لا أَنِي أقرأ بعض الكتابات الفجرية الأولى التي تنقشع بجماليتها المبذورة بالأمل، أقلام لمّا تزل من فرط غضاضتها الندية، تتقوس حد الطيش الخلاَّق، فلا ينقصها إلا سهما لترمي أيا كان ولو خارج الورق؛ ولكن لا أعرف لماذا حين أنغمس حتى ركبتي القلم، في مثل هذه القراءات الفاركة للذاكرة، يعتريني حنين مستوقد الجمرات، ويركبني نزق الحلم بكل تشظيات ذلكم «الهْبالْ» القديم، الذي أرى اليوم أنه يشبه الدق في خزان «غسان كنفاني»، على طول الطريق، فلم يسلم رجالاته من الاختناق باحتراقات الشمس، رغم أن التوقيت مغربي وليس فلسطينيا حيث (إسرائيل)...! لكأنَّ، ونحن ننظر إلى هذا التاريخ الرمزي، كنا نصرخ ونحن نيام في ليل طويل، ونغزل للكتابة في بلدنا، مستقبلا بضفائر من سراب!؛ ولا أراني اليوم، وأنا أنظر بعين المرتاب إلى كل هذه الوشومات الجريحة التي لا يغيض مدرارها الحبري من ورقي، إلا أني كنت أُكَلِّمُ جمجمتي بما ليس تفهمه من هواء، وعاد عليَّ اليوم ساخراً برجع الصدى؛ فهل يستكين المثقف المغربي إلى الدِّعة التي تدحر وضعه الاعتباري، وتزيد من غَيِّ الجهات المسؤولة التي مازلت تقرضنا جَزَراً حسناً، مؤجلة الاعتراف ب «مهنة الكاتب»؟؛ هل يقبل هذا الشاعر أو الكاتب أو المفكر ذائع الصيت، من كل هذا الحصاد الذي امتزجت في نقيع دِراسته، الأقلام بالحوافر.. بنزر الهشيم؟