قضية القتل التي سنسرد تفاصيلها بمنطقة تطوان حيرت المحققين في أول الأمر، حيث كان الجاني ينكر في كل مرة ارتكابه للجريمة. والتهم التي وجهت للجاني الملقب ب « ولد الشريف» البالغ من العمر تسعة عشر عاما هي القتل مع سبق الإصرار والترصد المقرون باستعمال سلاح أبيض ( مدية)، مع عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر، وعدم التبليغ عن جناية والمشاركة. وتبدأ القضية عندما لقي « عبد الناصر. ل» مصرعه بمصحة خاصة بتطوان، بعد أن تعذر على الفريق الطبي إنقاذه بعد إصابته في القلب مباشرة، حيث تم إبلاغ الشرطة القضائية بوجود شخص في حالة حرجة بالمصحة المذكورة، فانتقلت توا إلى هناك فرقة من الأبحاث التابعة للمصلحة المذكورة، إلا أنها وجدت الضحية قد فارق الحياة، ما جعل الأمر يزداد تعقيدا على مستوى اشتغال الفرقة المعنية بالبحث في هذه القضية، التي كان عناصرها يرغبون في الوصول إلى الضحية وهو لازال على قيد الحياة، وذلك لمساعدتها، بهذا القدر أوذاك على معرفة القاتل. لم يكن أمام عناصر الشرطة القضائية من أمر سوى فتح تحقيقات في هذه القضية، حيث ذكرت إحدى الممرضات أوصاف الشخص الذي رافق الضحية إلى المصحة، ونوع اللباس الذي كان يرتديه، ومن خلال هذه المعلومات شرع المحققون في عملية تمشيط الموقع المجاور للمصحة ليتم بعد ذلك إلقاء القبض على المدعو ( ر.ز) البالغ من العمر واحد وعشرين سنة، وهو نفس الشخص الذي رافق الضحية. وعند مواجهته من طرف المحققين، روى تفاصيل ماجرى أمام عينيه، حيث وجه الاتهام إلى (ب.ط)، بقوله في المحضر إنه تعرف على الطرفين في دوار صدينة بضواحي تطوان، حيث كانا ينشب بين الاثنين عراك، يستمر على مر الأيام، بين الضحية والمتهم (ب.ط)، خصوصا في ليالي الزفاف التي تشهدها جماعتهم القروية، والتي كانت في الغالب تنتهي بشجار بين مجموعتيهما، بيد أن طابع البادية، يضيف (ر.ز)، كان يدفع الأهالي للتدخل قصد منع تطور معظم الشجارات التي كانت تحدث في الدوار، إلا أنه في اليوم الذي سبق تنفيذ الجريمة، نشب شجار عنيف وتدخل الأهالي وفكوا النزاع، لكن الطرفين مثلما يحدث في بعض الأفلام السينمائية تواعدا على الالتقاء خارج الدوار لتصفية الحسابات فيما بينهما، بعيدا عن تدخل أي أحد، ليتصارعا وجها لوجه، الأمر الذي استجاب له الجميع بمن فيهم أصدقاء الاثنين، وإن كان الاتفاق ينحصر عليهما شخصيا دون مناصرة من أي طرف. في يوم الحادث نزل الجاني في الصباح الباكر إلى مدينة تطوان، حيث اتخذ له مكانا على كرسي حجري داخل حديقة الجامعة العربية، بينما قام الضحية بالالتجاء إلى كل من ( ر.ز) و (ع.ز) و(م.د) لمساندته، ووقف الجميع بنفس الحديقة لمتابعة العراك، وأيضا لمؤازرة الضحية في حالة تدخل أي شخص آخر لعدم الثقة في الجاني، بيد أن الثلاثة ظلوا كلهم بعيدا عن مسرح الجريمة، على اعتبار أن السرعة التي نفذت بها الجريمة لم تمنح أي أحد فرصة للتدخل، بحيث أن الضحية اختار ان يواجه خصمه عوض غدره من الخلف، لذلك سلك طريقا آخر غير الذي سلكه أصدقاءه، واقترب على مهل من الجاني، وحالما وقف الضحية على بعد أمتار من خصمه حتى ارتمى عليه الجاني الذي كان مسلحا بمدية من الحجم المتوسط وغرزها في قلبه، ثم لاذ بالفرار. الاستماع إلى تفاصيل ماجرى في هذا الحادث من طرف فرقة الأبحاث بمصلحة الشرطة القضائية جعلها تستعين في هذه القضية بالشاهد الوحيد الموقوف بالقرب من المصحة الذي أرشدهم إلى بيت الجاني، وبناء على ذلك، انتقلت الفرقة المذكورة بمؤازرة من رجال الدرك الملكي إلى بيت أسرة الجاني بحثا عنه، وكذا عن أداة الجريمة. لكن العملية باءت بالفشل حيث لم تستطع الفرقة تشخيص المعني بالأمر، شيء واحد مكنها من اعتقال الجاني هو حصول المحققين على صورته الفوتوغرافية التي سهلت عملية اعتقاله بعد أيام قرب جماعته، هائما على وجهه بدون هدف. وعندما تمت مواجهة الجاني بما اقترفت يداه، أنكر مانسب إليه، واستمر في الإنكار مصرا على أن لاعلاقة له بالجريمة، إلا أن تعدد قرائن الإدانة في حقه، ومنها الشهود الثلاثة ساهمت في اعترافه حيث أكد أن نية الانتقام من الضحية هو مادفعه إلى قتله بواسطة مدية لوضع حد للشجارات المتتابعة.