أنجز مؤخرا معهد سيكمادوص باسبانيا استطلاعا للرأي تم نشره في العديد من الصحف والجرائد الاسبانية من بينها يومية (إل موندو) حول «صورة المغرب والمغاربة عند الإسبان» حيث كشف الاستطلاع الصحفي عن نظرة سكان الجار الشمالي في مجموعة من الملفات الأكثر حضورا في الأجندة الثنائية (سبتة ومليلية المحتلتان الصحراء المغربية الهجرة السرية المخدرات...). ففيما يتعلق بملف المدينتين المحتلتين أكد %70 في المائة من الإسبان أن حكومة مدريد مطالبة بحماية المدينتين أمام أي هجوم مغربي محتمل. مقابل 25 في المائة يرون أنه يجب إعادتهما إلى المغرب. وإن كانت هذه الفئة منقسمة بين طرفين طرف يرى أنه يجب إعادتهما بعد استعادة صخرة جبل طارق. وطرف آخر يقول بأنه يجب القيام بإعادتهما دون شرط أو انتظار. وفيما يتعلق بملف الصحراء المغربية أكد %70 في المائة من الإسبان أن الاستقلال الذاتي هو الحل لإنهاء التوتر. فيما أكد %14 في المائة منهم بأنها جزء لايتجزأ من السيادة المغربية. وبخصوص ملف المخدرات أكد معظم الإسبان أن المغرب لايتعاون مع سلطات جاره الشمالي لمحاربة تهريبه أو زراعته أما فيما يتعلق بالهجرة السرية فقد شكك المستجوبون في تعاون المغرب مع الاسبان للحد من تدفق المهاجرين السريين. واعتبر 50 في المائة من الإسبان أن المغرب يشكل خطرا على الأمن القومي الإسباني وأنه لايمكن أن يكون جارا صديقا مثله مثل فرنسا والبرتغال ولعله من خلال قراءة سريعة لنتائج استطلاع الرأي، نستشف ان عقلية المواطن الإسباني لم تتخلص بعد من رواسب الفترة الاستعمارية. كما لم تتخط الحواجز النفسية بالرغم من آفاق التعاون المفتوح بين المغرب وإسبانيا التي انتقلت من الرتبة 12 من بين زبناء المغرب الى الشريك التجاري الثاني الآن بعد فرنسا. كما أن 800 شركة إسبانية اكتشفت مؤخراً أن لها مجالاً فسيحاً في المغرب، إضافة إلى أن المغرب وإسبانيا يجريان مناورات عسكرية مشتركة بشكل دوري. مما يدل على حجم الثقة المتبادلة ومستوى العلاقات الثنائية. ويمكن الإقرار بأن وسائل الإعلام الاسباني هي التي تساهم في تكريس النظرة السلبية تجاه المغرب.والتي هي من إفرازات (الأفريكا نيسطانيس) المتغلغلين في الجيش و(الإطابيليشمنت) الثأري المشروط بالتحفظ من المغرب. ولعل عدة أحداث تاريخية لازالت تدرس في الكتب والمقررات الدراسية الإسبانية من قبيل حرب الريف الأولى (أمزيان) التي خلفت أسبوعاً دموياً ببرشلونة وحرب الريف الثانية بزعامة محمد بن عبد الكريم الخطابي التي أدت إلى ديكتاتورية (بريمودي ريفيرا) ثم مجيء الجمهورية وتمرد (يانو أماريليو) الذي أدى إلى نشوب الحرب الأهلية (1939-1936). كل هذه المعطيات التاريخية التي يتم تداولها وتلقينها للناشئة تزيد من تكريس الخطر القادم من الجنوب في اللاوعي الإسباني. وهذا ما يجعل الإعلام الإسباني مطالب ببذل جهد كبير لإيصال الحقيقة إلى الرأي العام، وتحسين صورة المغرب لدى الإسبانيين بعقلنتها لتكون مطابقة للواقع، وليس كما تصورها التخيلات.