دقت تقارير أمنية ودبلوماسية رسمية جزائرية موجهة إلى بلدان الاتحاد الأوروبي عن طريق وزارة الخارجية والوزارة المنتدبة للشؤون المغاربية والتعاون الإفريقي بالجزائر ناقوس الخطر من جراء استفحال ما تصفه الحكومة الجزائرية بالزحف الحقيقي للمهاجرين السريين عبر حدودها الجنوبية المتاخمة للصحراء الافريقية الكبرى . ودعت التقارير المنسوبة للخارجية الجزائرية لايجاد حلول واقعية ناجعة ودائمة لمشكلة الهجرة غير الشرعية في إطار تعاون مستمر ، جهويا ودوليا، يقوم على محاربة شبكات تهريب البشر، التي تستغل فقر ومعاناة الأفارقة إلى جانب الحرص على تطبيق القوانين في مجال مراقبة الهجرة السرية بشكل يحفظ كرامة وحقوق المهاجرين و أكدت أن الظاهرة تمس كل البلدان، وأن علاجها ينبغي أن يتم بعيدا عن أية مزايدات سياسوية، و أن حجم الظاهرة يتجاوز إمكانيات بلد واحد، ولا يمكن أن يتم حلها بمبادرات فردية، معبرة عن استعدادها للمساهمة في علاج المشكلة داخل إطار تشاوري ووفق منظور شامل يراعي كل مسببات المشكلة. ويعبر الموقف المستجد للجزائر التي ظلت ترفض التجاوب مع جهود المغرب والاتحاد الأوروبي لمكافحة ظاهرة الهجرة السرية العابرة للقارات و تقدم التنسيق الأوروبي الافريقي في اطار الاتحاد الافريقي كبديل للاطار المتوفر و الذي يشكل المغرب باعتباره بوابة العبور النهائية تجاه القارة العجوز الفاعل الأساسي المعترف بجهوده ذات المصداقية في التعامل مع إشكالية الهجرة الافريقية السرية . و يبدو أن الجزائر التي فشلت في فك الارتباط الوثيق بين الرباط و بروكسيل في هذا الاطار بعد فشل محاولاتها الحثيثة و المتواصلة لفرض الاتحاد الافريقي المزعوم كمحاور رسمي وحيد بالنسبة للترويكا الأوروبية فيما يتصل بشؤون القارة السمراء و في مقدمتها قضية الهجرة تحاول حاليا التشويش على المكاسب التي حققها المغرب خلال الفترة الأخيرة حين حاز عن جدارة و إستحقاق بإشادة المجموعة الأوروبية بجهوده في محاربة الظاهرة و دخل معها في مشاورات ينتظر أن تتوج بابرام إتفاقية شراكة ستدعم قدراته الحمائية للتصدي للهجرة الغير الشرعية في مقابل إمتيازات مالية و تنموية تسيل لعاب المسؤولين بالبلد الجار . و غير خاف أن اليقظة المتأخرة للجزائر لابراز قلقها من تنامي الزحف البشري السري على حدودها و مناداتها بتعاون جهوي و دولي لمكافحة الهجرة السرية ، بعد أن ظلت لسنوات تتنصل من مسؤولياتها في الحفاظ على حرمة تراب الجار المغربي و تدفع بآلاف المهاجرين السريين الأفارقة نحوه ، تدخل بشهادة الخبراء و المتتبعين ضمن حسابات مصلحية لتحقيق مكاسب سياسية ومالية من خلال تأطير هذا التعاون بالصيغة التي تحقق المكاسب وسلب الحكومة المغربية موقع الريادة الرمزية والميدانية ضمن الجهود الدولية المنسقة حاليا . و في الوقت التي تتحدث تقارير الادارة الجزائرية عن تسلل حوالي 70 ألف مهاجر إفريقي خلال الفترة الممتدة من 2008 إلى 2009، و قيام مصالح الدرك وحدها باعتقال 6 آلاف مهاجر إفريقي دون وثائق، تم ترحيل 4500 منهم خارج الحدود الوطنية فإن التساؤل الذي يفرض نفسه بالنسبة لساسة الجزائر هو ما تعليقهم على رفضهم المستميت في أوقات سابقة الدخول الى جانب المغرب في برامج منسقة لمحاربة الظاهرة , بل و إصرار الجزائر على مقاطعة لقاء حولها إحتضنته الرباط قبل سنوات وإصرارها على عقد لقاء موازي بالعاصمة الجزائرية تحت مظلة الاتحاد الافريقي الذي توظف الجزائر مؤسساته لحسابات سياسية ذاتية ضد مصالح المغرب الترابية و السياسية . و مهما يكن فإن تدبير مسألة الهجرة الذي يمر طبعا عبر توافقات تضمن التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف لا يمكن أن يوظف بدوره لحسابات منطق الربح و الخسارة التي تضع نصب أهدافها عزل طرف فاعل بالمنطقة لمجرد أنه يشكل الصخرة الصلبة التي تصدم عند واجهتها الأطماع المصلحية الضيقة .