تستمر اليوم وإلى غاية 19 من هذا الشهر الأيام الدراسية لفائدة القضاة في مجال تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالمنافسة المنظمة بين الوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون الاقتصادية والعامة ووزارة العدل وبدعم من ألمانيا والاتحاد الأوروبي. وكانت هذه الأيام الدراسية قد افتتحت أمس بالمعهد العالي للقضاء بالرباط. بحضور وزير العدل محمد الناصري والوزير المنتدب المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة نزار بركة ورئيس مجلس المنافسة علي بن عمور وسفير الاتحاد الاوربي إنيكو لاندبورو وسفير جمهورية ألمانيا أولف دايتر كليم. وقد أكد وزير العدل في الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية على أهمية هذه الأيام الدراسية في تكوين القضاة في مجال المنافسة مشددا على دور القضاء في توفير الآليات القانونية لضبط المنافسة. وأشار أيضا إلى انتظارات بلادنا في هذا المجال أخذاً بعين الاعتبار الاصلاحات الاقتصادية والانفتاح الذي تعرفه بلادنا. وأكد نزار بركة الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة أن الوزارة تتوخى من خلال هذه الأيام مد جسور التواصل بين مختلف الهيئات الفاعلة المطبقة للترسانة القانونية للمنافسة بالمغرب، وخاصة الهيأة القضائية نظرا للدور الأساسي الذي تضطلع به في الحفاظ على شفافية السوق، والتصدي لكل مس بقواعد المنافسة الشريفة، وبالتالي تكريس دولة الحق والقانون في الميدان الاقتصادي ببلادنا. وأضاف أن قانون المنافسة يمثل أحد الركائز الأساسية لاقتصاد السوق الذي اعتمدته بلادنا والمبني على حرية المبادرة والشفافية في المعاملات والمنافسة الشريفة، سواء فيما بين المقاولات، أو بين هذه الأخيرة والمستهلكين. كما أكد على التأثير الإيجابي للمنافسة الشريفة في النهوض بأداء المقاولات والرفع من جودة منتجاتها وخدماتها مما يساهم في التنمية الاقتصادية للبلاد. هذه التنمية الاقتصادية التي يرتهنُ تحقيقها بإرساء مناخ للأعمال يضمن لجميع الفاعلين الاقتصاديين نفس الحقوق ويلزمهم بنفس الواجبات، ويستوجب محاربة كل الممارسات التمييزية أو التعسفية المنافية لمبدإ تكافؤ الفرص وقواعد التنافس الشريف. وأضاف أن الإستراتجية التي اعتمدتها الحكومة للنهوض بالاقتصاد الوطني قد جعلت من تحسين مناخ الأعمال ضمن محاورها الأساسية، بحيث تم إحداث لجنة وزارية تحت رئاسة السيد الوزير الأول تسهر على بلورة وتطوير وتتبع الإجراءات الكفيلة بتحسين مناخ الأعمال ببلادنا. وأشار الى أن مجال المنافسة ببلادنا شهد دينامية جديدة خلال السنتين الماضيتين، وذلك تفعيلا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله ونصره، حيث شدد، في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2008، على ضرورة تعزيز الآليات اللازمة لضمان التنافسية المفتوحة، وحماية حرية السوق. كما أكد جلالته نصره الله على وجوب توفير الآليات التشريعية الكفيلة بحماية حرية المبادرة، وضمان المنافسة النزيهة. وفي هذا الصدد، قامت الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالشؤون الاقتصادية والعامة بمراجعة مقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة، وذلك بما يتلاءم مع تطورات الظرفية الاقتصادية الوطنية والدولية. وتتعلق المقتضيات الجديدة في القانون رقم 08-30 الذي صادق عليه البرلمان، والذي صدر بالجريدة الرسمية، أساسا بمسطرة تقنين الأسعار، وبالعقوبات الخاصة بالمخالفات في هذا المجال. وأشار نزار بركة أنه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، فقد تم اتخاذ تدابير مهمة تمثلت في تفعيل المؤسسات