عقدت جمعية المستشارات الجماعيات لولاية الدارالبيضاء، في أول خروج إعلامي لها، لقاء تواصليا مع جريدة »العلم« تم من خلاله التعرف على أهداف الجمعية وأسباب خلقها ومدى تجاوب باقي أعضاء مجلس المدينة مع تواجدها. وقد حاولت عضوات مكتب الجمعية توضيح أشياء كثيرة عن هذا التكتل بصيغة المؤنث داخل إطار جمعوي رغم اختلاف مشاربهن السياسية، وبعيدا عن أي توازنات وحسابات حزبية داخل مجلس المدينة أو داخل فرقهن الحزبية. ترى ما الذي أفرز هذا التجمع النسوي الاستثنائي؟ خاصة وقد يتبين من خلال تصريحاتهن، أنه ليس فقط مجرد رغبة هاربة مرتبطة باللحظة أو قرار عابر ساعة غضب، ولكنه نتاج رؤية عميقة تجادل كينونة المرأة داخل الحقل السياسي وتسيير الشأن المحلي، بل الأكثر من ذلك قد يكون رد فعل لحرقة لصيقة بجسد أنثى تحاول الشموخ على القمة رغم بعض التيارات الجارفة لطموحها، وتصريحات عضوات المكتب التالية كفيلة بكشف ما غاب عنا خلال هذا اللقاء: تقول رئيسة الجمعية »مريم ولهان« إن هذه الجمعية تضم مجموعة من المستشارات الجماعيات المنتميات لمجلس المدينة، منهن العضوات الفعليات ومنهن الشرفيات، وهي تهدف بالأساس الى إرساء دعائم مجتمع مدني حداثي ديمقراطي يعمل على سيادة دولة الحق والقانون، ويرقى بالأهداف السامية بغية تحقيقها الشق المتعلق بفسح المجال أمام النساء للمشاركة في الحقل السياسي وفي كل ما من شأنه أن يحقق المساواة والمواطنة الكاملة ويحترم مقاربة النوع، مضيفة أنها جمعية مستقلة القرارات عن أي لون حزبي. فكرة التأسيس كانت وليدة هم مشترك وحول فكرة تأسيسها، قالت الرئيسة أنها كانت وليدة المرامي المنسجمة والهم المشترك الذي وحد صفوف جل المستشارات الجماعيات المنتميات لمختلف المشارب الحزبية، وذلك من خلال تجربتهن السياسية سواء داخل مجلس المدينة أو مجالسهن الجماعية، واللواتي تختلف انتماءاتهن الحزبية. وبخصوص ظروف تأسيسها صرحت مريم ولهان أنها تفاجأت لتراجع بعض المستشارات واللواتي كن يحبذن الفكرة من قبل، وقالت »عندما أردنا تحقيق الجمعية على أرض الواقع تم انسحاب بعض المستشارات المنتميات لأحزاب معينة لاداعي لذكر أسمائها ولا الخوض في أسباب هذا الانسحاب، لكنه للأسف مجرد واقع لابد من التصريح به..«. وعقبت الكاتبة العامة للجمعية »خديجة الطنطاوي« أن فكرة خلق الجمعية راوضت المستشارات منذ أكثر من ثماني شهور ليتم تفعيلها رسميا وقانونيا يوم الخميس 8 أبريل الماضي، معتبرة أن هذا اللقاء، الذي جاء بدعوة منهن للتعريف بأهداف هذه الجمعية، هو أول خطوة لها فوق جسر التواصل مع الصحافة الوطنية، مشيرة أن هذا التواصل الإعلامي سيكون مكثفا، في المستقبل، بشكل يعزز هذه العلاقة الثنائية لخدمة الصالح العام لما فيه خير لهذا البلد، وركزت في تدخلها أن هدفهن من هذا التكتل الذي وصفته ب »الجمعوي الصرف« سيمكنهن من إضفاء قيمة مضافة على دورهن كمستشارات بجماعات مختلفة مما سيغني عطاءهن