اعتبر محمد الخاليدي أن مرجعية حزبه الإسلامية واضحة بعكس حزب العدالة والتنمية الذي يرفع شعار الإسلام حينا و شعار الوطنية حينا آخر، مشيرا في حواره مع «المساء» إلى أنه دعا حزب بنكيران إلى إقامة قطبية إسلامية، ولكنه رفض. وأضاف الخاليدي أن الساحة السياسية تعرف فاعلا سياسيا يحدث ضجة أشبه بالفولكلور، داعيا إلى التواصل مع فئات الأطر والشباب من أجل إفراز جماعات محلية مواطنة في الانتخابات المقبلة. - كيف يستعد حزب النهضة والفضيلة للانتخابات المقبلة؟ < نرى، في الحزب، أن الاستحقاقات المقبلة لها أهمية كبرى، حيث تعتبر رهانا في طريق الديمقراطية، والانتخابات الجماعية هي القاعدة الأساسية لبلوغ الديمقراطية المنشودة وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية. ولكن تجربة الانتخابات ببلادنا عرفت، للأسف، سلبيات عدة نتيجة وجود لوبيات الفساد التي تستغل الانتخابات البلدية لقضاء حاجياتها الشخصية حتى باتت تسيطر على العملية الانتخابية برمتها. من هنا، فإننا حملنا على عاتقنا مهمة المساهمة في التغيير الذي اتخذناه شعارا لنا، لأنه أصبح ضرورة يقتضيها وضع المغرب الراهن، كما تقتضيها كذلك سنة الله تعالى. وإيماننا بالتغيير نابع من مرجعيتنا غير المتشددة والتي يعتبر محورها الأساس هو الإنسان، انطلاقا من قوله تعالى: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، وهذه هي القاعدة التي نمشي على هديها. - كيف ترون، داخل حزبكم، المشهد السياسي الحالي عشية إجراء انتخابات الصيف المقبل؟ < مع الأسف، هناك بعض الأحزاب التي تفسد المجال الانتخابي والعملية السياسية برمتها؛ ويتعلق الأمر هنا، بالخصوص، بحزب يحدث ضجة هذه الأيام من أجل إفساد العمل الانتخابي والسياسي عموما، في الوقت الذي تريد فيه الدولة تجاوز مرحلة استعمال المال الحرام والمال العام واستغلال ظروف المواطن الاجتماعية والاقتصادية لضرب مسيرة الديمقراطية ببلادنا من طرف تلك اللوبيات. لذلك فإننا، اليوم، مطالبون بانتخاب جماعة مواطنة ومستقلة وقادرة على تحقيق مختلف متطلبات المواطن على المستوى المحلي، بعيدا عن التحكم والتوجيه من طرف أي كان. والحديث عن وجود جماعات محلية أمر حسم فيه حتى قبل إجراء الانتخابات بها، وهو أمر خطير جدا. وفي هذا الإطار، يقترح حزبنا إحداث مجلس مدني أو مجلس الحل والعقد إلى جانب كل جماعة، يضم علماء وخبراء اقتصاد واجتماع ويكون دوره هو مراقبة عمل تلك الجماعات كما هو معمول به في عدة دول. - تقصد بالحزب الذي يحدث ضجة، حزب الأصالة والمعاصرة الذي يرفع شعار مواجهة «الأحزاب العتيقة المتجاوزة» و«الأحزاب الإسلامية»، ألا ترى أنكم مستهدفون أيضا من طرف هذا «الفاعل الجديد»؟ < بالنسبة إلينا، وانطلاقا من إيماننا بالتعددية، فإننا نرحب بأي حزب، لأن التعددية شيء أساسي في مسار تحقيق الديمقراطية المنشودة، ولكن ما يقوم به هذا الحزب من خلال مهرجاناته المبالغ فيها ومحاولاته استقطاب أطر الأحزاب الأخرى المتواجدة، يصبح أمرا مرفوضا، كما هو مرفوض أيضا استغلال ما يصفه قياديوه بالعلاقات الشخصية التي تربطهم بصناع القرار. إنه فولكلور سياسي يشعر بالألم في حقيقة الأمر. وما يدعو إلى الحسرة أنه حتى بعض الأحزاب العريقة تريد أن تنال حظها من غنيمة فساد المشهد السياسي، فأصبحت تبيح التزكية لمن تسميهم الأعيان، وهذا شيء خطير. - هناك العديد ممن يقول إن الإسلاميين ممثلون على الخارطة السياسية بحزب واحد هو العدالة والتنمية، ما حجمكم الحقيقي على الساحة؟ < نحن حزب ذو مرجعية إسلامية، وهي مرجعية المغرب التي عرفها منذ قرون عديدة. وبالنسبة إلينا، فنحن لا نأتي بإيديولوجية من خارج المغرب. وإذا كانت هناك أحزاب تسمى بالإسلامية وليست لديها الشجاعة للتعبير عن كون المغرب عليه أن يتخذ موقفا إسلاميا، فإننا اخترنا شعار التغيير الذي جاء به الإسلام القادر على حماية المواطن من الانحرافات. وفي هذا الإطار، تقدمنا بمذكرة إلى وزير العدل من أجل إصلاح جهاز القضاء وضرورة الرجوع إلى الشريعة، مع الأخذ بعين الاعتبار التجربة العالمية في هذا المجال. ونود الإشارة هنا إلى أنه في فرنسا يوجد جهاز الحماية الاجتماعية، بينما عندنا بالمغرب يتكفل الدين، ولله الحمد، بما هو اجتماعي وأخلاقي. لذلك، فإننا نركز على المرجعية كضمان لتخليق العمل الجماعي واستحضار الوازع الأخلاقي من خلال الالتزام بالوطنية الصادقة والتشبث بتعاليم ديننا للحفاظ على الثوابت والمصالح العليا للأمة. - إذن، على بعد أسابيع قليلة من الانتخابات الجماعية المقبلة، هل يمكن أن نقيس حجم مشاركة حزبكم في هذه الاستحقاقات؟ < بمناسبة هذه الانتخابات، ارتأينا أن نختار الشخص الإطار والمسؤول والواعي بهموم المواطنين من أجل أن يحظى بتزكيتنا. ورهاننا الأساسي منصب على الإنسان، ولذلك سنختار من المواطنين الفئة ذات التكوين من أجل الترشح للاستحقاقات المقبلة. والهدف بالنسبة إلينا ليس هو الظفر بالمقعد بقدرما هو خلق تواصل مع القواعد ومع المواطن ذي التكوين وحثه على المشاركة السياسية والعمل على تغيير العقلية السائدة، لذلك فإن توجهنا سينصب على مسألة الكم وليس الكيف. وفي هذا الإطار، لدينا قناعة، داخل الحزب، بأن الحل موجود في ديننا الإسلامي الذي يتوفر على عدد مهم من النظريات المهتمة بالإنسان كإنسان، ومنها مسألة الشورى مثلا، لذلك علينا التشبث بهويتنا كما تفعل أمم أخرى، كاليابان مثلا. - هناك تقاطع بينكم وبين حزب العدالة والتنمية، لكن الملاحظ أن هناك غيابا لأي تنسيق بين الحزبين، فما السر في ذلك؟ < أنا شخصيا من مؤسسي حزب العدالة والتنمية، وهذه مسألة يطول فيها الحديث، وهذا ليس المقام لذلك. وقد سبق أن وجهنا نداء لخلق قطبية إسلامية، في الوقت الذي كثر فيه الحديث في بلادنا عن ضرورة إحداث قطبيات سياسية. لكن، للأسف، لم تكن هناك استجابة من الطرف الآخر، حزب العدالة والتنمية. وفي ظل وجود قطبيات يمينية ويسارية، فإننا سنسعى، بعد الانتخابات المقبلة، إلى إنشاء قطبية إسلامية؛ لكننا سنعمل قبل ذلك على إيجاد أرضية مشتركة لمن يريد الانخراط فيها بوضوح تام، بحيث لا ينبغي الاختباء وراء الشعارات وترديد كلمة حزب إسلامي تارة وكلمة حزب وطني تارة أخرى، بعكس ما هي عليه الأمور عندنا حيث كل شيء واضح ومرجعيتنا هي الإسلام، كما للاشتراكيين مرجعيتهم كذلك. - ما يفهم من كلامك أن هناك أحزابا تتنكر لمرجعيتها الإسلامية، خاصة في ظل الحديث عن الإرهاب، هذا ما تقصده؟ < لكل حزب الحق في اختيار مرجعيته، ولكن المهم بالنسبة إلينا هو الممارسة الواقعية وتسمية الأشياء بمسمياتها، إما أن تسمى إسلاميا أو غير ذلك. وبالمناسبة، فعندما تم إخراج قانون الإرهاب ورغم أننا لم نكن ممثلين في المؤسسات، فإننا قلنا ولازلنا نقول لوزير العدل إن لنا قانونا جنائيا مهما، ولا يجب أن نخضع لإملاءات بعض الدول الغربية، رافضين إعطاء كل هذه الهالة لقانون الإرهاب، وموقفنا واضح إزاء هذه القضية بعكس الطرف الآخر ذي المرجعية الإسلامية، فلا يجب اللعب بالكلمات لأن الممارسة شيء آخر ولا ينبغي رفع الإسلام كشعار فقط. ونود أن نذكر كذلك أن المرجعية لا تعني بالضرورة الرجعية أو قطع أيادي الناس كما يدعي البعض، ولكنها العمل في إطار من التكامل والانفتاح على الآخر وعلى الاجتهاد الإنساني.