وفي إطار المناقشة تقدم المجلس الوطني للموثقين بعدة تعديلات حول النصوص الواردة في مشروع القانون وقدم تعليلات عن هذه المقترحات. فبالنسبة للمادة الأولى: إن التعديل المقترح هو ما نص عليه الاتحاد الدولي للتوثيق في النظام الأساسي له عندما عرف مهنة التوثيق وصفة الموثق، واعتبارا لكون المغرب منضم إلى هذا الاتحاد بجانب 77 دولة فمن المفيد أن يكون القانون المغربي منسجما مع قوانين الدول المنظمة تحت لواء هذه المنظمة الدولية، ولا نرى أي مجال يبرر إعطاء تعريف خاص ببلادنا. - إضافة إلى ذلك، فلا يمكن اعتبار مهنة التوثيق مهنة حرة للأسباب الآتية: - يعين الموثق بمقتضى ظهير من طرف السلطات العليا للدولة، - يمارس مهامه بديوان محدد من طرف نفس السلطات، - يخضع للمراقبة من طرف وزارة العدل، - لا يتغيب عن ديوانه إلا بإذن من السلطات القضائية، - العقود التي يتلقاها تكتسي صبغة رسمية، - الأرشيف والمستندات المحفوظة بديوانه تعتبر ملكا للدولة، - يستخلص الضرائب ورسوم الدولة المترتبة على العمليات التي يباشرها طبقا لمقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية. إلى غير ذلك من المهام الموكولة إليه التي ترقى به إلى مستوى مسؤول عن مرفق عام، فكيف يمكن اعتبار مهنته مهنة حرة. مع الإشارة أن هذه المادة تتناقض والمقتضيات المنصوص عليها في المادة 17 الفقرة الثانية. وبالنسبة للمادة (4) إن مهنة التوثيق تتطلب القيام ببعض الإجراءات التي هي من اختصاص الترجمان والمحامي والمحاسب والخبير القضائي وذلك للقيام بمهامه وتسوية الوضعية القانونية للملفات الموكولة إليه، وبذلك لا نرى أي مبرر لمنعه من القيام بمهام تدخل في صلب عمله وتتلاقى مع مهن أخرى. وبالنسبة للمادة السادسة مهنة التوثيق تتطلب مميزات فنية وتقنيات قانونية تكتسب خلال فترة التمرين وبالمشاركة الإجبارية والفعلية في دورات تكوينية تنظم من طرف معهد التكوين المهني للتوثيق وذلك تنمية لمدارك وقدرات الموثق المتمرن على الولوج على هاته المهنة ومسايرتها. أما بالنسبة للمادة السابعة، اقتصرت المادة 7 على فترة الامتحانات ولم تشر إلى وضعية الراسب الذي قضى ما يناهز سبع سنوات ما بين التمرين والامتحانات المهنية، وضمانا لإعطائه فرصة عمل بعد التكوين الذي ناله، فإن التعديل المقترح يوفر له فرصة عمل بديوان أحد الموثقين، وهو الأمر المعمول به في قوانين التوثيق للدول الأوروبية. وبخصوص المادة الثامنة، ولوج هذه الفئة للمهنة يخول الاستفادة من حنكتهم وتجربتهم الإدارية غير أن تعيينهم بنفس المدينة التي كانوا يزاولون مهامهم الإدارية بها يمنحهم فرص العمل أكثر، وبالتالي خرق مبدأ تكافؤ الفرص بين المهنيين ويحيد عن مبدأ المنافسة المشروعة. - تحديد السن في خمسين سنة يجعل من المرشح لولوج المهنة أكثر كفاءة وحنكة وقدرة بدنية وعقلية تخوله مزاولة المهنة، وذلك على غرار ما جاء به قانون المحاماة. - كما أن من شأن تحديد سن ممارسة المهنة من طرف الفئات المذكورة أن يخلق فرص شغل للشباب الحاصلين على شهادات جامعية هم في حاجة إلى عمل أكثر من غيرهم. وفيما يخص المادة العاشرة، إن المادة 6 من قانون 04 ماي 1925 تنص على أن الموثق يعين بظهير شريف وهذا حق مكتسب بالنسبة للممارسين، في حين أن مشروع القانون الجديد نص على تعيين الموثق بمقتضى قرار للوزير الأول، فهل سيكون هناك فئتان من الموثقين: الأولى معينة بظهير شريف والثانية بقرار صادر عن الوزير الأول. علاوة على ذلك فإن الموثق مزود بالخاتم ويضفي الصبغة الرسمية والتنفيذية على العقود المبرمة تحت مسؤوليته، يستمد الصبغة الرسمية للأعمال المنوطة به من السلطات العليا التي تعينه. مع الإشارة أنه في جل المملكات مثل المملكة البلجيكية والإسبانية يعين الموثقين من طرف الملك. وبالنسبة للمادة 11 إن المقترح يرمي إلى تأكيد مقاصد المشرع من وراء خلق لجنة مكلفة بتعيين الموثقين ونقلهم وإعفائهم، والذي أراد من خلالها تأطير وضبط عمليات التعيين والنقل بقواعد ومعايير من شأنها تغطية كافة التراب الوطني