لقد شكل اجتماع اللجنة المركزية للحزب في دورتها الأولى بعد المؤتمر العام الخامس عشر للحزب مناسبة لفتح نقاش واسع وعميق في قضايا الساعة انطلاقا من العرض الشامل الذي قدمه الأخ الأمين العام الأستاذ عباس الفاسي، بما فيها مسألة إعادة الاعتبار للعمل السياسي الذي ظلت على الدوام إحدى اهتمامات الحزب انطلاقا من تمسكه بالاختيار الديمقراطي كاختيار استراتيجي وأرضية ضرورية لترسيخ الصرح الديمقراطي القائم على دولة الحق والقانون والمؤسسات وربح رهانات التنمية الشاملة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية. لقد آمن حزب الاستقلال على الدوام بأن عملية التأهيل السياسي الشامل التي يتطلع إليها الشعب المغربي وعبر تأهيل الأحزاب السياسية وتغيير نظرة الجهاز الإداري إليها والتعامل معها على اعتبار أنها ضرورة ديمقراطية بالنظر للدور الذي خوله إياها الدستور والمتمثل في تنظيم وتأطير المواطنين وتمثيلهم من خلال إشراكهم الفعلي في الحياة السياسية وتدبير الشأن العام على الأصعدة المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية من خلال انتقاء نخب مؤهلة تتحمل المسؤولية بكل أمانة ونزاهة. كما آمن حزب الاستقلال بتمسكه بمبدأ التعددية الحزبية كمقوم أساسي من مقومات الديمقراطية ودعامة أساسية للحريات العامة وحقوق الإنسان في إطار مشهد سياسي معقلن وغير متشتت بعيدا عن مظاهر التناسل العشوائي للأحزاب واختلاق كيانات حزبية مجهرية ومناسباتية على حساب المسار الديمقراطي بشكل يضمن للمؤسسة الحزبية مصداقيتها وللعمل الحزبي قوته ومناعته والانتقال به من جهاز انتخابي إلى مؤسسة تأطيرية وتكوينية وتنظيمية كفيلة باستيعاب النخب الجديدة المتشبعة بروح المواطنة وفضائل خدمة وتدبير الشأن العام بكل مسؤولية. وإذا كان قانون الأحزاب السياسية يشكل إطارا تشريعيا متقدما يضمن للهيئات السياسية تحقيق البعد الديموقراطي في التأسيس والتنظيم والهيكلة والتسيير والتدبير وتمكينها من الدعم المالي القار ومساعدتها على خوض الاستحقاقات الانتخابية، فإن تأهيل المشهد السياسي وتحصينه من البلقنة التي تحول دون قيامه بدوره الدستوري وتمكين الهيئات السياسية الوطنية الديمقراطية من المناعة اللازمة لتحصين المكتسبات وترسيخ مواطن القوة في المسار الديمقراطي التنموي والتصدي لمكامن الخلل فيه، يقتضي ضمان الفرص المتكافئة للأحزاب وعدم التدخل في شؤونها وحماية استقلاليتها، إزالة كل العراقيل والعوائق التي تحول دون قيام الهيئات السياسية بالأنشطة التي تعزز الدور الذي ينيطه بها الدستور، فتح باب تحمل المسؤوليات في مؤسسات الدولة العمومية وشبه العمومية أمام الكفاءات الحزبية قصد تشجيعها على الانخراط في العمل الحزبي انسجاما مع توجهات جلالة الملك عندما أكد جلالته على إعادة الاعتبار للهيئات السياسية اقتناعا من جلالته بأنه لا ديمقراطية فعلية وملموسة إلا بوجود أحزاب قوية ومسؤولة وعلى ضرورة تقوية العمل السياسي القائم على المشاركة المسؤولة للأحزاب السياسية الجادة في حسن تدبير الشأن العام على أساس نتائج الاقتراع، معتبرا جلالته أن توطيد الصرح الديمقراطي وتعزيز دولة المؤسسات والحق والقانون لن يكتمل إلا بإزاحة عوائقه الهيكلية المتمثلة في القضاء على الأمة والفقر وتقوية دور الأحزاب السياسية كما جاء في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية 2009/2008.