الموكل إليها تطبيق هذا القانون ودعمها بالموارد المادية والبشرية اللازمة لتمكينها من الاضطلاع بمهامها على أكمل وجه. وهكذا تم تعيين رئيس وأعضاء جدد لمجلس المنافسة. كما تم إحداث وتنظيم مديرية المنافسة والأسعار حتى تتماشى والدور المنوط بها طبقا لقانون حرية الأسعار والمنافسة. وموازاة مع الحملات التحسيسية التي تقوم بها كل من وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة ومجلس المنافسة من أجل تطوير ثقافة المنافسة ببلادنا، تم إنجاز عدة أبحاث ميدانية حول المنافسة من قبل مديرية المنافسة والأسعار انبثقت عنها قرارات من شأنها تنظيم أسواق القطاعات التي همتها هذه الأبحاث وترسيخ مبادئ التنافسية الشريفة بها. كما تم الترخيص لبعض عمليات التركيز اعتبارا لقيمتها المضافة في السوق الوطنية ومساهمتها في دعم تنافسية النسيج الإنتاجي الوطني. وسيرا على هذا النهج الرامي إلى تطوير قدرات المؤسسات والموارد البشرية الساهرة على تطبيق قانون حرية الأسعار والمنافسة، وفي إطار دعم اتفاق الشراكة بين بلادنا والاتحاد الأوربي، تم في أواخر 2007، عقد اتفاقية توأمة مؤسساتية بين وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة والوزارة الفيدرالية الألمانية للاقتصاد والتكنولوجيا، تستفيد بمقتضاها سلطات المنافسة ببلادنا من الخبرة المتراكمة لدى الشركاء الألمان في ميدان المنافسة، وكذا من دورات تكوينية في هذا المجال. وفي هذا الإطار، تم تنظيم عدة ورشات في ميدان المنافسة لصالح أطر مديرية المنافسة والأسعار وأعضاء وأطر مجلس المنافسة. وأكد نزار بركة أن هذه الأيام الدراسية لفائدة السيدات والسادة القضاة تأتي ضمن البرنامج المسطر في اتفاقية التوأمة باعتبار الدور الرئيسي الذي تضطلع به المؤسسة القضائية في إنفاذ قانون حرية الأسعار المنافسة. ورغبة في مأسسة عملية التحسيس والتكوين في مجال المنافسة، تنكب الوزارة حاليا على دراسة مشروع إنشاء مركز للأبحاث والدراسات والتكوين في المنافسة الذي سيكون إطارا للتفكير والبحث والتطوير في هذا الميدان. هذا، وحتى يتسنى للترسانة القانونية الوطنية الخاصة بالمناسبة مواكبة التطورات المطردة التي يعرفها هذا المجال على الصعيد الدولي، وأخذا بعين الاعتبار التزامات بلادنا مع شركائها الاقتصاديين ولا سيما الاتحاد الأوربي، فقد تم إنجاز دراسة مقارنة للتقريب بين المقتضيات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالمنافسة على الصعيد الوطني، والتشريعات المعمول بها في الدول الأوروبية. وفي انتظار ذلك، يبقى من الواجب يقول السيد الوزير في ختام كلمته لأجل التفعيل الأمثل للقانون، حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين، وتشجيعا منا للاستثمار، وحرصا في ذات الآن على جعل آليات السوق في خدمة الصالح العام لبلادنا. وأعطى عبد العلي بن عمور رئيس مجلس المنافسة لمحة تاريخية عن أهمية «المنافسة في مسار الحكامة الاقتصادية عبر التاريخ. وخلص إلى القول أن مجلس المنافسة وبعد احداثه أكثر من سنة يعمل بصفة مهنية كما يتوفر على إمكانيات العمل وقد حقق الكثير فيما يتعلق بالتحسيس بقضايا المنافسة. أما سفير الاتحاد الأروبي فقد ذكر بقمة غرناطة بين المغرب والاتحاد الأروبي وأشار في هذا الخصوص إلى الانجازات المهمة الذي حققها المغرب في المجالات السياسية والاقتصادية، وكذا الانفتاح الذي اختاره المغرب في المجال الاقتصادي والاقتصاد الحر. وعبر عن تفاؤله بقدرة المغرب على النجاح. وأشار سفير ألمانيا إلى أن التعاون بين بلاده والوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون الاقتصادية والعامة يعتبر أداة فعالة لتأهيل المؤسسات.