان المادي، تتناقص فرص الأفراد للعمل سواء على أساس التفرغ أو العمل لبعض الوقت. كما أن شبكة الاتصالات غير الرسمية التي يستعين بها الأفراد لدخول سوق العمل تكون ضعيفة أو متقطعة في أغلب الأحيان. ومن ناحية أخرى، فإن معدلات البطالة تكون عالية على الأغلب كما تشح فرص العمل في الوظائف المهنية. وقد تعذر على من تم إقصاؤهم من سوق العمل العودة إليه مرة أخرى. الاستبعاد والاستهلاك بعد أن تحدث الكاتب عن ان الاستبعاد الاجتماعي يظهر واضحا في البطالة وفي انعدام فرص متكافئة للعمل يتحدث في الفقرة الموالية عن شيء مرتبط بالعمل والدخل ومستواه وذلك بما يتيحه للمواطن من القدرة على الاستهلاك. وقد يحدث الإستبعاد الاقتصادي من ناحية أنماط الاستهلاك، أي ما يستطيع الأفراد أن يبتاعوه ويستخدموه ويستهلكوه في حياتهم اليومية. وربما يتمثل الإقصاء في هذه الحالة في الافتقار إلى الهاتف الذي يعتبر الوسيلة الأبرز في التواصل الفردي والعائلي والاجتماعي. ويصدق ذلك، وإن بدرجات متفاوتة، على خدمات أخرى مثل غياب الحساب البنكي، وما يتضمنه ذلك من خدمات أخرى مثل منح القروض والتسهيلات، والتشرد والافتقار إلى سكن ثابت للأفراد أو العائلات. الاستبعاد السياسي لاشك أن الممارسة الديمقراطية تعتبر أسس الزاوية في تعبير المجتمع عن تطلعاته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية وأن المجتمع إذا كان أهله يتوفرون على نظام ديمقراطي سليم يستطيعون أن يبنوا حياتهم بكل ما يتطلبه البناء من فعالية وتضامن وتعاون أما إذا اختل النظام الديمقراطي أو انعدم فإن الجوانب الحياتية الأخرى تتبعه في الاختلال وربما الانعدام ومن الاستبعاد السياسي يقول الكاتب: 2/ ويشير »الاستبعاد السياسي«، إلى حرمان المرء أو إبعاده عن المشاركة في الأنشطة السياسية في المجتمع. وتشيع هذه الظاهرة في المجتمعات غير الديمقراطية التي لا تتاح فيها للناس الفرص الكافية لفهم القضايا السياسية المطروحة في المجتمع وإبداء رأيهم والإدلاء بصوتهم، معارضة أو موافقة، على المواقف والسياسات والأنشطة التي تمس حياتهم. كما أن الأفراد في هذه الحالة لا يستطيعون الاتصال بممثليهم المنتخبين أو المشاركة في العملية السياسية على مختلف مستوياتها للتعبير عن همومهم ومطالبتهم. وفي أوضاع كهذه تتقطع الصلة بين الفئة المقصاة من جهة، والسيرورة السياسية الاجتماعية برمتها من جهة أخرى، وتنقطع السبل بينهم وبين الموارد الضرورية والمعلومات والفرص. ويؤدي انقطاع هؤلاء عن المشاركة السياسة العامة وحضور المؤتمرات والتجمعات والمسيرات الجمعية إلى إنتاج وإعادة إنتاج دائرة مفرغة تعزل فيها هموم هذه الجماعات عن التيارات الرئيسية للهموم والمطالب والتوقعات السائدة بين مختلف القطاعات والشرائح الاجتماعية، وتسقط فيها مشكلات هذه الفئات من الأجندة السياسية لمنظمات العمل الاجتماعي أو السياسي. الاستبعاد الاجتماعي 3/ ويمكن أن يتحدث »الإستبعاد الاجتماعي«، في نطاق الحياة الاجتماعية واليومية للأفراد والجماعات. فقد تحرم كثير من الجماعات من فرص الوصول والمشاركة بكثير من المرافق الاجتماعية مثل المراكز الثقافية والفنية، والمرافق الترويحية كالحدائق العامة والمسارح ودور السينما. كما أن هذه الفئات لا تتمتع بقدر كبير من الفرص للتسلية أو لقضاء وقت الفراغ أو السفر أو الانتقال خارج الأحياء أو المناطق التي تعيش فيها. ان الاستبعاد الاجتماعي الذي يشمل الاستبعاد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بالمفهوم الذي أخذناه به في مدخل هذا الحديث أراد الباحث العالم الاجتماعي (انتوني غدنز) أن يجعل المسائل الاجتماعي هي ما أشير إليه أعلاه ولكنها في الواقع وان كانت مهمة وأساسية إلا أن ما يعني المواطن بالدرجة الأساس هو ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والسياسي وتأتي في الدرجة الأخيرة من طبيعة الحال هذه الأمور التي يراها بعض الناس من الكماليات وليست من الأساسيات. وعلى أي حال فإن الموضوع يتطلب مزيدا من التحليل مع شيء من المقابل للاستبعاد وهو التماسك الاجتماعي وهو موضوع حديث الجمعة المقبل إن شاء الله.