انصبت بعض التعاليق السياسية والصحفية، قبل أيام على مجريات انتخابات 7 شتنبر 2007 التشريعية، وحاول بعض الذين انخرطوا في التعليق، مغالطة الرأي العام بإطلاق أحكام مبالغ فيها، هدفها زرع التشكيك والتيئيس ، في الوقت الذي تنخرط بلادنا في الإعداد لانتخابات جماعية مقبلة. ومهما يكن من أمر، لا يمكن لأي مراقب موضوعي أن ينكر أن انتخابات 7 شتنبر 2007، سجلت خطوة هامة في مسار تعزيز الخيار الديمقراطي لبلادنا، رغم ما طبعها من أعطاب تجلت أساسا في حالات محدودة لاستعمال بعض المرشحين المال الناتج عن التهريب وتجارة المخدرات، في استمالة الناخبين ثم نسبة العزوف عن المشاركة في الاقتراع. وقد تبين أن مجموعة من العوامل ساهمت في إنتاج نسبة العزوف، من بينها توقيت تنظيم الاقتراع، الذي تزامن مع استمرار عملية الحصاد في العالم القروي والعطل الصيفية وقرب شهر رمضان والدخول المدرسي، فضلاً عن الأمية التي أربكت شريحة من الناخبين في الاختيار أمام كثرة الرموز وتعدد لوائح المرشحين. وإذا كانت من حسنة تحسب لاقتراع 7 شتنبر، فهي تعامل السلطات العمومية المشرفة على الانتخابات بشفافية مع أرقام المشاركة في الاقتراع، دون أن تلجأ، كما كان يفعل الجهاز الإداري في الماضي، إلى النفخ فيها، والتلاعب بالنتائج وصنع الخريطة السياسية مسبقا، ضداً على إرادة الناخبين. لقد جرت الانتخابات التشريعية في ظروف طبيعية ووقفت فرق المراقبين الأجانب لأول مرة في تاريخ الانتخابات المغربية على الأجواء التي طبعت الإقتراع وشهدت بسلامة العملية الانتخابية وخلوها من تدخل السلطات العمومية التي لم يكن المسلسل الانتخابي في السابق يسلم من عمليات الإفساد التي تقوم بها لضرب تطلع الشعب المغربي وقواه الحية أي إقرار الديمقراطية الحقة في البلاد. وفي ضوء ذلك، يحث ضعف نسبة المشاركة في الاقتراع جميع المعنيين بالعملية الانتخابية، وفي مقدمتهم الأحزاب السياسية والسلطات العمومية على استخلاص الدروس، في اتجاه الانتصار للمشاركة المواطنة والفاعلة في الانتخابات والاهتمام أكثر بتدبير الشأن العام والحد من ظاهرة العزوف السياسي . وفي هذا الشأن يجب التذكير بنقطة تحول هامة، في مسار اقتراع7 شتنبر 2007، يمكنها أن تساهم في إذكاء التنافس الشريف بين الأحزاب والرفع من نسبة مشاركة المواطنين في الانتخابات التشريعية، وهي تتجلى في إعمال جلالة الملك المنهجية الديمقراطية، بتعيين الوزير الأول من الحزب الأول في نتائج الاقتراع. والمؤكد أن تعيين الوزير الأول ، في إطار تلك المنهجية، وضع لبنة جديدة في البناء الديمقراطي للبلاد كما يشكل حافزا أمام الأحزاب، لخلق جو التعبئة في صفوف الناخبين. والمؤكد أيضا أن هذه العناصر الإيجابية في اقتراع 7 شتنبر 2007 وإفرازاته، يجب أن تكون حافزا على التفاعل وعلى المزيد من العمل لتحقيق مكتسبات جديدة، في ترسيخ التيار الديمقراطي لبلادنا. والمؤسف أن بعض الجهات تحاول ركوب موجة التضليل، لإفراغ اقتراح 7 شتنبر من كل مضمون إيجابي، متناسية تمسك الشعب المغربي وقواه الحية بالثقة في المستقبل والأمل والحرص على توطيد المكتسبات ورفضه لنزوعات التيئيس والتشكيك والعدمية.