لايوجد أي نص تشريعي ينظم مادة تأويل الأحكام وتفسيرها لا في القانون المدني ولا في المسطرة المدنية رغم أهمية هذا الموضوع بل وخطورته أحيانا. ويطرح هذا المشكل نفسه عندما يحتوي حكم ما على مقتضيات غامضة أو مبهمة أو عند ما يحاول طرف إيهام الناس وخاصة جهاز التنفيذ بأن الحكم غامض ويجب ألا ينفذ على هذه الطريقة أو تلك رغم أن الحكم واضح، ويكون الهدف من ذلك محاولة الحصول على حكم جديد عن طريق التأويل يناقض الحكم الأصلي إلا أن هذه المحاولات المشبوهة يكون دائما مآلها الرفض والفشل من طرف القضاء. ولعل السبب الذي دفع المشرع المغربي إلى عدم التدخل لسن نصوصه خاصة تنظم مسطرة تأويل الأحكام هو تمسكه بمبدأ التخلي الذي يمنع على القاضي أن ينظر من جديد في القضية التي أصدر حكمه فيها، اللهم إذا عرضت عليه عن طريق طعن ما. ولكن رغم عدم وجود نص تشريعي ينظم مسطرة تأويل الأحكام، فإن الاجتهاد القضائي هو الذي يملأ هذا الفراغ بإصدار قرارات وأحكام لملء هذا الفراغ كما أسلفت. شروط قبول دعوى التأويل: الشروط الواجب توفرها لقبول طلب التأويل هي مبدئيا هي نفس الشروط الواجب توفرها في كل دعوى أو في كل مقال طبقاً لما هو منصوص عليه في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية وهي الصفة والمصلحة والأهلية والرسوم القضائية.. إلخ. ولكن هناك شرطين مهمين استقر عليهما الاجتهاد القضائي، وهما: 1 - يجب أن يحتوي الحكم المطلوب تأويله على أجزاء غامضة أو مبهمة، ولا موجب للتأويل إذا كان الحكم واضحا. 2 - لاينبغي أن يكون طلب التأويل ذريعة لتغيير النية الحقيقية للقاضي والمس بمبدأ قوة الشيء المقضي به. فلا ينبغي أن تكون الغاية من طلب التأويل هي الحصول على حكم مخالف للحكم الغامض. كما لاينبغي أن يغير الحقوق التي اعترف بها للأطراف، وإنما يجب أن يقتصر الأمر على توضيح ما هو غامض وتفسير ما هو مبهم. من حيث الاختصاص: إن الحق في تأويل الأحكام يرجع مبدئيا إلى المحكمة التي أصدرته ما لم يكن موضوع إحدى طرق الطعن، فإذا وقع استئناف الحكم الغامض، فلمحكمة الاستئناف سلطة التأويل عملا بأثر الاستئناف الناقل. وفي حالة طلب النقض فإن سلطة التأويل تنتقل إلى المجلس الأعلى.