أعطى الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي أمس الإثنين فاتح مارس الجاري بالرباط إشارة البدء لانطلاق فعاليات »المنتدى الوطني حول الخريطة الصحية« الذي تنظمه وزارة الصحة على مدى ثلاثة أيام (3-2-1 مارس) ويشهد حضور أزيد من 250 مشاركا يمثلون المؤسسات التشريعية والقطاعات الوزارية وهيآت ووكالات دولية وممثلين عن بعض السفراء المعتمدين ببلادنا وفعاليات المجتمع المدني، ناهيك عن ممثلي القطاع الصحي العام والخاص. وفي كلمته الافتتاحية، رحب السيد الوزير الأول بالمشاركين وأشاد بالجهود التي تبذلها وزارة الصحة من أجل إيلاء العناية الخاصة بهذا الإصلاح الاجتماعي الذي يهدف إلى تقوية ولوج المواطنين المغاربة إلى الخدمات الصحية الأساسية، تجسيدا لقيم العدالة والمساواة. وقال الأستاذ عباس الفاسي إن وضع خريطة صحية وطنية تهدف الى تقليص الفوارق بين الفئات والجهات يأتي استجابة للتعليمات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الواردة في خطابه السامي المتعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي ترمي إلى توسيع الاستفادة من الإمكانات المتوفرة والخدمات والتجهيزات الاجتماعية. كما أوضح السيد الوزير الأول، أن هذا المشروع الحيوي الهام، جاء تنفيذا لإحدى الالتزامات الكبرى التي تعهدت بها الحكومة عند تقديم التصريح الحكومي بتاريخ 24 أكتوبر 2007. مضيفا أن بلادنا تحرص على السمو بقيم التكافل والتضامن في تعاطيها مع الملفات الاجتماعية، ومن ضمنها الملف الصحي، جاعلة من الحق في الصحة أحد المبادئ الرئيسية التي ترتكز عليها سياستنا الوطنية في المجال الصحي، ولهذا الغرض، تجند الحكومة اليوم كل طاقاتها وإمكاناتها لتنفيذها. وفي هذا السياق، ذكر الأستاذ عباس الفاسي بمشروع التغطية الصحية الأساسية الذي أرسى دعائم مشروع مجتمعي يرسخ لقيم التضامن والانصاف والعدالة في الولوج الى الخدمات الصحية، وأيضا، للأنسنة وتخليق التكفل والعلاج، انسجاما مع مضمون وفلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي وضعت المواطن في صلب التنمية المستدامة، مذكرا بالتجربة النموذجية التي أنجزتها الحكومة، والمتمثلة في إعطاء انطلاقة تنفيذ نظام المساعدة الطبية بجهة تادلة - أزيلال، يوم 4 نونبر 2008 والتي تم فيها تسخير كل الإمكانات المتاحة، والكفيلة بضمان شروط نجاح هذه التجربة، حيث تمكنا، يقول الوزير الأول، من إنجاز مجموعة من المشاريع التي تستهدف قطاع الصحة بهذه الجهة، مما مكنها من تلبية طلبات العلاج بشكل أحسن وبمقاربة أنجع. وجدد الأستاذ عباس الفاسي في معرض كلمته، التزام الحكومة بتعميم هذا النظام على كل الجهات، حيث تم تخصيص اعتمادات مالية إضافية في إطار القانون المالي لسنة 2010. وذلك بهدف البدء في أجرأة هذه العملية في الأفق المنظور. وفي إطار استمرارية نظام التأمين الإجباري على المرض، بدعم من الشركاء في هذا المجال، أعلن الوزير الأول أنه تم توسيع سلة العلاجات المتعلقة بأجرأة القطاع الخاص لتشمل العلاجات المتعلقة بأجرة القطاع الخاص لتشمل العلاجات الخارجية، ناهيك عن انخراط الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في اعتماد التعرفة المرجعية بالنسبة للعلاجات الخارجية، مما سيمكن من تخفيف العبئ المالي عن المؤمن. وفيما يخص توسيع قاعدة استفادة باقي الفئات من نظام التأمين الإجباري عن المرض، أعلن الأستاذ عباس الفاسي أن الحكومة منكبة على استكمال الإجراءات اللازمة لإحداث نظام تأمين خاص بالطلبة، كما أنها بصدد وضع التدابير الكفيلة برسم آفاق جديدة لنظام متعلق بالمستقلين وأصحاب المهن الحرة، كبديل لنظام »عناية« الذي لم يحقق الأهداف المتوخاة منه. كما ذكر السيد عباس الفاسي بالسياق الذي ينعقد فيه هذا المنتدى، والذي يشكل إصلاحا مؤسساتيا أساسيا في أفق تحقيق الجهوية الموسعة التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك محمد السادس يوم 3 يناير الماضي، بمناسبة تنصيب جلالته لأعضاء اللجنة الاستشارية للجهوية، والتي ستعطي الأولوية لأقاليم الصحراء المغربية كما أرادها جلالة الملك، مما سيمكن لامحالة من إعطاء دفعة جديدة لهذه المناطق في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وقال عباس الفاسي إن المغرب يسجل بفخر واعتزاز الأوراش التي يسهر جلالة الملك على فتحها في شتى المجالات، ولاسيما منها تلك المتعلقة بالقطاع الصحي، كالتغطية الصحية الأساسية، والإصلاح الاستشفائي، والسياسة