واستفادة الجميع من خدمات الموثق، إضافة إلى مراعاة حجم المعاملات والتطور العمراني عند كل تعيين أو نقل، حتى لا تكون منطقة مكتظة أكثر من غيرها. أما المادة 12 إن من شأن تحديد الاختصاص المكاني للموثق أن يخلق إشكالية قانونية وصعوبات في إنجاز المعاملات المنوطة به، يمكن إجمالها في مايلي: - فخلافا لما هو معمول به في خطة العدالة فالموثق يتلقى العقود ويضفي عليها الصبغة الرسمية بمفرده، غير أن العدلين يتلقيا الإشهاد، ويخاطب عليه من طرف قاضي التوثيق التابع لمحكمة الاستئناف فلا مجال للمقارنة بين عمل الموثق وعمل العدول. - احترام حرية اختيار الزبون والمستثمر للموثق تنبني على عامل الثقة والاطمئنان في التعامل مع هذا الأخير دون غيره. - إن هذه المادة المتعلقة بتحديد الاختصاص المكاني لعمل الموثق تخلق إشكالية قانونية بالنسبة لتبادل المعاملات واستقرارها بين الأطراف خاصة بالنسبة للعقود المعارضة - المخارجة - القسمة وغيرها. - إضافة الى تطور التكنولوجيا الحديثة وإبرام عقود الكترونية عن بعد، وعمل بمقتضيات القانون 53.05، المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية فإن هذه المادة تخالف وتعارض ماجاء به القانون المذكور. وبالنسبة للمادة 35 - لكل مهنة مجال اختصاص مطابق لتكوين وخبرة ممارسيها، فالموثق يمارس مهامه بكفاءة ومهارة وحنكة في إعداد العقود والاتفاقيات القانونية المتفق عليها من قبل الأطراف ضمانا لحقوقهم المالية والقانونية وبالتالي فعمل الموثق يساهم في استقرار المعاملات وفي الأمن القانوني نظرا للدور الوقائي الذي يقوم به ويؤدي لامحالة إلى انخفاض نسبة المنازعات والقضايا المعروضة على المحاكم. - طبقا للقوانين المعمول بها في جل دول العالم التابعة للاتحاد الدولي للتوثيق، فالموثقين لهم اختصاصات دون غيرهم في ميادين العقار والشركات والأحوال الشخصية، والحقوق العينية وغيرها. - إن انخراط المملكة المغربية في اتفاقيات التبادل الحر، تلزمها ملائمة قوانينها مع قوانين الدول التي أبرمت معها اتفاقيات في هذا الشأن، ضمانا لتشجيع الاستثمار وتسهيل المسطرة على المستثمرين ، وتشجيعا لإنعاش الاقتصاد الوطني، وذلك بإعطاء اختصاصات موسعة للموثق في مجال إبرام العقود كما هو معمول به في القوانين المشار وبخصوص المادة 48 يمكن تعليل الاقتراح المذكور حسب المقتضيات الآتية: - القانون الصادر بتاريخ 04 ماي 1925 خول للعقد التوثيقي القوة التنفيذية وأعطاه الصبغة الرسمية حسب مقتضيات المادة 19 من قانون قونطوز إلا أن مشروع القانون اغفل ذلك عندما جرد العقد التوثيقي من قوته التنفيذية. * إن الاتفاقية الدولية المتعددة الأطراف المبرمة ببريكسيل في سنة 1968 المصادق عليها من طرف بلادنا في سنة 1989 في الباب الرابع المادة 50، تنص أن للعقود الرسمية المبرمة من طرف الدول الموقعة عليها قوة تنفيذية في الدول الأعضاء في الاتفاقية. * نفس المقتضى نصت عليه عدة اتفاقيات ثنائية من بينها اتفاقية التعاون القضائي في الميدان المدني المبرمة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية. * إن في إعطاء القوة التنفيذية للعقد التوثيقي أن يخفف العبء على المحاكم التي غالبا ما يتم اللجوء إليها لإضفاء الصبغة التنفيذية على بعض العقود، رغم أنها رسمية ولكنها مبرمة خارج التراب الوطني، كما سيعمل على تبسيط بعض المساطر بالنسبة للمستثمرين، وتسهيل المعاملات. وأخيرا المادة 59 نقترح الأحالة على مقتضيات قانون 29.08 المنظم للشركات المدنية المهنية للمحاماة مع تغيير مصطلح للمحاماة بالتوثيق والمحامي بالموثق. هذه الإحالة ستمكن من جهة للموثقين أن يستفيدوا من مقتضيات حديثة ومتقدمة وخلق إطار تشاركي ملائم. كما أن التشريعات المنظمة للتوثيق في الدول الأوربية أحدثت شركات مساهمة «Holding» في ميدان التوثيق. إن التوجه الصائب الذي يجب ان يسلكه المشروع هو خلق إطار قانوني موحد لكل المهنيين القانونيين كالمحامون، الخبراء، المحاسبون، الخبراء القضائيون،... مع مراعاة خصوصية كل مهنة.