لخدمة المواطن عن قرب دون التقيد بأي لون سياسي معين. العقلية الذكورية لازالت تتعقب المنتخبات أضافت »فاطمة الزرهني« نائبة أمينة المال قائلة »إن الأخوات الموجودات اليوم هن فاعلات جمعويات وقريبات من المواطن من قبل أن يكن مستشارات، فتخوفهن الشديد بالآفات الاجتماعية التي تنخر مجتمعنا وتحطم شبابنا، سواء تعلق الأمر بالمخدرات أو الانحلال الخلقي وانتشار الأمية، وهلم جرا من المشاكل التي نعايشها عن قرب من خلال احتكاكنا اليومي مع المواطنين كمستشارات جماعيات، وكذا توجسهن العالي بانخفاض مشاركة المرأة في الحقل السياسي والانخراط في التسيير الجماعي، رغم الإرادة السامية التي فتحت لها المجال من بابه الواسع، لكن للأسف هناك معيقات كثيرة بات يعرفها الكل، والتي تحول دون تحفيزها على المشاركة، وقد نلخصها في العقلية الذكورية التي لازالت تتعقب المرأة، سواء في البيت أو في الشارع خلال الحملات الانتخابية، حيث يتم نعتها بسائر الصفات والتي قد تصل الى المس القدحي في شرفها، أو داخل المجالس المنتخبة، حيث يتم أحيانا إقصاؤها رغم كفاءتها. فتداخل هذه الأسباب، إن لم نقل الظواهر الاجتماعية أعطى الشرارة الأولى لتأسيس هذه الحركة النسوية من داخل مجالسنا للدفاع عن كينونتنا كنساء مستشارات همهن الوحيد ترجيح مصلحة المواطن على أي حسابات أخرى كيفما كانت وبالتالي تذويب ألواننا السياسية داخل هذا التكتل بصفة المؤنث لخدمة كل ما هو جمعوي وإنساني بالدرجة الأولى..«. وذكرت الزرهني أن من بين أهم الأهداف التي ينص عليها القانون الأساسي للجمعية وهي الاهتمام بالمجالات الاقتصادية والاجتماعية، الثقافية، البيئية، الفنية والرياضية والنهوض بأوضاع الأسرة والأشخاص المعاقين والدفاع عنها طبقا للعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. رجحن الاجتماعي على السياسي ليتقربن من المواطن ترجيح الاجتماعي على السياسي والتقرب من المواطن بلسان الفاعلة الجمعوية أكثر منه بلسان المستشارة المنتخبة، يحيل على التساؤل حول ما إذا كان الكرسي بمجلس المدينة غير كفيل بضمان نجاح مهمة هؤلاء المستشارات ليكن في مستوى طموح منتخبيهن؟ ولم اللجوء إلى صياغة جمعية جديدة لخدمة المواطن رغم كون جلهن كن سابقا ولا يزلن ينشطن في جمعيات مدنية أخرى بالإضافة إلى انخراطهن ضمن الهيئات الجمعوية الموازية لأحزابهن؟ وعن هذه التساؤلات ردت نائبة الكاتبة العامة »عزيزة الشبلي« قائلة »إننا كنساء لم نستطع تحقيق هذه الأهداف من خلال موقعنا كمستشارات، وهنا نكشف حقيقة كبرى تتمثل في كون السياسي يحجم مجهوداتنا أحيانا، فالحقل لازال يسيطر عليه الرجل ولو تقلصت كفاءته بالمقارنة مع زميلته المستشارة، وبالتالي أصبحنا نرنو الى التكتل والتآزر، خصوصا وأن فكرة الجمعية ربطت بيننا صداقة وعلاقة وطيدة بعيدة عن كل الحسابات الحزبية، وبناء عليه ارتأينا أن نؤسس هذه الجمعية لنجعل السياسي مكملا للجمعوي دون أن يكون هناك تماهي فيما بينهما..