الدوائية، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، ونظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود، مذكرا بالاستراتيجية القطاعية للفترة مابين 2008 و2012 والتي تروم إعادة التموقع الاستراتيجي لمختلف المتدخلين داخل المنظومة الصحية المغربية. ومن جانبها، قالت وزيرة الصحة، الأستاذة ياسمينة بادو إن تنظيم المنتدى الوطني حول الخريطة الصحية« يأتي تنفيذا للتوجهات الملكية السامية التي ترمي الى النهوض بقطاع الصحة كأولوية من ضمن الأولويات الوطنية الكبرى، شاكرة للوزير الأول اهتمامه البالغ بهذا القطاع، وداعية الى اعتماد كلمته التوجيهية القيمة لتكون إطارا استراتيجيا للتوصيات التي سوف تتمخض عن أشغال هذا المنتدى. وأكدت ياسمينة بادو أن عرض العلاجات ببلادنا يعرف من حيث الكم والكيف، وبجميع مكوناته ، تطورا سريعا، إلا أن هذا التطور غالبا ما تعترضه جملة من الإكراهات، مما أدى إلى وضعية تغلب عليها العديد من الاختلالات، ومن ضمنها: عدم التكافؤ في التوزيع المجالي للموارد المتوفرة. محدودية مردودية المؤسسات الصحية (خصوصا العمومية منها) ضعف مستوى التكامل بين مختلف المتدخلين في القطاع. قلة ملاءمة العرض للطلب. ضعف مواكبة مجهودات التسيير مع الاستثمار. وشددت السيدة الوزيرة على أن المغرب، على غرار باقي دول المعمور، كان لزاما عليه التوفر على منظومة صحية تعمل فيها المؤسسات الصحية العمومية والخصوصية بانسجام لتحقيق الأهداف الصحية، في إطار يتميز بالإنصاف والمساواة في الولوج للخدمات الصحية، وضمان جودة ومأمونية هذه الخدمات، وبالتحكم في تكاليفها. مؤكدة على أن وضع خريطة صحية ببلادنا، هو جزء لايتجزأ من مشروع القانون 34 04، حيث ينص في قسمه الرابع على إحداث خريطة صحية ومخططات جهوية لعرض العلاجات. ويحدد أهدافها في استقراء الوضعية المستقبلية لعرض العلاجات وتحفيز المتدخلين للعمل على تطوير هذا العرض بشكل يتيح الاستجابة على النحو الأمثل لحاجيات الساكنة من العلاج والخدمات الصحية وتحقيق الانسجام في التوزيع المجالي للموارد وتصحيح الاختلالات بين الجهات وداخل كل جهة. وحول الهدف من الخريطة الصحية المرتقبة، قالت وزيرة الصحة أنها تتجلى في عقلنة استعمال الموارد من طرف النظام الصحي، وتحديد الإطار الأمثل لتنمية مختلف مكونات عرض العلاجات (التجهيزات الأساسية والمعدات البيوطبية المتطورة والموارد البشرية) على المديين المتوسط والبعيد، دون إغفال الضبط والتنظيم الكمي والكيفي لعرض العلاجات. كما أضافت أن الخريطة الصحية تتضمن آليات تتيح التحكم في انتشار عرض العلاجات الصحية العمومية والخاصة، بحيث توجه السياسة الصحية نحو التكامل بين القطاعين الخاص والعام، وتجعلها وسيلة فعالة لترشيد الاستثمارات في الميدان الصحي. وقالت ياسمينة بادو، أن وزارتها، أجرت دراسة هامة شملت كافة التراب الوطني، واستهدفت بالدرجة الأولى، وضع مقاربة جديدة لتخطيط عرض العلاجات، التي ترتكز، ليس فقط على العامل الديمغرافي أو التقسيم الإداري، كما كان عليه الشأن من قبل، بل وأيضا، على ضمان الحد الأدنى من المردودية للموارد المسخرة، وعلى الحاجيات المعبر عنها من طرف السكان، وعلى خصوصيات كل منطقة، سواء كانت جغرافية، أو وبائية أو اجتماعية واقتصادية وثقافية وغيرها.. وأيضا، على محددات الصحة وعوامل أخرى تتيج التوزيع الأمثل للموارد الصحية. وحول دواعي تنظيم هذا المنتدى الهام الذي دعت إليه وزارة الصحة، قالت السيدة ياسمينة بادو أنه وعيا بأهمية الخريطة الصحية في تقويم الاختلالات التي تقوض كل الجهود لتطوير المنظومة الصحية المغربية جاءت مبادرة عقد هذا المنتدى الذي ينتظر منه دراسة الآليات وتبادل الآراء وتقديم المقترحات الكفيلة بتطويرها وضمان فعالياتها. مؤكدة أنه لإغناء هذا الحوار الهام والطموح، تم استدعاء خبراء دوليين في الميدان من بلدان مختلفة، مع الاستعانة بتجاربها في وضع وتدبير الخريطة الصحية، وذلك في إطار المحاور الآتية: الإطار العام للخريطة الصحية ويتضمن: نبذة تاريخية عن تخطيط عرض العلاجات وتقييم العلاجات تقييم الطرق السابقة المتبعة. الإطار القانوني المتعلق بوضع الخريطة الصحية. تجربة بعض الدول في مجال الخريطة الصحية، وخلالها سيتم عرض تجارب كل من فرنسا وإسبانيا وكندا. الاستراتيجية المتبعة لوضع الخريطة الصحية ببلادنا، ومن خلالها سوف يتم عرض مختلف الآليات التقنية التي تم تطويرها. التكنولوجيا العالية في المجال الصحي وتخطيط الأجهزة البيوطبية المتطورة.