«. وأكدت الشبلي أن عضوات المكتب سطرن خطوطا حمراء تحدد حدود التعامل من داخل الجمعية دون السقوط في خلط الأوراق بما هو انتماء حزبي، مذكرة أن نشاط الجمعية سيستهدف ما هو ثقافي، إبداعي، فكري واجتماعي إنساني والتصدي لما يعرقل نماء المجتمع ورقيه، في جو من التآزر والحب واحتراف ثقافة الحوار الجاد. كما أكدت النائبة الثانية للرئيسة »سليمة الزيداني«، أن انضمامها للجمعية مرتبط باحترامها للأهداف السامية للعمل الجمعوي والتي لاتشيبها أهداف سياسية، وأشارت إلى السبب الحقيقي وراء تأسيس هذه الجمعية قائلة: »بما أننا لم نحظ بمناصب قرار ومسؤوليات ضمن لجن المجلس فقد وجدنا ضالتنا في تكوين جمعية حتى نتمكن من خدمة المناطق التي انتخبنا فيها، لخدمة الصالح العام من بابه الواسع دون أن نجد أنفسنا مغيبين عن ذلك، ونكون بذلك قد خلقنا حلقة وصل بين دورنا كمستشارات وكفاعلات جمعويات دون أي حسابات تعرقل نشاطنا بسبب انتماءاتنا المختلفة..«. وأضافت الأمينة العامة »رمحان نفيسة« أن جمعية عضوات مجلس المدينة بمختلف ألوانهن السياسية رسالة مفتوحة للإعلان أن مصلحة المواطنين فوق كل الحسابات السياسوية الضيقة، وأكدت أن النقاش الإعلامي الذي قادته العضوات في بداية السنة الجارية خير دليل على أن العضوات حريصات على الدفع بالشأن المحلي، وأن يكن في مستوى المسؤولية، وفي مستوى طموحات من سلمنهن أصواتهن بإخلاص وثقة تامتين. وكشفت أن تحقيق هذا الهدف ليس بالسهل خاصة وأن الانضباط الحزبي يفرض الرجوع الى الفريق الحزبي في بعض المواقف، لكن من خلال الجمعية يمكن التأكيد على أن الشأن المحلي لا لون سياسي له. ساجد لم يحدد بعد موعد اللقاء بنساء المجلس في حين صرحت »جميلة أوقلين «النائبة الأولى للرئيسة أن أهداف الجمعية لا تقتصر على ما هو اجتماعي بقدر ما تركز على الدفاع عن بعض الحقوق التشريعية ومناقشة الميثاق الجماعي في ما يتعلق بالمرأة وتدعيم تكافؤ الفرص وقالت »من خلال الجمعية سنحاول رفع تمثيلية المرأة ورفع حالات التميز التي تعاني منها داخل المجالس والمكاتب واللجان التابعة للمجالس المحلية، تعميم مبدأ الكوطا النسائية على جميع المجالس، تمكين النساء من مراكز القيادة داخل الأحزاب وداخل المجالس، تسهيل مأمورية المستشارات من طرف رؤساء الجماعات المحلية للقيام بدورهن في مجال التسيير الجماعي«. وكان اللقاء فرصة لمعرفة ما آلت إليه وعود 8 مارس التي وعد بها رئيس مجلس المدينة محمد ساجد المستشارات خلال استضافته لهن لحفل ببيته، تكريما لهن بعيدهن الدولي، وقد أكدت عضوات المكتب بالإجماع أنهن لا يزلن ينتظرن منه تحديد ذلك الموعد الذي طال أمده، بغية فتح حوار جاد حول إيجاد حلول للقضايا التي دفعت بالمستشارات لشن الحملة الإعلامية في بداية السنة الجارية. وعلى هامش اللقاء لمحت إحدى المستشارات أن مستشارتين فقط هما اللتان حظيتا بمنصبي قرار ضمن لجن مجلس المدينة.